أقلام يورابيا

العرب في مواجهة تاريخ من الأطماع الخارجية

د. عادل عبد الناصر

د. عادل عبد الناصر

مما لا شك فيه أن المنطقة العربية محط الاهتمام العالمي من قديم، وقد اهتم بها الغرب من قبل وصول نابليون إليها كونها ذات موقع متوسط بين القارات، وبما أنها تحتوي على مخزون ضخم من الطاقة الأحفورية، وخاصة البترول، فإنها أصبحت مطمعا للقوى الأجنبية الإقليمية كإيران وتركيا، والقوى الدولية كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا.
ما نراه من معارك في اليمن ليست إلا قوى أجنبية تتصارع على أرضها، وأيضا ما نراه على الأرض السورية من صراع بين روسيا والغرب. أما ليبيا فهي في الطريق إلى التقسيم بين إيطاليا وفرنسا لاحتوائها على مخزون كبير من النفط، وقد كانت أمريكا منذ قديم حريصة على وجود اسرائيل رأسا لجسر لها في المنطقة، وكان الربيع العربي فكرة جهنمية للدخول إلى المنطقة وإسقاط الأنظمة المتمردة على البيت الابيض.
كل هذا لم يكن كما يتظاهرون للدفاع عن حقوق الإنسان أو تشجيع الإسلام، وإنما كان دعما لجماعة الإخوان المسلمين، حيث ألقى الرئيس الأمريكي أوباما خطابا في جامعة القاهرة، بدأه بتحية باللغة العربية، ومن المؤسف أنه استقبل استقبال الأبطال وانطوت الحيلة على السذج، وهو ما يعيدنا إلى الأربعينيات من القرن المنصرم حيث كانت أمريكا تعمل على طرد بريطانيا من المنطقة، فكانت تنشر المدارس والجامعات الأمريكية بهدف السيطرة والهيمنة على المنطقة.
ثم لاحت لها الفرصة خلال أزمة السويس 1956، وكانت فكرة آيزنهاور هي ملء الفراغ الناتج عن خروج بريطانيا، لكن عبد الناصر كان واعيا للمؤامرة فكان الرفض، وجاء الدور الصهيوني لمواجهة المد القومي العربي.
في كل هذه الحلقات من تاريخنا المعاصر كانت الأهداف الحقيقية هي الأطماع في ثروة العرب النفطية، ثم كانت حرب 1967 لوقف المد القومي العربي الذي يتعارض مع فكرة السيطرة الامريكية، وبعد سنوات قليلة انفجر المارد العربي في حرب 1973، وكان قرار العرب بالحظر البترولي.
إن التصريح الشهير وبالغ الخطورة لكيسنجر وزير الخارجية الامريكي في ذلك الوقت حول بدائل الطاقة غاب عن الكثيرين في الوطن العربي، وبدأت إثره تتكون مراكز بحثية لتدرس كيفية السيطرة على منابع النفط، ولاحت لهم الفرصة في إذكاء نار الحرب بين إيران والعراق بعد أن كانت سنوات الرخاء قد هلت على العرب.
لكن مصانع السلاح الأمريكية وجدت الطريق للعمل خلال هذه الحرب الضروس، وما أن حل السلام في المنطقة بعد انتهاء الحرب بين العراق وإيران حتي جاء احتلال الكويت، والذي كان ضربة موجعة لكل العرب من جميع الأطراف والاتجاهات، وكانت نتيجته أن أصبح البترول العربي تحت السيطرة الامريكية لسنوات طويلة.
ثم كانت مباحثات أوسلو وما تمخض عنها من نتائج مخيبة للآمال، ثم جاء الربيع العربي حلقة اخيرة لاتمام السيطرة على أمة العرب ولتجد الامة العربية نفسها تائهة في الطريق.
لقد تحولت الصورة كثيرا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي النصير الطبيعي للعرب، واليوم يرقص الكيان الصهيوني فرحا، وطربا بالخلافات العربية البينية، وتتحقق أحلامه في زيادة رقعة الاحتلال، بينما ينكث وعوده بالوهم الذي يُسوق له باسم السلام.
لا بد من توحيد الصف العربي وإلا فإن أمتنا مقبلة على خطر وجودي محدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق