السلايدر الرئيسيثقافة وفنون
التشكيلية العراقية ابتهال الخالدي تمد بلوحاتها جسور الثقافة والفن بين الشرق والغرب
سعيد عبدالله
ـ ميونخ ـ من سعيد عبدالله ـ لم يمنع انتقالها الى المانيا والعيش في بيئة جديدة تختلف عن البيئة التي ترعرعت فيها الفنانة التشكيلية العراقية ابتهال الخالدي عن ممارسة فن الرسم الذي عرفته منذ نعومة أظافرها، مشكلا نافذتها نحو تحقيق ما تسجله مخيلتها من مناظر واقعية وطبيعية.
تقف ابتهال الخالدي في مرسمها الصغير في زاوية من منزلها الذي يقع في مدينة ميونخ الألمانية، تمسك بيدها الفرشات وترسم لوحة تعبر بها عن حقوق المرأة ودورها البارز في المجتمع على أنغام الموسيقى التي باتت جزءا من طقوس ممارسة الرسم لديها منذ دخولها عالم الفن.
وقالت الفنانة ابتهال الخالدي في حديث لـ””: “أنا شخصية طموحة، لا وجود للمستحيل في قاموس حياتي، أنطلق نحو تحقيق الأهداف رغم كل الصعاب، وأحب تشجيع اهل الطاقات الذين لديهم ميول فنية”. دخلت ابتهال الفن من باب الرسم والخياطة والحياكة وصنع الاكسسوارات منذ بلوغها سن السبعة أعوام، ونمت معها هوايتها الى أن أصبحت فنانة تشكيلية تنافس فنانين أكبر منها سنا، فكانت ترسم الطبيعة والواقعيات في وقت كان العراق يخوض حربا ضروسا ضد إيران في ثمانينيات القرن الماضي، ورغم الظروف الصعبة في ظل الحرب الا أنها لم تستسلم وتمسكت بتحقيق حلمها بالدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، تابعت ابتهال “مرت عملية قبولي في أكاديمية الفنون الجميلة بصعوبات عدة، اسفرت عن تأخيري في الانضمام اليها لأكثر من تسعة أعوام مضت على تخرجي من المرحلة الإعدادية”.
وأردفت الفنانة ابتهال “مع دخولي لكلية الفنون الجميلة في بغداد بدأت فرشاتي تتطور وتنمو في محيطها الخاص، فانطلقت رحلة اللون من تلك اللحظة”، وأضافت “فن الرسم هو كل حياتي، ولا أستطيع الاستغناء عنه، واعتبره المتنفس لأعبر به عما بداخلي وأصقله على اللوحة”.
ورغم خوضها الرسم حسب المدارس التشكيلية المتنوعة، فإن ابتهال تعُد الطبيعة مدرسة لها، وتوضح بالقول “الطبيعة والتراث هما المسيطران على أعمالي، وهذا لأنني أعشقهما، التراث أحييه عن طريق الرسم على الزجاج والأزياء وبعض اللوحات، وأما الطبيعة فتتمثل في رسم الزهور التي أعتبرها أجمل شيء وأتصورها المرأة بجمالها”، مشيرة الى أن غالبية لوحاتها تناقش الى جانب الطبيعة قضايا تحقيق الأهداف والاحلام، لافتة “اهتم بقضايا المرأة ومعاناتها واحيانا يتحتم علينا مواضيع من ضمن المعارضة الهادفة او التوعوية يجب أن نعمل في صلب الموضوع”، مضيفة أن الفنان يجب أن يخوض الكثير من التجارب في اعماله لكن بأسلوبه الخاص.
وتعمل هذه الفنانة التشكيلية ومنذ وصولها إلى ألمانيا واستقرارها في مدينة ميونيخ على تعريف الألمان وأوروبا بشكل عام بالتراث الشرقي، وبجمال العمارة في الشرق من بيوت وأزقة وشناشيل والأبواب ونقوشها، وتزين الملابس والزجاجيات بالرموز الشرقية القديمة. وتقول عن تجربتها في ألمانيا “الغربيون يتذوقون الفنون الشرقية، عند مشاركتي في السوق الفنية التي أقيمت في ميونيخ، كان هناك إقبال كبير على أعمالي البغدادية والشرقية والتراثية”.
وأكدت الفنانة ابتهال أن الفنان يجب أن يكون ملهما ليعبر عن ذاته ومعاناته او ما يشعر به في اعماله من خلال بيئته او الأحداث المحيطة به، موضحة “الحب والاحتكاك هو الذي يخلق التجاذب العاطفي والروحي الذي هو مصدر الالهام مثلا الاحتكاك بالطبيعة والتأمل بمظاهرها او سماع ما يقوله الناس او الاوضاع والأحداث الذي يمر بها من حولك هذا ما يدخل الفنان في عزلة ليلهم ويتأمل ما سينتجه”.
ورغم ضعف الفن العراقي في أوربا بشكل عام وفي المانيا خصوصا، كما تصفه هذه الفنانة العراقية، وتحمل جمعية الفنانين العراقيين مسؤولية هذا الضعف، لكنها أشارت الى أن عملها وعمل الفنانين العراقيين الآخرين المغتربين ساهم في تعريف الالمان بالفن العراقي بحيث أصبح الجمهور الألماني يميز العمل العراقي عن غيره من الأعمال الفنية الشرقية الأخرى.
نالت ابتهال خلال السنوات الخمس الماضية عضوية جمعية التشكيليين والنقابية الألمانية وانضمت إلى المدارس النموذجية وبدأت بتدريس الرسم الشرقي في صفوفها، إضافة الى اهتمامها بالديكور المنزل الذي تمزج فيه بين الثقافتين الشرقية والغربية.
واختتمت الفنانة ابتهال حديثها بدعوة الفنانات العراقيات الى الابداع في مجالهن، وأردفت “لكل امرأة طاقة إبداعية وقدرة في إظهار هذه الطاقة، لكن هذا يحتاج الى الإصرار والتحدي والصبر والابتعاد عن استنساخ اللوحات الاوربية ونقل أحداث وتاريخ وثقافة الشرق الى العالم بحيث نجعل الأوربيين ينقلون فننا الشرقي إليهم”.