السلايدر الرئيسيشرق أوسط

مرضى التليف الكيسي في غزة يعانون من المرض وتكاليف العلاج الباهظة

محمد عبد الرحمن

ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ بدأت علامات المرارة واليأس تسيطر على وجه المواطنة سلوى أحمد من سكان مدينة غزة وهي تتحدث عن معاناة معتصم 4 أعوام بمرض التليف الكيسي.

وتقول المواطنة “منذ اللحظة الأولى لولادة طفلي بدأت رحلة العذاب مع المرض الذي بدأت علاماته بمعاناة الطفل من ضيق في التنفس والسعال المستمر، مما اضطر الأطباء -مع زيادة تردي حالته الصحية-إلى إدخاله المستشفى، دون أن يتمكن أي منهم من تشخيص حالته المرضية إلا بعد أكثر خمس أشهر”.

وأضافت الأم وعبارات الخشية والقلق على مصير طفليها تتكرر في كلامها، “تفاجأنا باسم المرض النادر وطبيعته، وصدمنا من حجم الإجراءات والمستلزمات الواجب اتباعها للتخفيف من انعكاسه على صحة طفلي”، مشيرة إلى أن رغم ما تتبعه من جهود مضنية على صعيد العناية طفلها إلا أن وضعه يزداد سواء “بسب عدم توفر الأدوية بشكل كامل وقلة الرعاية الصحية للمرضى المصابين بهذا المرض”.

زواج الأقارب

ويعتبر مرض التليف الكيسي جينياً وراثياً متنحياً ينتج دائماً عن زواج الأقارب، ولا يعتبر الشخص مصاباً إلا إذا اكتسبه من أبوين مصابين بهذا المرض، حيث تكون الطفرة الجينية في “الكرومزوم السابع” مما يؤدي إلى حدوث خلل في أحد الجينات المتخصّصة بتنظيم محتوى الملح لإفرازات الغدد بالجسم، والتي تبدأ بإنتاج إفرازات لزجة وكثيفة تتسبّب في انسداد القنوات والمجاري التنفسية والمعوية والتناسلية والهضمية، محدثةً أعراضاً مختلفة.

ويعاني مرضى التليف الكيسي أو ما يعرف بالمرض القاتل في قطاع غزة من الموت البطيء في ظل غياب الرعاية الصحية، وعدم تقديم العلاج اللازم في المستشفيات، مما يشكل خطرا حقيقيا يهدد حياتهم، وفقا لما أوضحه مدير مركز مرض التليف الكيسي وعضو الاتحاد العالمي للتليف الكيسي أشرف الشنطي.

لم يكن الامر مغاير لدى أم أحمد( 45 عاماً)، وهى أم لطفل يعاني من نفس المرض الذي يعاني منه معصتم تقول في حديثها “للمجتمع” قبل عامين تم تشخيص مرض إني براء عندما كان يبلغ العامين ونصف العام تقريباً، وكانت علامات الاصفرار على وجهه ملفتة، ببداية الامر ظننت أنه مرض عادي ويزول بعرضه على طبيب يشخص حالته ويتناول دواءه مع مرور حوالي 10 اشهر اثبتت الفحوصات أنه مريض بالتليف الكيسي .

اضطرابات في النمو

وتضيف “شرح لي الطبيب أن هذا المرض لا علاج شافيا له وان ابنها سيفارق الحياة بعد أشهر عدة. وتوضح ان علامات المرض تظهر بين الفينة والأخرى، وأبرز ما يصيب اطفالها التعرق الشديد والاسهال المتكرر ووجود اضطرابات في النمو عوضًا عن المشاكل التي تصيب الجهاز التنفسي مسببة ضيقًا بالتنفس”.

وتوضح الأم أن العلاج مكلف وزوجها لا يعمل منذ عدة سنوات، وابنها يحتاج إلى 10 كبسولات من الكوريون يوميا، وحليبا مخصص يسمى (أنشور) لزيادة الوزن وتكلفة الحليب وحجم العلبة 250 مليمتر فهي تحتاج بشكل يومي لهذا النوع من الحليب، ليستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي.

أوضاع صحية صعبة

ويؤكد مدير مركز مرض التليف الكيسي أشرف الشنطي، أن المصابين بهذا المرض الذي يعرف أيضا “بضعف النمو أو المرض القاتل” يعانون أوضاعا صحية صعبة للغاية جراء النقص في كميات الأدوية المتوفرة لهم، وارتفاع أسعارها، فضلا عن حاجتهم لنظام غذائي ودوائي شامل ورعاية صحية خاصة.

وبين الشنطي أن أعراض المرض تبدأ بصفير متكرر في الصدر، وسعال مستمر وزيادة في إفراز مخاط لزج، والتهابات مزمنة بالرئة، وضعف النمو، نقص الوزن بالرغم من وجود شهية جيدة، الجفاف المتكرر، لاسيما بفصل الصيف، إسهال مزمن، براز متكرر برائحة كريهة يحتوي على دهون، تضخم وتعرج الأظفار وأطراف أصابع اليدين والرجلين، صعوبة الإنجاب في المستقبل بسب وجود خلل في الجهاز التناسلي للرجل فقط.

أسباب وأعراض

ويؤكد أن مرض التليّف الكيسي يظهر عند الحمل وتكوين الجنين، ولكن الأعراض لا تظهر إلا في السنة الأولى بعد الولادة ويصيب الأطفال من كلا الجنسين بالتساوي بنسبة 1-25%، إذا كان كل من الوالدين يحملان نفس جينات المرض، حيث أن نسبة حدوث المرض حالة واحدة لكل 2500 مولود وهي معدلات عالمية.

بسبب قلة المتابعة

وذكر أن المرض ليس جديدا، حيث تم اكتشافه في فلسطين عام 1971، ويصل عدد المصابين به في قطاع غزة أكثر من 140 حالة، وفي الضفة الغربية250 حالة، إلا أن الأعداد الحقيقية تزيد عن هذه الأرقام في ظل وجود حالات غير مكتشفة بسبب قلة المتابعة والتشخيص الدقيق لهذا المرض.

وحول كيفية معالجة مرض التليف الكيسي قال الشنطي” تتم من خلال المضادات الحيوية والتي تقضى على الميكروبات في حالة حدوث التهاب خاصة بالرئة، وإذا كان المريض يعانى من فشل في عمل البنكرياس, تبلع أقراص الإنزيمات “CREON” لتحل محل الإنزيمات الطبيعية وتؤخذ مع الطعام على شكل كبسولات قد تصل إلى أكثر من 60 كبسولة يوميا لتساعد على تفتيت الطعام ليسهل امتصاصه”.

وأضاف” يحتاج الطفل المصاب إلى نظام غذائي خاص ومتكامل أي يتناول أكثر من 50% من السعرات الحرارية التي يحتاجها طفل في مثل سنه، وكذلك كميات كبيرة من السوائل، وتناول بعض الفيتامينات خصوصا ADEK التي تساعد على امتصاص الدهون”.

وبحسب الشنطي، فإن المريض يحتاج للعلاج الطبيعي بشكل يومي لمدة 30 دقيقة, حيث يشمل العلاج رج القفص الصدري بواسطة اليد بعد تمديد المريض في أوضاع تسمح بخروج الإفرازات اللزجة لتنقية القنوات التنفسية، ويمكن أن يقوم بالعلاج أخصائي العلاج الطبيعي أو أحد الوالدين.

تكاليف عالية

وأوضح أن بروتوكول العلاج الطويل لهذا المرض مكلف جدا، حيث تبلغ تكلفة المريض الواحد لأكثر من 500 دولار شهريا، هذا عدا عن حاجة المريض لكميات كبيرة من الحليب الخاص يوميا.

وينوه مدير مركز مرض التليف الكيسي إلى أن عمليات الوفاة المبكرة لحاملي هذا المرض قلت بنسبة كبيرة عن السابق نتيجة التشخيص السليم للمرض وعملية التوعية والمتابعة المستمرة لأهالي المرضى، مشيرا إلى أن نسبة الشفاء من هذا المرض معدومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق