السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

المغرب: رئيس النيابة العامة يصدر تعليمات صارمة من أجل حماية الحياة الخاصة للأفراد والعقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات

فاطمة الزهراء كريم الله 

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ تفاعل المغاربة مع دعوة رئيس النيابة العامة في المغرب، محمد عبد النباوي، إلى تطبيق صارم وسليم للقواعد القانونية الخاصة بحماية الحياة الخاصة للأفراد، وذلك في مراسلة رسمية وجهها إلى القضاة ورجال النيابة العامة.

ووجه عبد النباوي، منشورا إلى المحامي العام الأول لدى محكمة النقض والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك في المحاكم الابتدائية، يدعو فيها إلى التطبيق الصارم والسليم للقواعد القانونية، والحرص على تنزيل مقتضياتها الرامية إلى حماية الحياة الخاصة للأفراد، وفق ما كرسه دستور البلاد وحدده المشرع المغربي.

كما شدد عبد النباوي، على ضرورة التعاطي بإيجابية مع الشكايات المقدمة في هذا الخصوص، وتحريك المتابعات في حق المعتدين وفق ما يقتضيه القانون. موضحا أن التعليمات الجديدة تأتي في سياق دخول القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ والذي تضمن مقتضيات تتعلق بحماية الحياة الخاصة.

هذا وجاءت  تعليمات النيابة العامة، بعدما انتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الصور والفيديوهات الشخصية، التي التقطت خلسة في فضاءات خاصة أو التي يتم نشرها دون أخذ إذن مسبق من المعني بالأمر، و كان أبرزها هو تصوير نساء من داخل حمام عمومي.

ويمنع القانون الجديد، حسب ما جاء في المنشور، منع التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص، أو سري، دون موافقة أصحابها، علاوة على منع تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء وجوده في مكان خاص دون موافقته.

وأبرز المنشور، أنه لقيام أركان هذه الجريمة يقتضي استجماع العناصر التالية: أولا، استعمال أي وسيلة من الوسائل تمكن من تثبيت الصور أو تسجيلها أو توزيعها، ويدخل في حكمها آلات التصوير الفوتوغرافية أو الهواتف أو الحواسيب وعموما أي وسيلة تتيح إتيان تلك الأفعال. وثانيا، تواجد الشخص المعني بالصورة في مكان خاص، والذي يشمل كل مكان غير مفتوح في وجه العموم ولا يمكن ولوجه إلا بإذن أو موافقة من يشغله.

و بحسب المنشور، فإن من سيخالف القانون ستطاله عقوبة سجنية تتراوح ما بين ثلاث وخمس سنوات، وسيدفع غرامة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف و50 ألف درهم ( أي ما بين 500 و 5 ألاف دولار ).

ويرى حقوقيون، أن قضية نشر المعطيات المتعلقة بالحياة الخاصة للمواطنين هي قضية حقوقية بالدرجة الأولى، قبل أن تكون قضية قانونية، كونها تمس قيم احترام خصوصية الآخر داخل المجتمع.

في هذا الصدد، يرى عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن فضح المعطيات الحياة الخاصة للمواطنين، ظاهرة باتت رائجة  مرخرا على نطاق واسع، حيث أصبحت العديد من الفيديوهات الخاصة تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعكس الحاجة الضرورية لتفعيل القوانين لمواجهة هذه السلوكات والقطع معها.

ويعتبر الخضري، أن هذه التعليمات حتاج إلى تفعيل، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه نشر المعطيات والعبث بالحياة الخاصة للمواطنين. وأن النصوص القانونية، مثل قانون حماية المعطيات الشخصية الرقمية، والقوانين الخاصة بحماية سرية المراسلات الإلكترونية (ضمن قانون المسطرة الجنائية)، والقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، كلها قوانين تجسد مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلقة  بحق الشخص في عدم التدخل على نحو تعسفي أو غير مشروع في حياته الخاصة.

وبحسب مراقبين، فإن القانون من شأنه أن يضييق على فاضحي الفساد. ولتجاوز الإشكالات التي سترافق تطبيق مقتضيات هذا القانون. يرى رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، محمد العومي،  أن هذا الموضوع يجب أن يدرج ضمن نقاش عمومي حقيقي، وأن يكون تطبيقه مرفوقا بتوعية وتحسيس، بما يضمن احترام خصوصيات الناس، دون التضييق على حرية التعبير. مبرزا أنه يجب وضع مسافة واضحة بين الحياة الشخصية للمسؤول العمومي، حين يتولى مسؤوليته، وبين كونه مواطنا كباقي المواطنين، وعدم الخلط بين ما هو شخصي وما هو عام، فالمسؤول العمومي حين يتولى مسؤوليته يجب أن يكون تحت مجهر المساءلة والمحاسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق