ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ تعتبر أنفاق قناة السويس، التي تقوم بإنشائها الهيئة الهندسية، التابعة للقوات المسلحة المصرية، من أكثر المشروعات التي لا تتمتع ببروباجندا إعلامية، من جانب الدولة المصرية، وربما يكون ذلك مقصوداً، نظراً لأهمية هذا المشروع، ليس فقط على المستوى التنموي لسيناء، التي عانت من احتلال سابق أو إرهاب حالي، لإهمال تنميتها وتعميرها، ولكن على مستوى الأمن القومي أيضاً، لما يربط هذه المساحة التي تقدر 60 ألف كم، والمعزولة بمانع مائي، ببقية جسد المحافظات المصرية، ويجعل الارتباط لـ 100 مليون مصري، أسهل كثيراً عما هي عليه الآن من وسائل ربط غير فعالة، لم تفلح في فك العزلة، عبر المعديات ونفق وحيد ضيق ويخضع لإجراءات معينة، وتم بناؤه بعد تحرير سيناء في ثمانينيات القرن الماضي، وكوبري السلام المعلق الذي لا يلبي الغرض، في حين أن الأنفاق الجديدة، يبلغ عددها 8 أنفاق، متسعة وممهدة ومجهزة، لعبور سهل ويسر.
الأنفاق الثمانية تزعج بالمقام الأول إسرائيل، عندما يكون هناك هذا الترابط بسيناء، من حيث القوة البشرية، وأمور عسكرية واستراتيجية أخرى، لا سيما بعد أن كسرت حالة الحرب المصرية على الإرهاب في سيناء، تابوهات في اتفاقية السلام بين البلدين، التي كانت تحدد عدد القوات بشكل قليل في مناطق بسيناء، وتحدد القوات الواقفة في المثلث الحدودي بالشرطية، وأيضاً كانت تبعد الآليات العسكرية الثقيلة إلى قناة السويس، في حين أن الحرب التي تشنها مصر، في ظل العملية الشاملة، جعلت نظم التسليح الثقيلة على الحدود مع إسرائيل، بل أخذت استقرارها في رفح والعريش والشيخ زويد، في وحدات عسكرية قائمة بالفعل.
محللون عسكريون واستراتيجيون، تحدثوا عن أهمية هذه الأنفاق، وتناولوا بشكل غير مباشر، القيمة العسكرية غير المباشرة لهذه الأنفاق، في ظل أن إسرائيل هي العدو الرئيسي لمصر، حتى لو كان السلام قائماً بين البلدين، مؤكدين أن قيمة الأنفاق للأمن القومي المصري، في إطار ربطها بشكل أكبر بمصر، لا سيما أن عدم تنميتها يتسبب في أطماع الكثيرين فيها.
رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة، اللواء نصر سالم، يقول إن من ينظر إلى سيناء كتكلة طبوغرافية بما تحويه من جبال في 3 محاور رئيسية، فهي درع مصر الشرقية، والتخلي عنها هو تخلٍ عن الدرع، فأي عدو يهدد سيناء يكون مهدداً لوادي النيل، موضحا أن مشكلة سيناء، وما جعلها مطمعاً هو الفراغ الديمغرافي، في ظل مساحة 61 ألف كم، في حين أن عدد سكانها لا يتعدى الـ 500 ألف مواطن، وبالتالي تكون مطمعاً لإسرائيل أو غيرها.
وتابع في تصريحات لـ””: “حتى ننهي هذه المطامع، يجب أن نملأ هذا الفراغ ديمغرافياً، وذلك من خلال تسهيل الحركة منها وإليها، والحركة حالياً من فوق سطح القناة، تعتبر مؤلمة مرورياً مثل كوبري السلام والأنفاق العائمة، أما الأنفاق الخرسانية الجديدة المتطورة، فهي تقاطعات حرة، سيكون المرور منها دون أي تعطل، وفي دقيقة تكون على أرض سيناء.
وأوضح سالم أن بهذه الأنفاق، تؤمن الدولة المصرية أراضينا، وبالتالي فإن الأنفاق، ستحمل طفرة في حركة السكان من وإلى سيناء، فضلاً عن المستقبل المنتظر في الزراعة، الصناعة، ومضاعفة حركة السياحة بشتى أنواعها.
وأشار سالم إلى أن الهدف بناء وليس تهديداً، ويجب أن نربط الـ 100 مليون بهذه المنطقة، وهذا ليس تهديداً، فهذا ردع لأي طمع، وما يحدث من نقل لآليات عسكرية أو قوة بشرية، فهذا من حق الدولة على أراضيها، فقناعات مصر أنها تحمي ولا تهدد، وفي النهاية نحترم الاتفاقيات، ونؤمن أرضنا في الوقت نفسه.
بينما أكد الخبير العسكري، اللواء مجدي شحاتة، أن أنفاق قناة السويس، ستحمل شكلاً جديداً من الاقتصاد الذي سيكون حجمه بالمليارات، يأتي بالتنمية في سيناء، موضحاً أن أهمية هذه الأنفاق، توضح من خلال المقارنة بالأنفاق غير الشرعية من قطاع غزة في الماضي، كان يحدث من خلالها تجارة بالمليارات، لدرجة أنه كان هناك وزارة خاصة بها في غزة، فكيف سيكون حجم التجارة والصناعة المتسبب فيها، ومن خلال أنفاق ضخمة شرعية ممنهجة.
وقال شحاتة في تصريحات لـ””، إن الأنفاق ستكون محوراً يفتح شرايين، تصل بين سيناء و100 مليون مواطن، فالعبور عن طريق المعديات ونفق الشهيد الصعب، وكوبري السلام ليس بالمجدي، وبالنسبة للأمن القومي، لا يجب الاعتماد على محاور محددة، مما يأتي بسهولة في الوصول والترابط، والتنمية أهميتها في وضع حد للأطماع في سيناء.