– اردوغان فى مؤتمر كشف ملابسات مقتل خاشقجي اليوم برغم أنه نفى قطعيا رواية السعودية التى تفيد بأن سبب مقتل خاشقجي هو الشجار مع افراد القنصلية، وأكد على ان مقتل خاشقجي كان معد مسبقا عبر 15 شخصا بينهم عناصر استخباراتية سعودية دخلوا القنصلية يوم مقتل خاشقجي، وانتقد السعودية لعدم الكشف عن مكان جثة خاشقجي رغم اعترافها بمقتله، الا انه بحنكة السياسين ترك الباب مفتوحا امام السعودية لتحقيق أكبر كم ممكن من المكاسب السياسية وربما المادية، كي تظل كل الطرق امامه ممهدة للتحرك فى اوقت كما يريد هو.
فاردوغان اليوم القى كارت جديد امام السعودي على طاولة خاشقجي، بعد خطف مؤتمره الاضواء من “منتدى دافوس الصحراء” على مستوى الاعلام الدولي، والامر الاهم له بأن رئيس الدولة التى تحمل أكبر نسبة اعتقالات فى العالم ظهر امام الرأي العام بصاحب الديمقراطية والشفافية، وبات هو من ينتظر الامريكي رؤيته ويتمنى السعودي التفاوض معه، ولنا فى ذهاب جينا هاسبل مديرة الاستخبارات المركزية الامريكية لتركيا قبل مؤتمر اردوغان بساعات قليلة عبرة، فمازال اردوغان هو الاحسن استغلال لقضية خاشجي والاكثر ربحا، وان كانت القضية ستدخل يوما ما تسوية وينتهي الامر، فهو قد ينتهي مع تركيا او شخص ترامب ولكن لن ينتهي مع غيرهم، فحقيقة الامر خاشجقي سيكون صداع مزمن وليس وقتى.
وعندما نتأمل قضية مقتل خاشقجي بعمق مرة اخرى، سيظهر امامنا سؤال، وهو لماذا لم يقتل السعوديين خاشجقى مباشرة ولجؤوا لتعذيبه قبل قتله؟
ولا أريد أن يخرج علي المتسعوديين أكثر من السعوديين أنفسهم، ويقول لم يتم تعذيب، فلو لم يكن هناك تعذيب وما هو ابشع من التعذيب فأين الجثة أذا؟
فهل لدى خاشقجي شئ يمتلكه وكان السعوديين يريدون الحصول عليه؟ وهل هذا الشئ بات فى يد اردوغان؟
من هنا سندرك حجم ما يمتلكه أردوغان من أوراق للابتزاز السعودية، بنفس ادراكنا لغباء بن سلمان واصدقائه فى تنفيذ أغبى عملية اغتيال عبر التاريخ، ومسار سياسة السعودية الخارجية التى سيكون اردوغان أحد صانعيها، الا واذا تم تنحية محمد بن سلمان الذى بات عبئا على الدولة السعودية الثالثة، فى ظل رغبته من تحويل الدولة التى اختزلت فى قبيلة لاختزالها فى شخصه هو دون غيره، حتى أنه لم ياتى بولي لولي العهد حتى الان، وربما لن يأتى.
فاردوغان يمتلك كل شئ، وهو أكثر من لديه المعلومة والحقيقة، بعد أن أثبتت الايام صحة التسريبات الواردة من المخابرات التركية (التسريبات التى استمرت حتى قبل مؤتمر اردوغان بساعات وهو ما جعل البعض يظن بأنها سترى بالصوت والصورة ما حدث بداخل القنصلية عبر مؤتمر اردوغان)، التى لم تترك أي تفصيلة فى مقتل خاشقجي الا وطرحتها على الاعلام، بعد أن منحت المخابرات التركية قناة الجزيرة انتصار لا تستحقه بتفوقها على قنوات العربية وسكاي نيوز والمصرية بجانب الذباب الالكتروني السعودي مجتمعين معا، حتى أن لم يعد شئ لم تقوله المخابرات التركية سوى وضع بن سلمان فى يخته بجدة قبل ان يتوجه للرياض بعد الحادثة.
ومن هنا تستطيعوا معرفة لماذا من اليوم الاول للحادثة والصحافة التركية الناطقة بالعربية تجلد فى السعودية والامارات بكل وقاحة (كما هو قبل الحادثة أيضا)، بينما السعودية تتغنى وتثمن العلاقة مع تركيا كل يوم.
باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط