ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ نتيجة الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة منذ عشر سنوات بسبب الحصار الإسرائيلي، لم يستطع عدد كبير من أولياء الأمور تحقيق ما يطلبه أبناؤهم بسبب قسوة تلك الظروف، فهناك عدد كبير من الأطفال يتمنون الحصول على أشياء بسيطة ولكنهم لا يحصلون عليهم، فقرر فريق تطوعي من خريجي القطاع، بالعمل على تحقيق هذه الأمنيات من خلال مبادرة أمنية.
فريق “أمنية” التطوعي الذي يضم عدد من الخريجين يسعى إلى تطوير وبناء المجتمع وفق قيم تندرج تحت شعار “السلام والتسامح والعطاء، وتقبل الآخر وتحقيق الأمنيات؛ بطريقة جديدة وفريدة تلقي بظلال المحبة على من رسم أمنيته ولمن حققها.
نشر السعادة والمحبة
فقد جاءت الفكرة لإضفاء السعادة والمحبة على الأطفال الأيتام والفقراء، وآخرين من ذوي الإعاقة “متلازمة داون”، ومجموعة من الأطفال المصابين بالسرطان من مختلف محافظات قطاع غزة، لإفساح المجال لهم بأن يقدموا للناس أمنياتهم من خلال المبادرة وتحقيقها لمن يرغب في ذلك.
وحول فكرة المبادرة تقول المسئولة عنها “حلمية عبد العزيز “:” نعمل على توفير موقع ويب “أمنية” الذي يتمكن الأطفال من خلاله إضافة فيديو يتحدّثون فيه عن شيء يتمنّونه أو يحلمون باقتنائه، وتظهر أحلامهم كعلامة على خريطة موجودة في الموقع“.
وتضيف “يستطيع أي زائر عبر الموقع التنقّل داخل الخريطة وتصفّح أمنيات الأطفال، ويمكنه التبرّع لتحقيق أمنيات من يختار من الأطفال“.
وتبين أن فكرة المبادرة تعمل أيضاً على أن قيام الفريق التطوعي القائم على المبادرة بشراء ما تمنّاه الطفل، وتصوير ردة فعله عند تسلّمه التبرع الهدية، وسيقوم الفريق بإرسال ردة فعل الطفل إلى المتبرع“
أمنيات بسيطة
وعن بعض الأمنيات التي كتبها الأطفال، تقول إنها مطالب وأمنيات مشروعة وصغيرة وبسيطة جداً، بإمكان أي شخص أن يحققها لهم، ما يبني جسور المحبة والثقة في مجتمعنا وبيئتنا المليئة بالأشخاص الذين يبحثون عمن يرسمون له السعادة والمحبة، وبين من يبحثون عمن يمنحهم تلك السعادة بتفاصيلها البسيطة.
وتلفت إلى أن هناك إمكانية المشاركة من جميع أنحاء العالم من خلال موقع المبادرة الالكتروني سواء كأمنيات أو متبرعين وأنها تتيح زيادة الصلة بين المتبرع والمستفيد الأمر الذي يشجعه على إعادة تجربته لما يلقاه من أثر لتبرّعه على المستفيدين.
وبحسب عبد العزيز فإن ما يميز مبادرة “أمنية” هو التعاون مع ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، واستدامة المبادرة من خلال توسيع نشاطها الإلكتروني ليشمل جميع الأطفال، وإمكانية المشاركة من جميع أنحاء العالم، وزيادة الصلة بين المتبرع والمستفيد، الأمر الذي يشجعه على تكرار التجربة.
فرح شديد
الطفلة مرام (ثمانية سنوات) والتي كانت تحلم بشراء أي باد، فوالدها لم يتمكن من شراءه، كون ظروفه الاقتصادية لا تساعده على توفير ثمنه، فشعرت بحزن كبير بسبب عدم حصولها على ما تريد، ولكن هذا الحزن سرعان ما تحول إلى فرح شديد بعد توفير تحقيق فريق “أمنية ” أمنيتها.
وتقول “وعلامات الفرح تعتلي محياها” بعد رفض والدي شراء “الأي باد” الذي طلبته منه، بسبب عدم امتلاكه النقود، لم أتوقع أن احصل عليه في يوم من الأيام لأن والدي فقير، عكس والد زميلتي بالمدرسة التي تحصل على كل تطلبه من والدها، ولكن فريق مبادرة “أمنية “حققوا امنيتي التي تمنيتها، أصبح حلمي حقيقة بعد حصولي على ما تمنيته“.
أما سمية (9أعوام) تمنت امتلاك دمية عروس، ووجدت أمنيتها البسيطة عند باب المنزل، فغمر الفرح ملامحها، وعبرت عن سعادتها بعد تسجيل فيديو صغير يعبر عن تلك الأمنية.
الطفل بهاء حميد (8 سنوات) حصل كذلك زي رياضي وكرة قدم، حيث إنه تمناهم من خلال فيديو نشرته المبادرة، والتي استجابت لها مجموعة من المتبرعين من قطاع غزة لتحقيق أمنيته وشراء ما يريد.
فرصة للشعور بالإنسانية
في حين يقول المواطن أبو أحمد صيام أحد المشاركين بالمبادرة ” أنا كأب أعلم الكم الكبير من متطلبات الأطفال والأمنيات الكثيرة والحاجات الملحة التي يطلبونها دائما من ذويهم، وعادة ما تواجه الأسرة القهر إن عجزت عن تحقيق متطلبات أطفالها لأي سبب كان، فمبادرة أمنية وفرت لنا فرصة كبيرة لنشعر بإنسانيتنا تجاه الغير وأن نقتحم حياة الطفولة البريئة ونرسم البسمة على قلوبهم بإمكانيات بسيطة “.
ويعتبر صيام أن هذه المبادرة تمثل خطوة راقية في حياة الخريجين وتنمي الوازع الإنساني لديهم القائم على الإحساس
بالآخرين وتلمس آلامهم وأوجاعهم وأموالهم والعمل على تلبية بعض من متطلبات وتحقيق أمنياتهم، مؤكدا أن مشاركته في تحقيق أمنيات هؤلاء الأطفال جعلته يشعر بقيمة العمل الإنساني، ومساهمته في نشر السعادة والفرح.