السلايدر الرئيسيتحقيقات
جرائم الاغتصاب تعيد الجدل حول عقوبة الإعدام في تونس
ـ تونس ـ خاص ـ كثرت الاعتداءات الجنسية في تونس في السنوات الأخيرة وكان أكثر ضحاياها من الأطفال والنساء وهزت العديد من حوادث الاغتصاب الرأي العام التونسي نظرا لبشاعتها ولانتهاء بعضها بقتل الضحية. وأعاد هذا النسق التصاعدي لهذا النوع من الجرائم الزخم للمطالبة بتنفيذ حكم الإعدام كأحد الأحكام الرادعة التي من شأنها أن تقلل من الاعتداءات الجنسية خصوصا على الأطفال وتجعل المعتدي يفكر في نتيجة الجرم الذي ينوي اقترافه.
وكشفت إحصائيات رسمية صدرت مؤخرا أن الدوائر الجزائية بالمحاكم الابتدائية بتونس بتت خلال السنة القضائية 2016-2017 في 196 قضية اعتداء جنسي، أي بمعدل 16 قضية شهريا دون احتساب العطلة القضائية. ووزعت هذه القضايا بين 61 قضية اغتصاب و135 قضية اعتداء بالفاحشة. وتشير ذات الإحصائيات إلى أنه خلال السنة القضائية 2015 – 2016 نظرت المحاكم الابتدائية في 101 قضية اغتصاب و174 قضية اعتداء بالفاحشة أي ما مجموعه 275 قضية. وأما السنة القضائية 2014 – 2015 فقد تم البت في 72 قضية اغتصاب و152 قضية اعتداء بالفاحشة أي بمجموع 224 قضية اعتداء جنسي.
يبدو أن السنة القضائية الحالية سوف تحمل عددا أكبر من قضايا الاعتداء الجنسي وتحديدا من جرائم الاغتصاب التي تترك أثرا كبيرا لدى الرأي العام التونسي خصوصا لو كانت ضحيتها التي تعرضت للعنف أو القتل فتاة أو ولدا صغيرا في السن وذلك تبعا للأخبار التي باتت شبه يومية مؤكدة وقوع جريمة اعتداء جنسي في تونس. ولما يثيره ذلك من حرقة ولوعة وإحساس بالظلم لدى عائلته والمحيط الاجتماعي بأسره في ظل تواتر الأحداث ما يجعل المسألة تصبح ظاهرة عامة لا تنحصر في أماكن أو فئات اجتماعية معينة.
العديد من هذه الجرائم رسخت في ذاكرة المجتمع والتي يسترجعها عامة الناس إبان وقوع جريمة مماثلة يتكرر فيها سيناريو العنف والوحشية وهو ما جعل جانبا واسعا من فئات المجتمع سواء كانت من النساء أو الرجال تطالب إما بتنفيذ حكم الإعدام كونه من الأحكام التي تصدر في تونس ولا يتم تنفيذها لا سرا ولا علانا أو تطالب بوضع قوانين وإقرار عقوبات رادعة لمرتكبي هذه الجرائم علهم يكونون عبرة لغيرهم ويسهم الزجر والعقوبة بالإعدام بالتالي في الحد من الاعتداءات الجنسية المرتكبة ضد الأطفال والنساء.
الداعون إلى تنفيذ حكم الإعدام على مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي وجل الجرائم البشعة يرون فيه الحل الأمثل للحد من نسب المعتدين إذ من شأنه أن يخلق نوعا من الشعور بالتردد وبالخوف من القانون ومن العقوبة في وجدان المجرمين أو من يعانون من اضطرابات نفسية وجنسية تدفعهم للاعتداء على شخص ضعيف لا يستطيع مواجهتهم وصدهم وعاجز عن الدفاع عن نفسه.
كما يعتبر هؤلاء أنه إذا تم تنفيذ حكم الإعدام في تونس عند وقوع هذه الجرائم وعندما يصدر من الدوائر القضائية لما تزايدت أعداد جرائم الاعتداء الجنسي وكذلك القتل بالنسق الذي شهده المجتمع في السنوات الماضية، لأن مرتكبي هذه الجرائم لا يخشون الموت إعداما فهم يدركون في قرارة أنفسهم أنه وإن حكم عليهم في أقصى الحالات بالإعدام فإنه لن ينفذ في حقهم ويمكنهم أن يعتبروا أنه حكم عليهم بالحبس مدى الحياة مثلا.
وفي الجانب الآخر يرفض طيف واسع من الحقوقيين والناشطين في المجتمع المدني والمثقفون تطبيق وتنفيذ حكم الإعدام في تونس كما ينددون بالمطالبة به معتبرين أن في ذلك ارتداد إلى الوراء في مجال حقوق الإنسان في تونس وعلى رأسها الحق في الحياة الذي يظل بوجهة نظرهم مقدسا مهما كانت الأخطاء والجرائم التي ارتكبها المتهم الذي يمكن حسب وجهة نظرهم إصدار أحكام قضائية قاسية في حقه من دون إنهاء حياته.
وبين الطرفين المطالبون بتنفيذ حكم الإعدام من جهة وبين الحقوقيين الرافضين لتنفيذ هذا الحكم على شتى أنواع الجرائم في تونس يتصاعد النقاش والجدل وتتسع رقعته من الفضاءات الخاصة إلى الفضاءات العامة ووسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي حيث يبلغ السجال درجة الدخول في نقاشات بيزنطية وتبادل للتهم والشتم.