العالم

طهران تواجه العقوبات الأمريكية بحسن النية الدبلوماسية

 

– يبدو وضع إيران على صعيد علاقاتها الدبلوماسية أقوى مما كان في السابق في وقت تتحضر لإعادة فرض الحظر الأمريكي على النفط الاثنين.

وخلال آخر فترة عقوبات عاشتها الجمهورية الإسلامية بين العامين 2010 و2015، وقفت معظم دول العالم إلى جانب واشنطن لمساعدتها في تطبيق الحظر الهادف إلى تقييد برنامج إيران النووي.

وكان باراك أوباما في البيت الأبيض آنذاك حيث حظي باحترام واسع دوليا في وقت كان على رأس السلطة في طهران الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد الذي أغضب الغرب بمواقفه المثيرة للجدل كعقده مؤتمرات تنكر المحرقة اليهودية وقمع النظام الإيراني الشرس للاحتجاجات التي اندلعت عام 2009.

لكن مراقبين كثرا يرون أن إيران تتصرف بمسؤولية بينما أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذهول حكومات أوروبية وآسيوية عندما قرر التخلي عن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بعد جهود مضنية عام 2015 والتزمت طهران ببنوده.

وهناك ارتباط قوي الآن بين موسكو وطهران كحليفين عسكريين في سوريا في وقت ترى الصين في إيران حقل اختبار للكيفية التي ستتمكن فيها من مواجهة العقوبات الأمريكية بحقها كذلك.

وفي هذه الأثناء، واجهت القوتان الوحيدتان الداعمتان للموقف الأمريكي — السعودية واسرائيل — انتقادات متزايدة بشأن سلوكهما وخصوصا بعد قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.

وفي هذا الصدد، أوضحت المحللة المهتمة بالشأن الإيراني إيللي جيرانمايه من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه “في الجولة الأخيرة من العقوبات، كانت هناك رؤية ثنائية للغاية لإيران على أنها اللاعب الخبيث في المنطقة بينما تتوافق باقي (الدول) مع رغبات اللاعبين الأوروبيين وغيرهم”.

وأضافت “لكن هناك اليوم نقاش علني وأكثر تعقيدا بشأن بقية اللاعبين الإقليميين وإدراك بأن الجميع يلعبون لعبة قذرة للغاية في الشرق الأوسط. لا أحد يعتقد أن إيران قديسة لكن هناك نظرة أكثر دقة”.

– “انتحار دبلوماسي” –

تكمن المشكلة بالنسبة لإيران في مسألة ما إذا كان بإمكان حسن النية الدبلوماسية هذه أن تترجم إلى مكاسب ملموسة.

وبحسب صندوق النقد الدولي، دفعت العقوبات البلد إلى حالة ركود بينما يتوقع محللون أن تخسر على الأقل نصف صادراتها النفطية التي تعد غاية بالأهمية بالنسبة إليها بعد 5 تشرين الثاني/نوفمبر.

وتعمل أوروبا على آليات خاصة للمحافظة على تدفق التجارة لكن شركاتها الخاصة ليست على استعداد لاستعداء وزارة الخزانة الأمريكية.

وبالنسبة لكليمنت ثيرم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية “حتى ولو أبدى الأوروبيون نية حسنة وأوجدوا هذه الآليات البيروقراطية، فإن القطاع الخاص غير مهتم باستغلالها”.

إلا أن طهران تأمل بأن تحشد دعم الحكومات الأوروبية والآسيوية لتتمكن على الأقل من تخفيف وطأة العقوبات.

لكن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي أوضح أن إيران لن تنتظر إلى ما لانهاية في حال نفذت ميزات الاتفاق النووي الاقتصادية.

وقال ثيرم “إنه خيار بين السيء والأسوأ. خيار الانسحاب من الاتفاق النووي سيكون بمثابة انتحار دبلوماسي”. وأضاف “حتى ولو لم يكن الدعم السياسي من أوروبا وروسيا والصين مثاليا إلا أنه أفضل من لا شيء”.

إلا أنه أردف قائلا “لكن كرامة إيران ستصعب عليها للغاية المحافظة على الاتفاق في حال توقف الجميع عن شراء النفط أو خفضوا مشترياتهم”.

بدوره، أكد المحلل السياسي من جامعة طهران محمد مراندي ان المسألة لم تحسم بعد في أروقة الحكم الإيرانية.

وقال “هذه بالتأكيد ليست نهاية القصة. في حال فشل الأوروبيون في الوقوف في وجه تنمر الولايات المتحدة وواجه الإيرانيون مشكلات حقيقية في تصدير النفط، أعتقد أن إيران ستتجه نحو التخلي عن الاتفاق النووي”.

– عقبات في طريق الدبلوماسية –

شكلت الاتهامات بوضع مخططات لتنفيذ عمليات إرهابية واغتيالات ضد معارضين إيرانيين على الأراضي الأوروبية عقبة في وجه الدبلوماسية.

واتهمت كوبنهاغن هذا الأسبوع طهران بالتخطيط لتنفيذ هجوم تم احباطه ضد أعضاء مجموعة انفصالية عربية-ايرانية تتخذ من الدنمارك مقرا لها بينما أشارت فرنسا إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية خططت لاستهداف تجمع لمعارضي النظام الإيراني في باريس في حزيران/يونيو.

وتنفي إيران الاتهامات وتصر على أن أعداء الجمهورية الإسلامية ينشرونها سعيا لتقويض الاتفاق النووي.

وتبقى طهران واثقة بقدرتها على مواجهة العقوبات في وقت يشير محللون إلى خبرتها العميقة في استخدام الشبكات غير الرسمية والتهريب للمحافظة على تدفق الأموال.

إلا أن ما يقلقهم هو غياب النهاية الواضحة.

وطرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بدوره 12 مطلبا يهدف لتقييد نفوذ إيران في الشرق الأوسط، يرى المحللون أنها ترقى إلى مطالب تعجيزية لتغيير النظام.

وعلقت جيرانمايه على هذه المطالب بالإشارة إلى أنه “في عهد أوباما، كان للعقوبات هدف واضح وقابل للتحقق يتمثل بجلب إيران إلى طاولة المفاوضات لمناقشة المسألة النووية بشكل خاص”.

في المقابل، “تطالب خطة بومبيو المكونة من 12 نقطة بصورة أساسية باستسلام النظام (الإيراني) وهو ما يجعل الآخرين في حيرة بشأن الكيفية التي ستنتهي بها العقوبات”.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق