تحقيقات
هل تنهي الانتخابات في بنغلادش الحرب بين حسينة واجد وخالدة ضياء؟
ـ دكا ـ يبدو أن رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد في طريقها للانتصار في مواجهتها القديمة مع منافستها خالدة ضياء المريضة والمسجونة في حربهما التي شكلت ميزانا للحياة السياسية في هذا البلد منذ ثلاثة عقود.
ومنذ تسعينات القرن الماضي، تناوبت السيدتان اللتان تحمل كل منهما لقب “بيغوم” على السلطة وتتواجهان بشراسة للسيطرة على هذا البلد الواقع في جنوب آسيا ويبلغ عدد سكانه 160 مليون نسمة. لكن مع الاقتراع الذي ينظم خلال الأسبوع الجاري، يبدو أن بنغلادش تطوي صفحة من تاريخها.
وعلى الرغم من ميولها الاستبدادية في السنوات الأخيرة، يتوقع أن تفوز الشيخة حسينة (71 عاما) بلا صعوبة بولاية رابعة – الثالثة على التوالي منذ 2009 – كما تكشف استطلاعات الرأي.
في الوقت نفسه، تمضي عدوتها اللدودة عقوبة قاسية بالسجن بتهم فساد أكد أنصارها أن “دوافعها سياسية”، ما يمنعها من الترشح للانتخابات. وهي مسجونة في سجن دكا الذي بني في عهد الاستعمار البريطاني وأعيد استخدامه من أجل هذه النزيلة الوحيدة.
وخالدة ضياء (73 عاما) التي ترأست الحكومة ثلاث مرات (1991-1996، 1996، 2001-2006) تعاني من تصلب الشرايين والسكري وتواجه صعوبة في تحريك يديها. ونظرا لوضعها الصحي، يشكك مراقبون في إمكانية عودتها إلى العمل السياسي.
وقال دبلوماسي يعمل في دكا إن خالدة ضياء “انتهت سياسيا”، مكررا رأيا شائعا جدا في أوساط الدبلوماسيين.
وعدا عن ذلك، أصاب الوهن كل عائلة خالدة ضياء السياسية إذ توفي ابنها الأصغر في المنفى في بانكوك في 2015. أما الابن الأكبر ووريثها السياسي طارق الرحمن مهندس عودة والدته إلى السلطة في 2001، فيعيش في المنفى في لندن منذ عشر سنوات. وقد صدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة في بنغلادش بسبب هجوم بقنبلة يدوية استهدف الشيخة حسينة في 2004 عندما كانت في المعارضة.
ظل ضياء
مع أن خالدة ضياء بعيدة عن الأنظار، يخيم ظلها على الانتخابات التشريعية التي ستجرى الأحد المقبل.
وقال علي رياض أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية إيلينوي بالولايات المتحدة “من الصحيح القول أن ما يوصف في بنغلادش بأنه ‘حرب السيدتين’ أصبح ثانويا الآن”.
لكنه أضاف أنه “من المبكر جدا نعي خالدة ضياء سياسيا. مع أنها لم تدرج على بطاقة التصويت، لم يتراجع اسمها وتأثيرها”.
وحسينة واجدة وخالدة ضياء هما ابنة وأرملة شخصيتين من زمن استقلال بنغلادش في 1971 وتنتميان إلى الطبقة الارستقراطية. فالشيخة حسينة هي ابنة مؤسس الأمة الشيخ مجيب الرحمن، وخالدة ضياء هي أرملة الشيخ ضياء الرحمن — وكلاهما اغتيلا.
وفي ثمانينات القرن الماضي وحدت السيدتان صفوفهما ضد الديكتاتور حسين محمد أرشاد الذي دفعتاه إلى الاستقالة في 1990 وإعادة الديموقراطية. لكن بعد انتخاب خالدة ضياء رئيسة للحكومة في 1991، تحول الحلف إلى منافسة حادة استمرت حتى اليوم.
عائلات سياسية
كانت النقطة التي غيرت ميزان القوى قرار خالدة ضياء وحزبها “حزب بنغلادش القومي” مقاطعة الانتخابات في 2014 خوفا من حدوث تزوير من قبل رئيسة الحكومة المنتهية ولايتها حسينة واجد. وأسفرت أعمال العنف المرتبطة بهذه الانتخابات عن سقوط عشرات القتلى.
وفي السنة التالية نظم حزب بنغلادش القومي حركة إغلاق الطرق ورحلات القطارات بهدف إجبار رئيسة الوزراء على الدعوة إلى انتخابات مبكرة، لكنه لم ينجح. وأسفر ذلك عن سقوط 150 قتيلا.
ويرى المراقبون أن هذه الحملة أثارت استياء الكثير من المواطنين ومنحت الشيخة حسينة حجة لقمع الحزب القومي.
وقال عطاء الرحمن أستاذ العلوم السياسية إن “قرار مقاطعة الانتخابات ثم إقامة حواجز كان انتحاريا”. وأضاف أن “ذلك أضعف الحزب وأعطى حسينة فرصة لا تصدق لمهاجمة معارضيها وفرض ما تبين أنه نظام يهيمن عليه حزب واحد”.
وعلى الرغم من أفول نجم خالدة ضياء لا يعتقد الكثير من المراقبين أن عائلتها ستفقد السيطرة على الحزب القومي في منطقة من العالم تهيمن عليها العائلات السياسية. ويجري ابنها الأكبر مقابلات مع المرشحين لمناصب بالفيديو من لندن.
وقال مباشر حسن الأستاذ في جامعة أوسلو “هناك مؤشرات إلى أن عائلة ضياء ما زالت قوية جدا وتحتفظ بسلطة كبيرة على حزبها”. (أ ف ب)