العالم
فيتنام موقع محايد نادر للقاء ترامب وكيم
ـ هانوي ـ للمرة الثانية يلتقي الرئيس دونالد ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، على أرض آسيوية، بعد لقائهما الأول فى سنغافورة فى شهر حزيران/يونيو الماضي، لكنهما اختارا هذه المرة فيتنام لتكون مقرا للقائهما الثاني يومي 27 و28 شباط/ فبراير الجاري.
وتعد فيتنام نقطة التقاء محايدة نادرة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وليس غريبا على فيتنام احتضان لقاء ترامب/كيم، فقد اعتادت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا استضافة اجتماعات رفيعة المستوى ومتعددة الأطراف بمشاركة كبار قادة العالم، حيث استضافت قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (ابيك) مرتين، في عامي 2006 و 2017 في مدينتي هانوي ودا نانج على التوالي.
وشارك ترامب في قمة دا نانج عام 2017، إلى جانب عدد من زعماء العالم، ومن بينهم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينج .
وفي الآونة الأخيرة، استضافت هانوي قادة إقليميين، مثل الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو وزعيمة ميانمار أون سان سو تشي، في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2018 في هانوي.
وقال كارل ثاير، الأستاذ الفخري في جامعة نيو ساوث ويلز والخبير في شؤون فيتنام إن ” سجل فيتنام حافل، يؤكد قدرتها على استضافة أحداث رفيعة المستوى في بيئة آمنة”.
وأضاف ثاير أن الأمر الأكثر أهمية، هو أن فيتنام تعتبر أيضا طرفا محايدا من جانب الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فضلا عن الصين، الحليف الرئيسي لكوريا الشمالية، وأيضا بالنسبة لكوريا الجنوبية، في المناقشات حول الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية.
وقال ثاير إن “الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والأطراف المعنية الأخرى تعتبر فيتنام مكانًا محايدًا”، مضيفًا أن فيتنام استضافت من قبل محادثات بين كوريا الشمالية واليابان ، والتي تعتبرها بيونجيانج أيضا عدوا.
وأوضح ثاير أن التحدي اللوجيستي الرئيسي، بالنسبة لأية قمة خارجية يشارك فيها كيم، هي نقل الزعيم الكوري الشمالي، حيث لم تتمكن طائرته، وهي من طراز “اليوشن ام 62” سوفيتية الصنع من القيام بالرحلة بأكملها إلى سنغافورة خلال قمته الأولى في حزيران/يونيو 2018 مع ترامب، الأمر الذي تطلب التوجه إلى الصين، واستبدال طائرة من طراز “بوينج 747” مملوكة للصين بطائرته.
وأشار ثاير إلى أن مدينة دا نانج في فيتنام تقع في نطاق طائرة كيم القديمة، ومع ذلك، سوف “تعرض الصين مرة أخرى توفير مقاتلة لمرافقته”.
وقال زاكري أبوزا، الأستاذ في كلية الحرب الوطنية في واشنطن والمتخصص في قضايا الأمن في جنوب شرق آسيا، إن اختيار دا نانج من المرجح أيضا أن يكون بسبب حرص فيتنام على استضافة القمة.
وأضاف “ليست كل دولة على استعداد لذلك: إن الأمر يتكلف أموالا كثيرة على المسرح السياسي”.
وقال لي دانج دوانه، المستشار الاقتصادي المتقاعد لخمسة رؤساء وزراء فييتناميين، إن فيتنام حريصة بشكل خاص على استضافة القمة؛ لأنها تريد أيضا فرصة لإجراء محادثات ثنائية مع الرئيس الأمريكي حول عدد كبير من القضايا التي لا علاقة لها بكوريا الشمالية.
وأضاف دوانه- الذي حضر آخر مأدبة رسمية لترامب عندما زار هانوي في عام 2017 أن “فيتنام ترغب في الترحيب بالسيد ترامب.. لمناقشة العديد من الموضوعات (بخلاف كوريا الشمالية)”.
وقال أبوزا إن فيتنام تريد التودد لترامب في قضايا تتعلق بالأمن.
وبينما تمتعت الولايات المتحدة وفيتنام بعلاقات دافئة على نحو متزايد خلال فترة رئاسة باراك أوباما، فإن انسحاب ترامب المفاجئ من معاهدة الشراكة عبر المحيط الهادئ، والتي وقعت عليها فيتنام، تسبب في حالة من القلق من أن يهمل ترامب الشراكة الاستراتيجية الناشئة بين البلدين.
وتزعم الصين سيادتها تقريبا على كل بحر الصين الجنوبي، وهو ما يتعارض مع مطالبات أخرى بالسيادة من جانب فيتنام. وقد أعربت كل من واشنطن وهانوي عن قلقهما من قيام الصين بتزويد الجزر المتنازع عليها، والخاضعة لسيطرتها في البحر بالأسلحة.
وقال أبوزا “لا أعتقد أننا نقدر الدرجة التي تراجع إليها الوضع الأمني لـ(فيتنام) في عام 2016”. وكانت الصين، التي أعادت تطبيع العلاقات مع فيتنام في عام 1991، قد غزت فيتنام لفترة وجيزة في عام 1979، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ووقوع نزاع حدودي طويل، شهد سيطرة الصين على العديد من الجزر الفيتنامية في بحر الصين الجنوبي بعنف في ثمانينيات القرن الماضي.
ودفعت المخاوف بشأن صراع مستقبلي مع الصين، فيتنام إلى السعي للتعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، وهو اتجاه تأمل في استمراره في ظل رئاسة ترامب.
وأضاف أبوزا “لقد فعلت هانوي كل ما في وسعها للاستمرار في التودد لترامب، أملا في الخروج من هذا الوضع”. (د ب أ)