السلايدر الرئيسيتحقيقات

الحدائق القومية في القدس محرمة على الفلسطنيين

محمد عبد الرحمن

ـ القدس ـ من محمد عبد الرحمن ـ في عام 2013 هدمت جرافات إسرائيل منزل الفلسطيني خالد الزير في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، وعاد بعد عام ببناء منزل من الصفيح في أرض تمتلكها عائلته مساحتها 16 دونما في حي العباسية في البلدة، إلا ان مصيره كان الهدم، والأرض منع الزير من دخولها.
ومنذ ذلك الوقت لم تجد عائلة الزير المكونة من 8 أفراد مسكنا يأويها سوى السكن في كهف قديم كانت عائلته تسكنه قبل 57 عاما، إلا أن قوات إسرائيل تمنعها من الإقامة فيه، وما زال حتى اليوم يتنقل خالد الزير ما بين منزل والده الذي تبلغ مساحته 80 مترا، إذ تمنعه إسرائيل من إعادة بناء منزله المدمر، أو البناء في المناطق العامة المصنفة مناطق خضراء، أو استصلاح مساحة صغيرة في أرض عائلته للعيش فيها.
الزير سيبقى محروما من البناء كغيره من الـ 45 ألف فلسطيني في سلوان، فإسرائيل شرعت هذا المنع بموجب القانون، ليبقى محرما عليهم، ومحللا للمستوطنين، إذ وافق الكنيست صادق الكنيست الإسرائيلي في القراءتين الثانية والثالثة على قانون يسمح بالبناء الاستيطاني في أراض مصنفة حدائق وطنية بلدية شرقي القدس.
حديقة داود
ويعطي هذا القانون الجمعيات الاستيطانية حق التصرف في المساحات الخضراء والحدائق العامة شرق القدس، إذ يتلاءم ذلك القانون مع مقاييش مشاريع للبناء في الحديقة القومية “مدينة داوود” في سلوان، تشرف عليه وتنفذه مؤسسة إلعاد الاستطيانية.
ووفقا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية فقد اعترف عضو الكنيست من حزب الليكود يوآف كيش رئيس لجنة الداخلية في الهيئة العامة للكنيست، بأن القانون الذي اجتاز القراءة الثالثة بأغلبية 63 مقابل 41 صوتا، يهدف إلى مساعدة الجمعية المذكورة.
تشرد
يخشى خالد الزير اليوم وبعد قرار الكنيسة بشرعنة الإنشاء على الحدائق القومية لجمعية إلعاد الاستيطانية، من استمرار حالة التشرد التي يعيشها هو وعائلته، فمنزل والده يضيق عليه، ولم يعد يتسع عدد أفراد أسرته، خاصة أن إسرائيل تمنع البناء أو الترميم داخل المنازل المبنية سابقا.
ويقول الزير  بصوت مختنق،” أكثر ما يؤلمني هو مشهد بناتي وأبنائي الذين يضيق بهم المنزل الذي نقطن به حاليا، فابنتي رشا 10 أعوام تخاطبني دائما بأنها أكثر ما تشتاق إليه هو أن تجتمع هي وأشقائها لوحدهم على طاولة الغداء ولغرفة تضمهم معا، فكانت غرفتها تطل على المسجد الأقصى المبارك مباشرة”.
ويضيف،” كنت أعيش في بيت متواضع لم تتجاوز مساحته (60 مترًا)  بسعادة كبيرة ودفئ لم تنسه العائلة، لكن مخالب الاحتلال نالت منه في ساعات الفجر فبعثرت السعادة واقتلعت الزرع فيه، وبعد أن هدم الاحتلال بيتي انتقلت وعائلتي للسكن في كهف يقع تحب الجبل الذي يحمل ركام بيتي، وعندما بدأت في ترميمه قدمت سلطات الاحتلال وهدمت ما رممت، ولسوء حالة الطقس وتسرّب المياه من صخور الكهف، انتقلت للعيش في بيت والدي وشقيقي”.
سيطرة إلزامية
جمعية إلعاد الاستيطانية التي تعد المسؤولة المباشرة عن الاستيطان في الأماكن العامة والأثرية في القدس، وهي من عرضت مواصفات مشاريع بناء للمستوطنين على مساحات خضراء في الحديقة القومية في سلوان، وذلك بحسب مدير مركز معلومات وادي حلوة – سلوان جواد صيام.
ويؤكد أن القانون الجديد جاء بضغط من جمعية إلعاد، التي وضعت ثقلها لسن قانون يمكنها من البناء في أراض تصنفها حكومة إسرائيل “حدائق وطنية”، مشيرا إلى ذلك القانون يمكنها من تحقيق أهدافها في السيطرة الكاملة على بلدة سلون التي تسميها مدينة داوود، وكذلك مساعدتها في تطويق السور الجنوبي للقدس والمسجد الأقصى، كون سلوان تعد الخاصرة الجنوبية لهما.
ويقول جواد صيام،” إن مجرد الاستيلاء على المنازل العربية لا يمكن للجمعيات الاستيطانية من إحداث خلل ديمغرافي، فكان لزاما أن تسيطر جمعية إلعاد على مساحات واسعة من الأرض وتستوطن فيها، واستطاعت بالفعل سن هذا القانون الذي يمكنها من ذلك، بدعم كبير من حزبي الليكود والبيت اليهودي في الكنيست الإسرائيلي، اللذين يشكلان واجهة الحكومة”.
ويضيف أن،” جمعية إلعاد ومن خلال أنشطتها الكثيرة في القدس وبلدتها القديمة، يتضح عملها الحثيث من أجل تحقيق تلك الأهداف، وأبرزها الإسكان، من أجل العمل على إخلاء البيوت الفلسطينية من أصحابها وتسريب ملكيتها لصالح إقامة بؤر استيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية وإسكانها بالمستوطنين”.
حدائق جمعية إلعاد ستكون آداتها للمزيد من الأنشطة الاستيطانية
ويشير مدير مركز معلومات وادي حلوة في حديثه لـ”” إلى أن جمعية إلعاد تسيطر  اليوم على إدارة ثلاث مناطق أثرية على الأقل والتي تعرف بالحدائق القومية، وهي منطقة الآثار  “مدينة داود” أو بالعبرية “عير دافيد”، ومنطقة القصور الأموية، ومنطقة “موقف جفعاتي”، جميعها تقع على بعد أمتار قليلة جنوبي المسجد الأقصى.
وتشرف جمعية إلعاد، بحسب صيام، على ما يقارب 70 بؤرة استيطان في سلوان تقع أغلبها في منطقة وادي حلوة، وهي أقرب منطقة للأقصى، وتمول جمعية إلعاد الاستيطانية التي تنشط في بلدة سلوان بتمويل الحفريات الإسرائيلية في عدد من المناطق والسيطرة على أراضي الفلسطينيين ومنازلهم.
ووفقا لمدير مركز معلومات وادي حلوة، فقد هدمت إسرائيل في سلوان، التي تنتشر فيها 80 بؤرة استيطانية، نحو 22 منشأة منذ مطلع العام الحالي 2018.
شروط تعجيزية
ونظرا لما جاء في مشروع القانون الذي صادق عليه الكنيست، فمن الممكن تقديم مخطط لإقامة مبان سكنية في حديقة وطنية، وذلك بتوفر عدة شروط منها، أن تكون الحديقة الوطنية داخل مدينة، وأنه المكان حي سكني قبل الإعلان عنه كحديقة، وأن تكون الحديقة مخصصة لـتخليد قيم أثرية، وذلك بحسب جريدة هآرتس العبرية.
من جهتها تؤكد جمعية عير عميم الإسرائيلية المختصة بشؤون القدس، أن الهدف من مشروع القانون هو إحياء مخطط بناء استيطاني ضخم لجمعية إلعاد الاستيطانية، تم التحفظ عليه في سنوات التسعينيات، وكان يهدف لبناء 200 وحدة سكنية في المكان. كما تم تجميد مخطط بناء آخر قبل نحو عشر سنوات.
من جانبه، يقول عضو لجنة الدفاع عن أهالي سلوان فخري أبو دياب،” إن إسرائيل أطلقت مسمى الحدائق الوطنية على المساحات التي تلاصق سور القدس القديمة بمساحة 2.5 كيلومتر مربع، وصنفها مسطحات خضراء يُمنع البناء عليها”.
ويضيف أن،”  الحديقة الوطنية بمفهوم إسرائيل تقسم إلى3 أجزاء عادية وتلمودية وتوراتية، وحتى تُعلن حديقة وطنية يجب أن تجمع على ذلك لجان من سلطتي الآثار والطبيعة، وممثلين عن بلدية القدس، ووزارتي القدس والأديان في حكومة إسرائيل”.
ويؤكد عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، أن القانون الجديد لا ينص صراحة على منع الفلسطينيين من البناء في الحدائق الوطنية، لكنه يشترط شروطا تعجيزية مقابل الموافقة على رخصة البناء ثلاثة وزراء في حكومة إسرائيل، إلى جانب سلطتي الآثار والطبيعة ووزارة الأديان وبلدية القدس، مضيفا”، بالطبع لن توافق هذه الوزارات على أي بناء للفلسطينيين”.
لا يقتصر هذا القانون على أراضي بلدة سلوان وأحياءها بطن الهوى، ووادي الربابة، وعين حلوة، بل يشمل جميع الحدائق الوطنية في القدس، ابتداء من البلدة القديمة والمنطقة المسماة”الحوض المقدس”، التي تمتد من جبل المكبر إلى حي البستان جنوبا حتى حي الشيخ جراح شمالا والصوانة شرقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق