شرق أوسط

قيادي بالحزب الحاكم بالسودان: استمرار الاحتجاجات رغم معالجة أسبابها دليل على أنها سياسية… والحديث عن تضييق إعلامي غير منصف

ـ القاهرة ـ أكد إبراهيم الصديق، رئيس قطاع الإعلام بحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان، اليوم الإثنين، أن القيادة عملت منذ انطلاق الاحتجاجات في كانون أول/ديسمبر الماضي على معالجة أسبابها الرئيسية، معتبرا أن استمرار الاحتجاجات حتى الوقت الراهن يؤكد على أنها “تحرك سياسي منظم من بعض القوى التي تحاول تنفيذ أجندات خاصة بها” .

وفي تصريحات، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، قال الصديق إن الحديث عن تضييق إعلامي على تغطية الاحتجاجات اتهام غير منصف في ظل التدفق الإخباري الكبير حول أوضاع السودان، وشدد على أن القيادة السودانية أحرص على الشعب السوداني من أي جهة أخرى.

وحول التدابير التي تعتزم السلطات السودانية القيام بها لاحتواء الاحتجاجات، خاصة بعدما دخلت أسبوعها الرابع، قال :”تم بالفعل اتخاذ تدابير عديدة، والأزمة كانت عرضية بسبب قضايا مثل نقص دقيق الخبز والوقود، وتم تجاوز الأمر بشكل شبه نهائي… أما الاحتجاجات الراهنة فهي فعلٌ سياسي بحت له أجندته السياسية”.

وألمح القيادي إلى وقوف أحزاب وقوى سياسية خلف ما يعرف بـ”تجمع المهنيين السودانيين”، الذي يتزعم الدعوة للاحتجاجات، وقال :”هذا كيان وهمي … وهو في الحقيقة واجهة لبعض الأحزاب والقوى السياسية … يقولون إنهم /تجمع مهني/، وإذا كانوا كذلك، لماذا يتحدثون عن السياسة؟!”.

وردا على سؤال حول مدى إمكانية تعديل قانون الانتخابات الذي أُقِر مؤخرا، باعتباره من الأمور التي تجمع الأحزاب والقوى المعارضة على رفضها، أجاب :”قانون الانتخابات أجيز بموافقة 87% من أعضاء الهيئة التشريعية، وبعد توافق قوى الحوار الوطني وعددها 102 حزبا وحركة”، مشيرا إلى أن نسبة المعارضين كانت ضئيلة.

واستدرك:”الواقع يثبت أن بعض القوى السياسية غير راغبة في الانتخابات، ومن ثم تعمل على إضاعة الوقت … ومن هنا ندعوها إلى عدم إضاعة الوقت والبدء سريعا في الاستعداد لانتخابات 2020″.

وتحدث الصديق عن محاولات عديدة تجري لخلط الحقائق بشأن ما يحدث بالسودان. وأوضح :”تم مؤخرا تداول مقطع فيديو لرئيس قطاع الثقافة بالحزب الزميل الفاتح عزالدين، وهو يهدد بقطع رأس المتظاهرين، وهذا لم يحدث … لقد تم اقتطاع وتحريف حديثه في لقاء خاص بأبناء دارفور، كان يتحدث فيه تحديدا عن حملة السلاح والذين يهددون الأمن والاستقرار، لا المتظاهرين، وما حدث كان محاولة لاغتيال الرجل معنويا لكونه أحد المشرفين على الحشد الشعبي الذي خرج الأربعاء الماضي تأييدا للقيادة والدعوة للحوار والاستقرار”.

وحول البيان الصادر من الاتحاد الأوروبي مؤخرا بشأن الأوضاع في السودان، قال الصديق :”بيان الاتحاد الأوربي مرجعه قلة المعلومات … ونؤكد على أن السودان وقيادته أحرص على الشعب السوداني من أي جهة أخرى”.

وكان الاتحاد الأوروبي طالب في بيانه الحكومة السودانية بإطلاق سراح جميع من تم اعتقالهم بصورة تعسفية، وإجراء تحقيق حول سقوط القتلى وما حدث من تجاوزات.

وحول ما شهده مستشفى أم درمان، من تعقب قوات الأمن للمتظاهرين داخل المستشفى وإطلاق الرصاص الحي، ما أدى لسقوط قتلى وتعريض حياة المرضى والعاملين بالمستشفى للخطر، قال الصديق إن “هناك لجنة شكلتها السلطات لمعرفة حقيقة، ما جرى في تلك الواقعة تحديدا، ويُتوقع أن تعلن نتائجها في أسرع وقت”.

وشدد :”المؤكد هو أن بعض المتظاهرين دخلوا المستشفى بقصد كسب التعاطف واستغلال المرضى، فالمستشفيات لم تكن في يوم من الأيام مكانا للتظاهر، ولم نسمع على مدار التاريخ عن مظاهرة انطلقت من مستشفى، ومع ذلك نقول إن التحقيق سيكشف كل شيء”.

وانتقد تشكيك البعض في الأرقام الرسمية الصادرة بشأن أعداد ضحايا الاحتجاجات وموقوفيها، كما وصف حديث البعض عن استقدام أجانب لتدريب قوات الأمن على كيفية قمع التظاهرات “بالكاذب والسخيف”.

وشدد:”ليس هناك مصلحة للحكومة في إخفاء أسماء القتلى، ولا يمكن أن يحدث هذا بالأساس في السودان، فالترابط الاجتماعي كبير وبالتالي يصعب إخفاء شيء كهذا … أما الحديث عن مرتزقة روس فهو ليس فقط كاذبا وعاريا تماما من الصحة، ولكنه أيضا سخيف. طيلة الحياة السياسية السودانية، ورغم كثرة التقلبات، لم يحدث أن تمت الاستعانة بالآخرين”.

ورغم انطلاق بعض دعوات التظاهر من بعض المساجد، فإن رئيس قطاع الإعلام بالحزب الحاكم يرى أن الحديث عن دخول تيارات دينية بعينها على خط دعم الاحتجاجات هو من قبيل المبالغة والتهويل، وقال :”عدد المساجد بالخرطوم وحدها 5125 مسجدا… والتظاهرات خرجت من مسجد /ود نوباوي/ بأم درمان، والمعروف بكونه مقر حزب الأمة المعارض، الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي … وهناك أئمة مساجد نفوا تماما كل ما تم ترويجه عن تظاهرات خرجت من مساجدهم “.

وحول تعمد قيادات الدولة والحزب الحاكم تكرار الحديث عن وجود عدو يتربص باستقرار السودان دون الإفصاح عنه على وجه التحديد، قال :”ليس بالضرورة أن تُعلن المسميات، لقد شهدت بدايات تسعينات القرن الماضي مواقف عدائية من دول ومنظمات وصلت لدرجة الدعم المباشر والمعلن لحركات التمرد، والحصار الاقتصادي، والأمر معروف لدرجة لا تتطلب بيانا أو توضيحا”.

واستنكر ما يتردد عن ممارسة السلطات السودانية للتضييق على عمل مراسلي القنوات الفضائية في تغطية الاحتجاجات، وقال :”بعد كل هذا التدفق الإخباري عن أوضاع السودان، يبدو لي أن الحديث عن أي تضييق إعلامي نوع من عدم الإنصاف”.

وأضاف :”كما قلت: لا يوجد صحفي سوداني معتقل، وتغطية التظاهرات تتم بحرية، رغم أن البعض ينزع إلى التضخيم والاعتماد على مصادر غير دقيقة أو منصات التواصل لنقل ما هو شائعة على أنه خبر مؤكد ، وللأسف نرى أن دور بعض المحطات أصبح أقرب للتحريض من نقل الوقائع والحقائق”.

وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة للصحافة الحكومية لتجاهلها ذكر الاحتجاجات إلا في أضيق الحدود، قال :”الصحافة السودانية تتمتع بقدر واسع من الحرية، والقوانين عموما تنظم ممارسة المهنة وتمنع الترويج للعنف والإرهاب وزعزعة الاستقرار، وتم نهاية العام الماضي توقيع ميثاق شرف بين رؤساء تحرير الصحف وبإشراف المجلس الوطني”.

وحول مدى تواصل دول أجنبية مع الحكومة السودانية بشأن الاحتجاجات، سواء لإبداء الدعم أو لتوجيه النصيحة أو اللوم، قال :”السودان دولة ذات قرار حر وتحرص على شعبها أكثر من الآخرين … ولدينا إرث واسع في الحوار السياسي، وإذ نقدّر قلق البعض، فإننا نكرر ونؤكد أن شعب السودان وحكومته لديهم من الحنكة والخبرة وتقدير المصالح ما يتجاوزون به كل حالة عسر، وعلى كل حال فليس هناك ما يستدعي القلق حول أحداث محدودة التأثير.”

ولم يعلق القيادي كثيرا على ما يتردد عن عدم تقديم قطر وتركيا، أبرز حليفين للسودان، الدعم الكافي للسودان لتجاوز أزمته الاقتصادية الراهنة، واكتفى بالقول :”نشكر كل الدول الصديقة والشقيقة … والرئيس عمر البشير أشاد بكل الدول التي دعمت السودان ووقفت معه، ليس في هذه الحادثة العابرة، وإنما في المحافل الدولية وفي مجالات الاستثمار المختلفة”.

واستبعد الصديق وجود أي رابط بين زيارة البشير لدمشق وبين الاحتجاجات، رغم اندلاع الاحتجاجات في أعقاب الزيارة، وقال :”لا أرى رابطا بين مظاهرات خرجت في بدايتها احتجاجا على ندرة بعض السلع الضرورية، ثم اتخذت مسارا سياسيا، وبين زيارة الرئيس إلى دمشق، ولكن ربما يمكن القول إن بعض معارضي الرئيس السوري تبنوا شعارات المتظاهرين، ويكررونها عبر مختلف المنصات”. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق