ثقافة وفنون

حب وحرب

مَيديا النعيمي

تعلمتُ أنَ بين الحبَ والحرب سر لايباح …
وتعلمت أيضاً أن وجودهما سوية هي خسارهٌ حتميه.
المكان والزمان يفرضان عليك القبول بالواقع.
في اليوم الثاني من الحرب وصل موكبنا العائلي الهارب من جحيم القصف المدمر في بغداد الى منطقة ريفية تطل على النهر الفرات ، كانت منطقة جميلة تحيطها أشجار الصفصاف لتضفي على المكان رومانسية ريفية جميلة. كان المكان عبارة عن مجمع سكني كانت قد بنته الحكومة ليكون موقعا قريبا للعاملين في مشروع بناء السد المطل على نهر الفرات حيث كان والدي يعمل هناك كمشرف هندسي. وصلنا الى هناك بعد مسيرة ساعتين من بغداد سعيا للامان المؤقت.
في هذا المكان التقيت بااصدقاء الطفوله ، كان لقاءا مفعما بالبسمة والامل، احسست بالامان لوجودهم قربي، احسست ان الأمل في الحياة مازال قائما.
كانوا ينتظروني بشوق، حديث الذكريات والطفولة كانت كافية لتنسيني اجواء الحرب ولو للحظات. كانت العائلات تلتقي مع بعضها البعض في اجواء جميلة تنشغل بحديث الذكريات في عذوبة جميلة وبروح آلامل المنشود..
الحرب كواقع فرضت نفسها شئيا فشئ على إيقاع حياتنا اليومي، كانت الشغل الشاغل، كانت بغداد ومدن العراق تُستباح بقصف جوي وصاروخي شديد، الا ان رغبة الحياة كانت أقوى ، كنا نحاول ان نتمسك بالامل رغم قساوة الظروف الحياتية، كانت ضحكاتنا تبعث في نفوسنا الدف ونحن نغسل الملابس والصحون بمياه باردة في شتاء غريب.
في الليل وعندما يشتد القصف او يكاد يقترب من مسامعنا كنّا نهرول الى ملجا قريب منا، كان اجتماعا عائليا جميلا تختلط فيه الضحكات والدعوات والأمنيات بالسلامة.
في الصباح كنّا نعود الى دورنا، وقلوبنا تحمد الله على صباح جديد، كنت أراقب الصبار وهو يتفتح في شرفتي داري بزهره أرجوانية لامعه، وصوت لبلبل صداح ينبأ بالامل …احساس جميل وكان الطبيعية تعطينا درسا في الحياة.
في وقت مغيب الشمس كنت أبحث عّن المفقود عند أطراف النهر اجلس على مصطبة من الخشب…
أعيش عزله التمني وأغط في أحلامي…
قرص الشمس ودع السماء وعانق الماء عناق الاحباب بعد الفراق…
كنت أحتفظ بصوره حيه في جيبي…
تشعرني بالدفء عندما تهب رياح بارده مصحوبه برذاذ نهر دجله.
في الليل كانت الشموع تزين بيتنا وبيوت الجيران وكأنها ليلة العيد، المباني من حولنا تحولت الى شجرة عيد ميلاد مزدانة بالشموع، يا الهي، رومانسية فرضتها الحرب علينا بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
انتهت الحرب، هكذا صدح مذياع ابي ، قلت لنفسي هل انتهت جولة الموت وبدأت حياة جديدة؟؟ لكن خبر جديد إعادني الى واقع اخر مبهم، انه بدايه عقد جديد…
انها الغوغاء او بداية النهاية انسحب الجيش من مواقعه وبدأت الفوضى…
أناس بوجوه متجهمه و اجساد نحيله تتجه.
مسرعه الى القصر بثياب سوداء وقماش مجهول المنشأ…
قصدت الصعود الى اعلى البنايه لرؤيه أهدافهم وامتداد طريقهم…
انهم يجوبون المكان كالنمل الفارسي بأنياب سامه اذ اجتمعوا كانو كالسهم المسموم في جسد الأسد….
حملو ملابس منسوبه لاصحاب القصر الرئاسي، وسرقوا أواني مزخرفه وبقايا اثاث ووسائد وثيره…. كانت الفوضى قد عمت الجانب الاخر من ضفة النهر ، قلق اخر انتابني من مجهول قادم.
سويعات قليلة…. انتهى كل شئ، دبابات قادمه تزحف بقوة لتجتاح المكان وليستب الامن في المكان…
انسحب من انسحب وقتل من قتل، دراما مميتة لبلد دخول المجهول
والإعلان عّن
ولاده ميته وبلد يعمه الأمان الجزئي ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق