أقلام يورابيا

القتل باسم الله المنزه عن كل ذلك

ليلى العياري

ليلى العياري

لم يحدد الله تعالى في محكم تنزيله، أي هوية دينية لمن يتم قتلها حية لأنها أنثى، حين قال عز وجل ( وإذا الموؤودة سئلت- بأي ذنب قتلت). ولم يحدد عمرا لها، فهي أنثى تقتل لأنها أنثى وحسب، فما بالك بمن يقتل أنثى بعد اغتصابها وبقطع الرأس؟ تلك كبيرة لا تغتفر، والوحش الذي ارتكب تلك البشاعة الدموية كأنما قتل الناس جميعا وبحكم النص القرآني نفسه.
ما حدث في المغرب من جريمة بشعة هزت الناس جميعا، كأنما قتلتهم جميعا، جريمة تكشف حجم النفوذ الخطير لفكر التجهيل والتعمية والتعصب الأعمى الذي لا يعرف إلا لغة الدم والرعب والإرهاب.

فتاتان أجنبيتان من النرويج و الدنمارك تعشقان الطبيعة، و تفتحان ذراعيهما للحياة قررتا زيارة المغرب لاستكشاف منطقة جبلية، والوقوف على خباياها الطبيعية و لكن ذلك المكان الذي كان يفترض ان تكتشفا ما به من تضاريس طبيعية كان أيضا يخفي في مخابئه وحوش بشرية لا تنتمي الى الانسانية و لا تعترف بقيم و لا باختلاف ديني او عرقي، كانوا وحوشا لم تألفها حتى وحوش البرية نفسها، ولم تتصور الضحيتان البريئتان ان تكون نهايتهما بتلك البشاعة و القسوة و لم يخطر يوما ببالهما انهما ستتعرضان لما تعرضتا له من تنكيل وبشاعة قبل وبعد موتهما.
أتوقف هنا عند التبرير الذي توقفت عنده تلك الوحوش وقد قاموا بنسبة جريمتهم الى اسم الله المقدس والمنزه عن كل شر، فقاموا بوحشيتهم باسم الدين الإسلامي، فقتلوا المسلمين جميعا “معنويا” بفعلتهم، وسددوا طعنتهم الدموية في صدر العقيدة التي هي منهم براء.

اغتصبوا باسم الدين و قتلوا باسم الدين، فأي دين هذا الذي أباح لهم تلك الجرائم؟ اي دين أباح لهم الاغتصاب و القتل باسم الله الذي خلق الناس جميعا ونهى عن قتل النفس بغير حق..فأي حق هذا الذي سمح لهؤلاء أن يعصوا الله في أمره؟
ما أوصلنا إلى تلك الحالة من ظهور هذا التطرف الدموي الأعمى هو تلك المفاضلة التي ترى في الجنة حكرا على فئة دون غيرها من البشرية، هو ما يملكه شيوخ التعصب والفتاوي من سلطة التحكم بالعقول باسم الله وكل ما هو مقدس.
كيف لا وهم يدعون امتلاك مفاتيح الجنة وأقفال النار؟ يُدخلون الجنة من يشاؤون ويعذبون من يشاؤون بفتاويهم التي ما انزل الله بها من سلطان. وبتوظيف قرآني يشوه النص القرآني نفسه.
إن القرآن الكريم مع الحق المطلق، مع الإنسانية قاطبة، ففيه يقول الله : “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”.
لكن الفتوى المتطرفة التي تخاطب جهلا أعمى لا تلوح بالرحمة الإلهية، بل تفتي من عندها وبتوسع في مغريات مثل حور العين والحوريات لتصبح الجنة فانتازيا لكل مخبول مأفون.
فانتهينا اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، بأنّ الطريق إلى الجنة يتمّ بسيارةٍ مفخخة او حزام ناسف او قطع الرؤوس ولا مانع إذا قتل الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، المأفونون أنه يحتاج منهم دفاعا عنه.
لقد شاهدنا الفيديو المؤلم حين قام هؤلاء الوحوش البشرية الوسخة بقطع رأسي الفتاتين وهم يصفونهما بالكافرتين، لكن أتساءل عم كانوا يهمسون بفحيحهم النجس وهم يقومون بعملية الاغتصاب الوحشي لهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق