أوروبا
ملامح تنافس لخلافة ميركل في منصب المستشارية الألمانية
– أعطى إعلان انغيلا ميركل المفاجئ نيتها التخلي عن منصب المستشارة الألمانية لدى انتهاء ولايتها الحالية في 2021 الضوء الأخضر لانطلاق سباق خلافتها الذي يحظى بالاهتمام داخل ألمانيا وخارجها.
وأعلنت ميركل الاثنين أنها لن تترشح مجددا في كانون الأول/ديسمبر لزعامة حزبها الاتحاد المسيحي الديموقراطي (يمين وسط) بينما ستكمل ولايتها الرابعة في منصب المستشارية.
لكن الفترة الانتقالية التي حددتها ميركل تعد طويلة بالحسابات السياسية حيث يشكك حتى كبار الشخصيات في حزبها علناً في مدى قدرتها على البقاء في السلطة حتى انقضاء ولايتها.
وقال رئيس مجلس النواب الألماني ووزير المالية السابق فولفغانغ شويبله لإذاعة “دويتشه فيله” “لا تزال هناك ثلاث سنوات ضمن المدة التشريعية. سنرى إن كان الحال سيكون هكذا حقاً”.
وأضاف “لم تعد اليوم بالقوة التي كانت عليها في أوج فترة نجاحها، هذا واضح من نتائج التصويت”.
وأشارت عدة وسائل إعلام وطنية كذلك إلى إمكانية انقضاء حقبة ميركل قبل المتوقع.
وقالت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية “لم يعد الأمر يعود إلى ميركل وحدها في تقرير إن كانت ستحكم كمستشارة حتى العام 2021 ومن ثم تعتزل السياسة كما وعدت أم أن الأمور ستخرج فجأة عن سيطرتها”.
– مؤامرات –
وستشكل هوية الشخصية التي ستخلف المستشارة المخضرمة التي صعدت إلى السلطة قبل 13 عاماً وتولت قيادة حزبها منذ 18 عاماً عاملاً رئيسياً في تحديد مصيرها.
وبعدما أبلغت كبار المسؤولين في حزبها بنواياها، ذكرت تقارير أن ثلاثة مرشحين أشاروا إلى رغبتهم الترشح لتولي المنصب وهم أمين عام حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي انغريت كرامب-كارنبوير ووزير الصحة ينس سبان وزعيم مجموعة الحزب البرلمانية السابق فريدريش ميرز.
وأوردت وسائل الإعلام الألمانية كذلك اسم آرمين لاشيت، الذي يشغل منصب رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا.
لكن لاشيت أكد الاثنين أنه لم يعلن ترشحه حيث اعتبر أن “الأهم في هذا الوقت هو التفكير ومعرفة ما الذي تعنيه (مغادرة ميركل) الحزب والكيفية التي يمكن من خلالها ابقاؤه موحداً”.
ولفتت “دير شبيغل” إلى أنه “في حال فازت مرشحة ميركل المفضلة انغريت كرامب-كارنبوير في كانون الأول/ديسمبر، فستكون فرص ميركل في البقاء في السلطة جيدة” بينما إذا حصل أحد منتقديها على غرار سبان أو ميرز على المنصب فسيعني ذلك “على الأرجح انتهاء مستشارية ميركل بشكل أسرع”.
لكن ما لا شك فيه هو أن أسماك القرش تحوم حول المنصب. فبحسب صحيفة “بيلد”، يتآمر خمسة من كبار الشخصيات في الاتحاد المسيحي الديموقراطي ضد ميركل منذ أسابيع.
وكانت المجموعة تخطط لعقد محادثات لإجبار ميركل على المغادرة في حال لم تبادر هي بذلك بعد الانتخابات التي جرت في مقاطعة هيسن، بحسب “بيلد” التي لم تسم مصادرها.
إلا أن المستشارة استبقت الأمور وأعلنت قرارها غداة النكسة الانتخابية التي مني بها حزبها في مقاطعة هيسن.
وأكدت أنها لن تدعم أياً من المرشحين مؤكدة أنها ستقبل “بأي قرار ديموقراطي” يتخذه حزبها.
– تراجع –
وحظيت ميركل بدعم الألمان كضامنة لاستقرار وازدهار القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا بعدما قادت البلاد خلال أزماتها المالية ونجحت بخفض نسب البطالة لمستويات قياسية منذ توحيد ألمانيا.
لكن نفوذها تراجع منذ قرارها عام 2015 إبقاء أبواب ألمانيا مشرعة في ذروة أزمة الهجرة التي عاشتها أوروبا وهو ما جلب إلى البلاد أكثر من مليون طالب لجوء.
وخلف وصول أعداد كبيرة إلى البلاد هوة عميقة في المجتمع الألماني وغذى صعود حزب “البديل لألمانيا” اليميني المتطرف، ما أعاد رسم الخارطة السياسية للبلاد.
وإلى جانب الصراع الداخلي على السلطة ضمن صفوف الاتحاد المسيحي الديموقراطي والذي بإمكانه تحديد مستقبلها، قد يعجل شريكها الصغير في الائتلاف الحكومي — الحزب الاشتراكي الديموقراطي — خروج ميركل في حال اطاح بالحكومة قبل 2021.
وأدى تراجع شعبية الاشتراكي الديموقراطي إلى انقسامات داخلية في صفوف الحزب بشأن البقاء في الحكومة.
وبعد سقوطين في انتخابات محلية خلال أسبوعين، أشار الحزب الاشتراكي الديموقراطي إلى احتمال مغادرته في حال لم يلب ائتلاف ميركل اليميني الوسطي بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحلفائه البافاريين من حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي مطالبه.
وقالت زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي اندريا نالس إن حزبها سيقرر بحلول ايلول/سبتمبر 2019 “إن كانت هذه الحكومة لا تزال المكان المناسب بالنسبة لنا”. (أ ف ب)