أوروبا

النواب البريطانيون يصوّتون على تعديلات تتيح التحكم بملف بريكست

ـ لندن ـ قبل شهرين من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيحاول النواب البريطانيون الثلاثاء إبعاد الحكومة والسيطرة على هذا الملف، بعد رفض مجلس العموم البريطاني اتفاق الانفصال الذي تم التوصل إليه مع بروكسل.

واستُبعد اتفاق الانسحاب الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد مفاوضات صعبة استمرت أشهراً مع الاتحاد الأوروبي، في 15 كانون الأول/ديسمبر بأصوات غالبية ساحقة من النواب ما فتح المجال أمام امكانية الانفصال من دون اتفاق في 29 آذار/مارس، موعد بريكست المرتقب. ويخشى هذا السيناريو قسم من الطبقة السياسية والأوساط الاقتصادية.

بعد هذا الرفض، لم تعدّ تيريزا ماي خطة بديلة على عكس ما كان يطالب به برلمانيون ولم تتمكن من التوصل إلى توافق أثناء استشارات مع المعارضة ونواب من أكثريتها المحافظة.

وأعدّ النواب تعديلات ستتم مناقشتها والتصويت عليها الثلاثاء بناء على قرار رئيس مجلس العموم جون بيركو، لمحاولة تغيير مسار العملية. وهذه التعديلات لا تلزم الحكومة بشكل فوري. إلا أن الأمر سيكون مخاطرة سياسية في حال تجاهلتها تيريزا ماي.

وقبيل بدء النواب مناقشة التعديلات، أعلن متحدث باسم رئيسة الوزراء الثلاثاء أن هذه الأخيرة تريد إعادة فتح مباحثات اتفاق الانفصال مع الاتحاد الأوروبي.

وصرّح خلال مؤتمر صحافي “لا تزال المملكة المتحدة تؤمن أنه من مصلحة بريطانيا تماماً الخروج مع اتفاق، لكن علينا أن نحصل على اتفاق يحظى بدعم البرلمان وذلك يتطلب إجراء تعديلات في اتفاق الانسحاب”.

وقال المتحدث إن ماي صرّحت أمام الحكومة صباح الثلاثاء أن “تغييرات قانونية بشأن الباكستوب ستكون ضرورية للحصول على دعم مجلس العموم”. وتابع “هذا يعني إعادة فتح اتفاق الانسحاب” مؤكداً أنه رغم ضيق الوقت إلا أن الحكومة لا تزال “مصممة على الخروج (من الاتحاد الأوروبي) في 29 آذار/مارس” كما هو مرتقب.

معسكران 

يتعارض معسكران في البرلمان البريطاني.

من جهة، قدم مؤيدو بريكست تعديلات حصل أحدها على دعم الحكومة. ويطالب هذا التعديل بشكل أساسي بأن يحذف من اتفاق الانفصال، الترتيب المثير للجدل بشأن “شبكة الأمان” (باكستوب بالانكليزية) الذي يهدف إلى تفادي إعادة الحدود الفعلية في جزيرة إيرلندا. ويرى مؤيدو بريكست أن ذلك قد يجعل بريطانيا مرتبطة بشكل دائم بالاتحاد.

ورفض القادة الأوروبيون حتى الآن بشكل قاطع فكرة إعادة التفاوض بشأن النصّ وقد حثّتهم دبلن الأحد على العودة عن موقفهم “غير المنطقي”.

ولدى سؤال المتحدث باسم ماي عن ردة فعل بروكسل بشأن إعادة فتح الاتفاق، قال إن “رسالة القادة الأوروبيين واضحة، يريدون خروجاً مع اتفاق ويدركون أن ذلك يصبّ في مصلحة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”.

وأضاف أنه “يُتوقع أن تعقد ماي لقاء مع الاتحاد خلال النهار”.

يعتبر المشككون في جدوى الاتحاد الأوروبي أن في حال تبني أحد هذه التعديلات، سيكون لدى تيريزا ماي وسيلة ضغط في وجه الاتحاد الأوروبي ويقولون إن تعديل “الباكستوب” سيتيح رؤية البرلمان يصادق على الاتفاق.

في المعسكر الآخر، هناك مؤيدو الاتحاد الأوروبي ومعارضو الخروج من التكتل من دون اتفاق ويسعون إلى منع حصول ذلك وتأخير الانفصال وحتى تنظيم استفتاء ثان.

والتعديل الذي سيخضع لبحث معمّق سيكون ذلك الذي قدّمته النائبة العمالية ايفيت كوبر التي تسعى إلى تأجيل موعد بريكست عبر السيطرة بشكل جزئي على جدول أعمال البرلمان. وإذا تم تبني هذا التعديل، سيناقش النواب في الخامس من شباط/فبراير قانوناً يرغم الحكومة على تأجيل موعد بريكست إذا لم يتمّ التوصل إلى أي اتفاق في 26 شباط/فبراير.

وسيكون قانون من هذا القبيل ملزماً بالنسبة لتيريزا ماي لن تتمكن من التهرّب منه.

ويُبعد تعديل آخر احتمال غياب الاتفاق ويطالب بإجراء تصويت في مجلس العموم على خيارين: اتفاق أعيدت صياغته يتضمّن اتحاداً جمركياً مع الاتحاد الأوروبي أو تنظيم استفتاء ثان.

“طريق مسدود”

في مواجهة هذه الانقسامات، توصلت مجموعة محافظين تضمّ مؤيدين ومعارضين لبريكست إلى موقف مشترك، حسب ما أكدت وسائل إعلام بريطانية الثلاثاء.

وهذه التسوية التي أطلقت عليه تسمية “مالتوز” تيمّناً باسم عائلة النائب الذي أعدها، تسعى إلى أن تعود ماي إلى بروكسل لإعادة التفاوض بشأن إقامة “شبكة أمان” وتمديد الفترة الانتقالية التي ينصّ عليها اتفاق الانفصال – والتي سيواصل البريطانيون خلالها تطبيق القواعد الأوروبية والاستفادة منها – وذلك من أجل تمديد وقت التفاوض على علاقة تجارية جديدة.

وفي حال عدم دخول حيّز التنفيذ أي اتفاق في نهاية المطاف، تقترح هذه التسوية فترة انتقالية تتيح للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيم علاقات اقتصادية بحسب قواعد منظمة التجارة العالمية أو التوافق على علاقة تجارية جديدة.

ولا يحظى هذا الطلب بأي فرصة للبحث فيه من جانب الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر أنه لا يمكن الدخول في فترة انتقالية من دون اتفاق انفصال.

وتعليقاً على مسألة الباكستوب، اعتبرت سابين وياند، مساعدة كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي ميشال بارنييه، أن المحادثات تدور في حلقة مفرغة.

وقالت “لا شيء جديداً في كل ذلك. سبق أن ناقشنا الأمر بشكل موسّع. المفاوضات انتهت. ولن نعيد فتح اتفاق الانسحاب”.

في باريس، أشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن “اتفاق الانسحاب والباكستوب ليسا قابلين لإعادة التفاوض”. وأضافت “الاتحاد الأوروبي كان واضحاً في هذه النقطة مرات عديدة، هذا المسار هو طريق مسدود. يجب الانتقال إلى أمر آخر”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق