ـ تونس ـ من سناء محيمدي ـ يحيي التونسيون الذكرى الثامنة لثورة يناير والتي انطلقت شرارتها مع احتجاجات شعبية انتهت بسقوط نظام بن علي والذي حكم البلاد لـ 23 عاما، وسط أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والاجتماعي، على وقع احتجاجات تهب على المدن التونسية تعكس خيبة امل بعد 8 سنوات من ثورة لم يزهر ربيعها بعد.
وتتزامن ذكرى الثورة مع مناخ متوتر في البلاد، على وقع تصعيد الحركات الاحتجاجية عكسها الاضراب العام المرتقب الخميس المقبل، والذي يقوده الاتحاد التونسي للشغل في مسلسل الصراع مع حكومة صامتة امام استفحال الازمات الاقتصادية والاجتماعية.
كما ان المعارك السياسية بين مختلف التيارات، وارتفاع منسوب الاحتقان السياسي والذي ظهر مؤخرا بشكل اعنف من خلال كيل الاتهامات بين الاحزاب السياسية، ضاعف من حجم الارتباك وانتج مناخا متشنجا شعبيا وسياسيا مع اقتراب المواعيد الانتخابية المقبلة.
وفي مؤشر على حالة الاحباط التي تخيم على افراد الشعب التونسي، سيما الشباب منهم، كشفت رابطة الناخبات التونسيات تركية أن حوالي 75 بالمئة من الشباب والنساء لا يرغبون في المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2019.
وترجع الرابطة هذا العزوف إلى عدم تحسن أوضاعهم الاجتماعية وإلى عدم تنفيذ الأحزاب السياسية لوعودهم الانتخابية، ما يعكس تصاعد مؤشرات الغضب الاجتماعي في تونس، خصوصا مع رصد 746 تحركا احتجاجيا خلال شهر واحد، 94 بالمئة منها تحركات احتجاجية اجتماعية.
ورغم مرور 8 سنوات من عمر ثورة تونس، الا ان المطالب التي رفعت في ذاك الوقت، لا يزال الشعب التونسي ينادي بها لغاية اليوم، وتتضمن تحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية لمعيشة المواطنين، على غرار توفير وسائل النقل ومياه الشرب والخدمات الصحية والخدمات البريدية، وكذلك التشغيل وضمان استمرارية مواطن الشغل في المصانع المهددة بالإفلاس.
وبقي شريط الفقر والذي يشمل المحافظات الأضعف تنمية، يمثل مركز ثقل في التحركات الاحتجاجية (428 تحركا احتجاجيا من مجموع 746)، في ظل عجز الحكومة على تلبية نداء الشارع مع غياب خطة واضحة لإنعاش الاقتصاد، ما يمهد لاستمرار موجة الاحتجاجات في المناطق التونسية.
وتواجه تونس صعوبات اقتصادية وارتفاعا في العجز التجاري، وأظهرت بيانات صادرة عن معهد حكومي، أن الميزان التجاري سجل عام 2018 عجزاً قدره 6.34 مليارات دولار، مقابل 5.19 مليارات دولار عام 2017، بزيادة بلغت نسبتها 22.1% على أساس سنوي.
ورغم التحديات الهائلة التي تعترض قطار الثورة، غير ان تونس كسبت رهان الديمقراطية والحريات وهو ما جاء في التقرير السنوي لسنة 2018 لمؤشر الديمقراطية الذي تصدره المؤسسة البريطانية وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، حيث تصدرت تونس مجددا قائمة مؤشر الديمقراطية بين جميع الدول العربية بنيلها 6.41 نقطة.
وقد حلت تونس في المرتبة الأولى عربيا ( 63 عالميا) متقدمة على المغرب (100 عالميا) ولبنان (106 عالميا)، مع العلم أن التونس هي البلد الوحيد المصطبغ باللون بالأخضر مقارنة ببقية الدول العربية ذات الألوان الداكنة التي تشير للأنظمة نصف ديمقراطية أو استبدادية.
واُحتسب مؤشر تونس وفق 5 عوامل هي المسار الانتخابي (6.42) والحريات المدنية (5.88) وعمل الحكومة (5.71) والمشاركة السياسية (7.78) والثقافة السياسية.
وإفريقيا، حلت تونس في المرتبة السابعة خلف كل من جزر الموريس، والرأس الأخضر، وبوتسوانا، وجنوب إفريقيا، وليسوتو وغانا.