أقلام يورابيا

أوروبا لن تبقى كما هي فألامر أكبر من مجرد سترات صفراء

فادي عيد

فادي عيد

توقفت كثيراً عند زيارة برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا الاسبق بصحبة مسئولين أكراد للقامشلي السورية الاسبوع الماضي، وذكرتني تلك الزيارة بواقعة حدثت عام 2009 (أي قبل اندلاع الفوضى بسوريا بعامين) عندما زار وزير الدفاع الايطالي السابق ماريو مورو كردستان العراق، وخلال زيارته تفقد مساحات ضخمة انشئ عليها مباني كثيرة وورش كبيرة للبناء، فسأل مورو عن الهدف من انشاء تلك الابنية الكثيرة فى مكان يعد بعيدا عن التجمعات السكانية، فجائه الجواب بأنها للاجئين الحرب فى سوريا.

عموماً يبدو أن كل ما اذاقته فرنسا لسوريا سيرد لها اضعاف بل وللقارة العجوز بأكملها، وأن كان المكتوب ان تكون ضربة البداية فى وجه القاطرة (المانيا) عبر انقلاب عسكري على ميركل ولكن احبط الامر (كما أعلنت صحف المانيا)، وبعد صدامات حادة بين ميركل ووزير داخليتها أطاحت بالاخير، فعندما تأكدت ميركل أن هناك من يعمل على تدمير القارة العجوز وليس تفكيك الاتحاد فقط، وأنها امام موجة عالية لن يتمكن أي اوروبي من الوقوف فى وجهها، سارعت ميركل فى الاعلان بعدم تجديد ولايتها، كي يتم تصعيد فرنسا قبل المانيا ونرى “السترات الصفراء” على نفس لحن “الخوذ البيضاء” (سوريا) فى شوارع باريس.

الأمر لم يتوقف فى باريس بل انطلق الى مقر الاتحاد الاوروبي بروكسل، والأمس بداية اضرابات فى المانيا، ولا ننسى اسبانيا الذى تنبأنا لها بصحوة لاسلاميين المغرب العربي بها، وهلم جراً، ولا يفوتنا أن فى السبت الماضي طالب المتظاهرين الفرنسيين الخروج من الاتحاد الاوروبي، بعد أن طالبوا الرئيس ماكرون بالرحيل.

وأن كان الربيع الأوروبي قد بدأ، فلا يبدو ان الربيع العربي قد توقف فى الشرق الاوسط، فمنذ ساعات تم الاعلان عن تأسيس “غرفة الموك” جديدة بالاردن ولكن فى تلك المرة ليست غرفة استخباراتية كما التى تم ادارة الحرب على سوريا منها، ولكن غرفة ترتدي ثوب حقوق الانسان والديمقراطية، بعد أن أعلن في العاصمة الأردنية عمان أمس، عن تأسيس شبكة إقليمية للديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، تعنى بمراقبة مسار الديمقراطية وحالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتضم الشبكة مركز الحياة – راصد (الأردن)، وحركة بدائل مواطنة (المغرب)، وأضواء رايتس (الجزائر)، والمرصد العراقي لحقوق الإنسان (العراق)، ومركز مدارات – راصد (فلسطين)، والجمعية الكويتية لحقوق الإنسان (الكويت)، وشبكة ندى لحقوق الطفل (الجزائر)، وشبكة مراقبون (تونس)، وجمعية التحرير للتنمية (العراق)، وهيئة الساحل (موريتانيا).

ويا للصدف، فبالتزامن مع الاعلان عن تلك الشبكة، اطلق نشطاء اردنيون حملة “الشماغات الحمراء” على غرار “السترات الصفراء”، على اعتصاماتهم في محيط الدوار الرابع أمام رئاسة الحكومة في عمان.
وتطالب حركة “الشماغات الحمراء” التي دعا لها محتجون أردنيون، الحكومة لتخفيض ضريبة المبيعات على السلع الأساسية إلى النصف، وإعادة الدعم إلى الخبز، وعدم التلاعب بأسعار الوقود من خلال اعتماد الأسعار العالمية لتسعير المشتقات النفطية، وتخفيض تعريفة الكهرباء.
ونحن هنا لن نتهم أحد مسبقا، ولكن نتمنى ان نرى حقا وسط مئات المنظمات الحقوقية التى تؤسس كل يوم فى أوطاننا من هم يهتموا بحقوق الإنسان العربي فى الحياة فى العمل فى السكن …الخ، وليس بحقوق تدخل الغرب فى شؤوننا.

أخيرا وليس اخرا فى وسط تلك الاحداث الكثيرة المتشابكة المعقدة يستغل نتنياهو الفرصة ويصعد ضد لبنان، لبنان المتوتر داخليا بعد حرب “الحريري – وهاب”، بينما ينتظر فلاديمير بوتين سقوط نابليون الصغير.

باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق