ليلى العياري
نحن امام فضيحة دولية بامتياز، لا يمكن حصرها في حدود تونس وحسب.
ملف الجهاز السري لتيار الإخوان ربما من أخطر الملفات التي تم الكشف عنها مؤخرا، والتحقيق فيه بموضوعية ومهنية واحترافية سيؤدي بالتأكيد إلى الكشف عن كثير من الأسرار العميقة في أزمات تونس وقد يكشف أيضا الكثير من أزمات مجاورة في ليبيا ومصر وصولا حتى منطقة الخليج العربي.
الملف الجهاز السري أسقط السرية عن هذا الجهاز الفتاك، والملف لم يعد سريا وقد أصبح معلوما للعالم كله.
الجهاز السري هو مؤسسة موازية غير شرعية، استغلت الشرعية في الدولة ومؤسساتها فتغلغلت في كل مفاصل الدولة التونسية مما يجعلها تهديدا للأمن القومي التونسي وأمن الإقليم نفسه، وقد يضع تونس في حالة اختطاف وتصبح الدولة بكل مقدراتها رهينة لتيار الإخوان بتنظيمه العالمي بعد ان نجحوا في ذلك في خطف قطر وتحويلها إلى مقر آمن لهم.
لكن، أمام هذا الكشف الفاضح والخطير جدا، ماذا فعلت التيارات السياسية والأحزاب والقوى في تونس؟
هل كانت بمستوى الحدث الجلل لتقف في مواجهته وتستعيد سيادة الدولة التي اهتزت بهذا الاختراق الخطير؟
الحقيقة المرة أن القوى السياسية في تونس بعمومها لا تزال رهينة مشاحناتها الداخلية ومناوراتها ومساوماتها العبثية وربما كان هذا أحد أهداف الجهاز السري نفسه وقد وضع خطته الخبيثة كتيار يهدف إلى تشظي الدولة التونسية وإدخالها في حالة عدمية سياسية، للسيطرة على كل أركانها.
إن قضية خطيرة مثل ملف الجهاز السري هي ورقة رابحة لو توحدت القوى التونسية على الإمساك بالملف والتحقيق فيه للوصول إلى إدانة قانونية ضمن دولة مؤسسات تحترم ذاتها، فتصل إلى حرمان عصابات النهضة من العمل السياسي ومنعهم بالضرورة من خوض الانتخابات وإخراجهم من المشهد بعد تعريتهم امام العموم بل و احالتهم إلى القضاء على جرائم لو انها في بلد يسوده القانون كان يجب ان تؤدي بالحزب المتهم الى الحكم بحله.
تفاعل الحكومة ضعيف، وهذا طبعا خاضع لحسابات سياسية ضيقة لدى بعض المسؤولين، رغم أن الملف يطيح بأكبر حكومات الأرض في دول تحترم القانون.
قضية “الجهاز السري قضية امن قومي تمس سيادة الدولة و امنها ورغم ذلك كان التعاطي مع هذه القضية ولا يزال باردا جدا لا يتعدى فعل الدهشة ومحاولات لملمة الموضوع لحسابات سياسية عبثية غير مجدية وضيقة.
و نحن على اعتاب ذكرى الثورة المزعومة نتمنى ان لا تبقى هذه الملفات غامضة و تصبح شعار الانتخابات القادمة لخداع صوت الناخب مرة اخرى مثلما حصل في قضية الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي، ولنقم بإحياء ثورات تونس كلها وانتفاضاتها عبر تاريخها الحديث من خلال استعادة روح تلك الثورات والانتفاضات وتكريس فكرة الدولة وإنقاذها من خاطفيها.