شرق أوسط
بومبيو يسعى في الرياض للحفاظ على التحالف الاستراتيجي مع ابداء حزم في قضية خاشقجي
ـ الرياض ـ يسعى وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو خلال محادثاته في الرياض الإثنين إلى الحفاظ على التحالف الاستراتيجي الذي يعد أولوية لبلاده مع السعودية مع ابداء الحزم في الوقت نفسه في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي بعد ضغوطات من الطبقة السياسية في الولايات المتحدة.
وهذه هي الزيارة الثانية للمسؤول الأمريكي إلى السعوديّة منذ مقتل خاشقجي داخل القنصليّة السعوديّة في اسطنبول أوائل تشرين الأوّل/أكتوبر 2018. وقد أثار مقتل الصحافي المنتقد لسُلطات بلاده، موجة إدانات دوليّة.
وسيلتقي بومبيو ولي العهد السعودي النافذ الأمير محمد بن سلمان.
وهذا اللقاء كان مقررا مساء الاحد عند وصول الوزير الامريكي الى الرياض في إطار جولته الاقليمية الطويلة، لكنه التقى في المطار وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجيّة عادل الجبير.
وفي زيارته السابقة، بعد اختفاء خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر، بدا بومبيو والأمير محمّد مبتسمَين خلال لقائهما، ما أثار غضب قسم من الطبقة السياسية الأمريكية.
وخلال لقائه الجبير، شدّد بومبيو على “ضرورة أن تُواصل السعوديّة تحقيقها حول مقتل” خاشقجي “من أجل محاسبة جميع المسؤولين”، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة.
وكان بومبيو صرّح في الدوحة قبل توجّهه إلى السعودية “سنُواصل الحديث مع وليّ العهد والسعوديين، لضمان أن تكون المحاسبة كاملة في ما يتعلق بجريمة قتل جمال خاشقجي غير المقبولة”.
وشرح بومبيو أنّ واشنطن تريد التأكّد من “أنّنا نملك كلّ الوقائع” بشأن مقتل الصحافي. وتابع أنّ واشنطن تريد التأكّد من محاسبة المسؤولين عن الجريمة “من قبل السعوديين ومن قبل الولايات المتحدة أيضاً”.
وبدأت محاكمة 11 موقوفاً في القضيّة في السعودية في 3 كانون الثاني/يناير. وطالب النائب العام بحكم الإعدام بحقّ خمسة منهم لم يكشف هوّياتهم. من جهتها، فرضت واشنطن عقوبات على 17 مسؤولاً سعوديًا على خلفيّة القضية.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر على مقتله، لم يُعثر بعد على جثمان خاشقجي، ولا تزال تساؤلات تحيط بهوّية من أمر بالعمليّة التي نفّذها فريق من 15 مسؤولاً سعوديًا.
وبعد الضغط عليها، اعترفت السلطات السعوديّة بأنّ الصحافي فارق الحياة نتيجة جرعة زائدة من المخدّر قبل أن يتم تقطيع جثّته في القنصلية، لكنها نفت في المقابل أيّ علاقة لولي العهد القويّ بمقتل خاشقجي.
وأثّر مقتل خاشقجي على العلاقات بين الرياض وواشنطن، في وقت تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تشكيل “ائتلاف” ضد إيران في المنطقة.
ودافع الرئيس الأمريكي بشدّة عن العلاقات مع السعودية، بعدما حمّل مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه أنصار ترامب الجمهوريون، وليّ العهد السعودي مسؤولية قتل خاشقجي.
من جهة ثانية، دعا ناشطون في مجال حقوق الإنسان بومبيو إلى الضغط على الرياض من أجل الإفراج عن ناشطات سعوديّات سجينات تقول منظّمات غير حكوميّة دوليّة إنّهن تعرّضن على ما يبدو لتجاوزات.
دعوة إلى الوحدة الخليجيّة
في الدوحة حيث التقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني، سعى بومبيو إلى دفع المصالحة الخليجيّة قدماً بين قطر والسعوديّة وحلفائها.
وتُحاول الولايات المتحدة منذ عام ونصف عام من دون جدوى، إقناع السعودية وقطر بتجاوز الأزمة بينهما، بهدف التركيز على الهدف الأهم لواشنطن في المنطقة وهو التصدّي للنفوذ الإيراني.
وقال الوزير الأمريكي في مؤتمر صحافي مع نظيره القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة إنّه ركز “على أهمّية الوحدة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي. الرئيس ترامب وأنا نعتقد أنّ الخلاف دام وقتًٍا طويلاً جداً”.
وأضاف “نحن جميعا أقوى عندما نعمل سوياً، حين نواجه تحدّيات مشتركة في المنطقة وحول العالم”، بدءاً بإيران.
وخلال حديثه لاحقاً في السفارة الأمريكية في الدوحة، عبّر بومبيو عن أسفه لأنّه “من غير الواضح ما إذا كانت الخلاف الخليجي يتجه نحو الحلّ”.
قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو 2017.
وتتّهم الدول الأربع الدوحة بالتقرّب من إيران و”دعم الإرهاب”، وهو ما تنفيه بشدّة قطر التي سعت منذ ذلك الحين إلى تأكيد مشاركتها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.
وباءت كلّ محاولات الوساطة في النزاع بالفشل، في وقت استقال مؤخراً الموفد الأمريكي لحلّ النزاع بين الدوحة والرياض أنطوني زيني، وقال لشبكة “سي بي إس” الأمريكية إنه استقال “بسبب عدم رغبة القادة الإقليميّين بوساطة عَرَضنا القيام بها او تسهيل إنجاحها”.
وبالنسبة إلى واشنطن، فإنّ إنهاء هذه الأزمة أمر حيوي لنجاح خطتها تشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران، يضم إضافة إلى دول الخليج مصر والأردن. (أ ف ب)