السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
حصيلة سنة 2018 في المغرب… مراقبون: مواقع التواصل الاجتماعي تعاملت مع قضايا العام وفق الانتقائية والمغاربة في حاجة ماسة لفهم قيمة الإعلام الاجتماعي
فاطمة الزهراء كريم الله
يوراببا ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ كانت سنة 2018 حبلى بالعديد من الأحداث التي اختلف مضمونها بين سياسي واقتصادي وأمني وحقوقي، أثار جزء منها جدلا ونقاشا كبيرين داخل الأوساط السياسية والمجتمعية والسياسية المغربية، وكان تفاعل المغاربة مع هذه الأحداث، واضحا على منصات شبكات التواصل الاجتماعي.
قضية الصحراء: الدعوة إلى حوار مغربي جزائري ومفاوضات جنيف
كان عام 2018 حافلا بعدد من الأحداث التي من الممكن أن يكون لها تأثير على المشهد السياسي بالمغرب الكبير خلال سنة 2019، كان أبرزها دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء لإطلاق دعوة للحوار مع الجزائر، في الوقت الذي تعرف فيه العلاقات بين البلدين توثرا خلال العقود الأخيرة، بسبب عدد من الملفات، أبرزها ملف الحدود البرية والصحراء.
ودعا الملك محمد السادس، في السادس من نونبر / تشرين الأول الماضي إلى “حوار صريح وواضح” حول القضايا الخلافية بين البلدين، واقترح إطلاق آلية للحوار لتجاوز الجمود مع الجزائر، قائلا : “يجب أن نكون واقعيين، وأن نعترف بأن وضع العلاقات بين البلدين غير طبيعي وغير مقبول.
بالإضافة إلى مفاوضات جنيف، ففي السادس من الشهر المنصرم، انتهت أولى جلسات المباحثات حول الصحراء الغربية، والتي جمعت بين المغرب والبوليساريو، بالإضافة إلى الجزائر وموريتانيا، برعاية من الأمم المتحدة. وهي المحادثاث التي دامت يومين، والتي أعلنت من خلالها الوفود تعهدها بالانخراط بشكل أكبر في المباحثات، أعلن عقد جولة ثانية من المباحثات في الربع الأول من 2019. وتلاها تصريح للمبعوث الأممي للصحراء الغربية هورست كولر قال فيه : إن “هناك إمكانية للتوصل إلى حل سلمي للنزاع المفتعل”.
وللحديث عن التطورات التي عرفها ملف الصحراء خلال سنة 2018 وما قد ينتظرها، قال نوفل البعمري، الباحث في شؤون قضية الصحراء، في تصريح لصحيفة””: إن “سنة 2018 سنة الانتصار السياسي و الدبلوماسي في ملف الصحراء على عدة مستويات و في كل الاتجاهات ذات الارتباط بالملف. فعلى المستوى الأممي قراري مجلس الأمن الصادرين في أبريل / نيسان و أكتوبر / تشرين الأول الماضيين انتصارا لرؤية المغرب السياسية للملف، حيث أكد القرارين على حضور الجزائر كطرف أساسي في المائدة المستديرة التي انعقدت بجنيف، كما انتصرا معا للمؤسسات الوطنية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان في الصحراء متمثلة في اللجان الجهوية لحقوق الإنسان و المجلس الوطني، كما أن القرارين مهدا معا لعودة النقاش السياسي على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي عندما أعلنت الأمم المتحدة عن رغبتها في إطلاق عملية سياسية بروح و دينامية جديدة”.
أما على المستوى الأوروبي، يضيف البوعمري، “كان الوضع سياسيا لصالح إعادة تقوية الشراكة الاقتصادية مع المغرب و استجاب الاتحاد الأوروبي إلى مطالب المغرب الحازمة فيما يتعلق بتضمين الأقاليم الصحراوية لأي اتفاق فلاحي، تجاري و صيد بحري حيث قررت مختلف أجهزة الاتحاد الأوروبي تجديد اتفاقيتي التبادل الفلاحي و الصيد البحري للمغرب متجاوزة ضغط اللوبي المساند للبوليساريو، ليكون هذا القرار الأوروبي تصديا سياسيا و قانونيا لطروحات الجبهة في الموضوع و أكدت على التمثيلية القانونية للجبهة لما يسمى الشعب الصحراوي. كما أن المغرب على المستوى الأفريقي استمر في تعزيز حضوره داخل الاتحاد الافريقي مما دفعه إلى أن يتجه نحو نوع من الحياد الإيجابي في الموضوع من خلال مراجعة مواقفه من الملف بشكل تدريجي و في عدة مناسبات خاصة منها أثناء مناقشة الملف داخل الأمم، كما أن الحضور الملكي بافريقيا زاد من تعزيز هذا الحضور من خلال دبلوماسية ملكية. كما أن المغرب ختم هذا السنة بدعوته لحوار مفتوح مع الجزائر بدون شروط لتجاوز مختلف المشاكل المطروحة و تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي و الثقافي استجابة لمنطق التاريخ و الجغرافية و هي الدعوة التي لم تلقى لها صدى بسبب حالة الانسداد السياسي بالنظام السياسي الجزائري”.
مقتل السائحتين الاسكندينافيتين وحادثة راقي مدينة بركان
عاش الرأي العام المغربي خلال سنة 2018، صدمة كبيرة، بعد غحداث كان أبرزها ذبح وتقطيع رأس السائحتين الاسكندنافيتين، في منطقة جبال الأطلس السياحية من قبل إرهابيين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية داعش.
و قبل الحادث الإرهابي بيومين فقط اهتزت، مدينة بركان بعد اكتشاف حقيقة رجل خمسيني يدعي أنه فقيه و راقي شرعي، كان يقوم باستدراج ضحاياه من الفتيات والنساء إلى محل سكناه من أجل الرقية الشرعية، لتتحول إلى كمين للعلاقة الجنسية.
في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر / تشرين الأول عرف المغرب غضبا شعبيا بعد إقرار حكومة سعد الدين العثماني العمل بالساعة الإضافية طول السنة، بما في ذلك فصل الصيف. حيث خرج على إثرها طلاب المدارس في مسيرات حاشدة في العديد من المدن المغربية وشهدت إحداها إحراقا للعلم المغرب.
لحادث إطلاق البحرية الملكية المغربية، النار على زورق يقل مهاجرين غير نظاميين في البحر المتوسط متوجهين إلى اسبانيا، مما أدى إلى وفاة شابة وإصابة 3 شباب مغاربة، الكثير من ردود الفعل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، و استهجان حقوقي. حيث اعتبر حقوقيون مغاربة أن الحادث كان نتيجة لفشل المغرب في تدبير ملف الهجرة السرية، وأن المقاربة الأمنية المتبعة في التصدي للهجرة السرية، ستجر على المغرب انتقادات واسعة.
شهدت هذه السنة أيضا، مجموعة المحاكمات المتواصلة، إذ تم النطق بأحكام على نشطاء حراك الريف بأحكام وصلت إلى 100 سنة حبسا. بالإضافة إلى محاكمة الصحافيين، مدير نشر موقع ” البديل” حميد المهداوي ثلاث سنوات، والحكم مدير نشر جريد “أخبار اليوم” توفيق بوعشرين ب 12عاما نافذة، بتهم الاتجار بالبشر، والاغتصاب والتحرش الجنسي، . وهي الأحكام التي أثارت انتقاد واعتراض العديد من المنظمات الحقوقية وطنيا ودوليا، واعتبروه مساسا بحرية الرأي والتعبير.
وفي حديث عن الأحداث التي عرفها الوسط المغربي خلال سنة 2018، وكيف تعامل معها المغاربة، قال الأستاذ الجامعي المتخصص في تحليل الخطاب، جمال بن دحمان: “المغرب شأنه شأن المجتمعات المفتوحة عرف خلال 2018 دينامية متنوعة بأحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية، فهذه الدينامية واكبها اهتمام خاص واستثمار كبير من قبل وسائل التواصل الاجتماعي، بل أن هذه الوسائل أصبحت هي التي توجه الأحداث والمواقف وردود الأفعال وتنجز التحليلات، ولاشك أن هذا الاهتمام بقدر ما يبين درجة العناية بالشأن العام فإنه أفرز مجموعة مواقف هي أقرب إلى الانفعالات العامة منها إلى التحليل المعلل. كما نلاحظ مثلا أن هناك ميلا كبيرا لترويج الاخبار الفضائحية دون التأكد من صدقيتها، ويبدو أحيانا أن أصحاب هذه الوسائط يستلذون الإشاعة”.
وأضاف بن دحمان، قائلا: ” إذا رجعنا إلى الكيفية التي تعامل بها مغاربة الوسائط الاجتماعية مع أحداث 2018 نلاحظ هيمنة الاهتمام بالقضايا السياسية أو تلك التي كانت لها امتدادات قانونية، في مقابل شبه تغييب لأحداث أخرى إذ لا نجد عناية بالتطور التكنولوجي المتعلق بإطلاق أقمار إصطناعية مغربية سيكون لها تأثير كبير على التحولات الجيوستراتيجية والاقتصادية والأمنية.كما لا نجد اهتماما كبيرا لموضوع استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية في مقابل ذلك عرفت مواقع التواصل الاجتماعي اهتماما كبيرا بقضايا ترتبط بمحاكمة الصحفي توفيق بوعشرين أو أحداث جرادة لكنه اهتمام غير مؤثر على مستوى إتخاذ القرار لأنه يبقى متفرقا وغير مؤسس ولا يحقق التراكم إذ سرعان ما ينتقل الناس للانشغال بقضايا أخرى، مثلما هو الحال مع الاحتجاجات التي عرفها موضوع تغيير الساعة والالتزام فيها بصيغة دائمة تجعل شروق الشمس متأخرا إلى حدود الساعة 8و15 دقائق وهو اهتمام كانت الوسائط الاجتماعية مركزه لكنه انطفأ فجأة وكأنه لم يكن”.
تجذر الإشارة إلى أن سنة 2018 شهدت مجموعة من الإنجازات التي تم التنويه بها شعبيا، من بينها إطلاق القمر الصناعي محمد السادس 2 الذي شكل خطوة مهمة تتبعها المغاربة بشكل كبير، باعتباره إنجازا مهما ينضاف إلى إطلاق القمر الصناعي محمد السادس1، الذي تم إطلاقه سنة 2017، لكونه سيمكن المغرب من اكتساب خبرة تكنولوجية في مراقبة المجال الحدودي بصور رقمية عالية الجودة، لا تتوفر لدى جيران أوروبا في شمال إفريقيا.
كما شكل تدشين خط القطار الفائق السرعة بين طنجة والبيضاء قفزة نوعية في مجال النقل السككي، حيث مكن من اختصار حيز زمني مهم باعتماد وسائل نقل حديثة ومتطورة لا تتوفر إلا عند الدول المتقدمة.
في خلاصة حديثه قال الأستاذ الجامعي المتخصص في تحليل الخطاب: ” خلاصة ما سبق أن مواقع التواصل الاجتماعي تعاملت مع قضايا 2018 وفق الانتقائية، بناء على الاهتمام بمواضيع محددة وعدم الانتباه إلى قضايا أخرى قد تكون مصيرية، ويبدو احيانا أن الشأن السياسي يأتي في صدارة هذا الاهتمام..لكنه مع الاسف اهتمام محدود في الزمان والمكان ومطبوع بالانفعال. والتسرع في إصدار الأحكام دون التأكد من صحتها..والخروج بمواقف قد تكون لها تبعات أخرى خصوصا مع وجود نصوص قانونية أصبحت مفعلة. بالإضافة إلى السطحية في التناول وهيمنة المواقف السلبية ولغة الإحباط وتحويل الوسائط الاجتماعية إلى منابر للتنفيس عن احباطات أو تصفية حسابات ذاتية وهنا فإن الضحية هو الإعلام اولا…وفقدان الثقة في كل شيء”.
واعتبر أن هناك توجها لضبط مسار توظيف هذا النوع من الاعلام، أداة ذلك القانون الذي أحدث عقوبات، و من المؤكد أن الكثيرين ليسوا على علم بها، وأن المغاربة في حاجة ماسة لفهم قيمة الإعلام الاجتماعي أو الإعلام المواطن وقدرته على التأثير في القرار العمومي لأن السائد، مع الأسف، هو نوع من التمييع لهذه الأدوار.