العالم
سباق محموم بين مرشحين مسلمين اثنين على منصب الرئاسة في نيجيريا
ـ لاجوس ـ عندما يتوجه الناخبون النيجيريون إلى صناديق الاقتراع بعد غد السبت، يمكنهم الاختيار من قائمة حافلة تضم إجمالي 72 مرشحا للرئاسة.
ويتمتع اثنان فقط من بين المرشحين بالحظ الأوفر للفوز بالسباق الرئاسي، هما الرئيس الحالي محمدو بوهاري الذي يسعى إلى الفوز بولاية ثانية، وهو ينتمي لحزب “مؤتمر كل التقدميين” الحاكم، و”عتيق أبو بكر”، مرشح “حزب الشعب الديمقراطي”، أبرز أحزاب المعارضة فى نيجيريا.
المرشح الثاني معروف شعبيا باسمه الأول فقط “عتيق”، وهو رجل أعمال جمع ثروة طائلة من العمل في مجالات الاستيراد والتصدير والنفط والزراعة والاتصالات.
وهذه هي المرة الأولى التي يكون فيها المرشحان صاحبا الفرصة الأكبر في الفوز مسلمين، ومن شمال البلاد، وينتميان إلى مجموعة “فولاني” العرقية.
وجرى العرف أن يكون للسباق الانتخابي الرئاسي في نيجيريا بُعداً دينياً، حيث يعيش معظم مؤيدو حزب “مؤتمر كل التقدميين” في الشمال المسلم، في حين يملك “حزب الشعب الديمقراطي” قاعدة انتخابية في جنوب البلاد ذي الأغلبية المسيحية.
وليس بين المرشحين بوهاري وعتيق قواسم مشتركة كثيرة رغم تشابه خلفيتهما الدينية والعرقية.
ولد بوهاري في عام 1942 بقرية صغيرة تدعى “دورا” في ولاية “كاتسينا” شمالي نيجيريا، قرب الحدود مع تشاد، وهو مسلم متدين محافظ، في حين أن “عتيق”، المولود في ولاية “أداماوا”، ليبرالي له فضل في توحيد النيجيريين وتجاوز الكثير من الانقسامات الدينية والعرقية.
وبوهاري حاكم عسكري سابق تولى إدارة شؤون البلاد في الفترة بين عامي 1983 و1985، وهو معروف بالانضباط والصرامة والصدق، وهو سجل يندر العثور عليه في معترك السياسة في نيجيريا.
وفاز الجنرال المتقاعد بوهاري بالانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد في عام 2015 استناداً إلى تعهداته بوضع حد للفساد في المجال السياسي وفي صناعة النفط.
وتتكبد نيجيريا، وهي صاحبة أكبر اقتصاد في قارة أفريقيا(بحسب صندوق النقد الدولي)، كما احتلت المركز الثاني عشر بين أكبر دول العالم انتاجا للبترول في عام 2018، خسائر تقدر بالمليارات من عائدات النفط بسبب فساد الذمم والسرقة وسوء الإدارة.
كما تعهد بوهاري بالقضاء على جماعة “بوكو حرام” الاسلامية المتشددة، التي أودت عملياتها الإرهابية بحياة الآلاف منذ عام 2009.
ورغم تراجع أنشطة “بوكو حرام” إلى حد كبير في ظل رئاسة بوهاري ، يظل الإرهاب والعنف الطائفي والفساد قضايا رئيسية في تلك الدولة التي تقع في غرب أفريقيا.
كما تنتشر حالة من القلق في البلاد بشأن صحة الرئيس بوهاري.
فقد ثارت شائعات حول تردي الحالة الصحية للرئيس منذ قضائه عدة أشهر في رحلة علاجية بالعاصمة البريطانية لندن في عام .2017 وعاد بوهاري إلى بريطانيا في رحلة أخرى طويلة لإجراء فحوص طبية في عام 2018.
ولم يتم على الإطلاق كشف النقاب عن طبيعة مرض الرئيس أو العلاج الذي يتلقاه.
أما عتيق، فهو رجل أعمال مخضرم يحمل شهادة في القانون، وكان نائبا للرئيس أولوسيجون أوباسانجو (2007-1999). ويمتلك عتيق الذي يبلغ من العمر 72 عاما، مجموعة تجارية ضخمة تضم شركات تعمل في مجال النفط والإعلام والمشروبات والتعليم والزراعة القطاعات اللوجستية (السَّوْقِيَّات).
ولكن شائعات الفساد تحيط بنجاح رجل الأعمال الليبرالي.
وفي دولة مثل نيجيريا، حيث يعيش نصف سكان البلاد البالغ عددهم إجمالا حوالي 200 مليون نسمة، على 9ر1 دولار يوميا، بحسب بيانات البنك الدولي، تعهد عتيق بإخراج 50 مليون نيجيريا من براثن الفقر المدقع.
وخصخصة مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية ، ومن ثم تحديثها، أحد السبل لتنفيذ خطة عتيق.
ويتفق المحللون السياسيون على أن السباق الرئاسي المقرر بعد أيام سيكون متقارباً.
وتعطي سيطرة حزب “مؤتمر كل التقدميين” على ضعف عدد الولايات التي يسيطر عليها “حزب الشعب الديمقراطي” المرشح بوهاري “ميزة طفيفة”، بحسب ما كتبه “جيدوفور أديبي”، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة ولاية ناساراوا، في ولاية كيفي النيجيرية، في إحدى تدويناته.
وأضاف أديبي: ” رغم هذا، لا تمثل هذه الميزة ضمانة (للفوز)”.
ووقع بوهاري وعتيق، اللذان تنافسا على رئاسة حزب “مؤتمر كل التقدميين” في عام 2015، اتفاقا العام الماضي من أجل إجراء انتخابات سلمية.
ورغم هذا، أعرب خبراء عن قلقهم من أن يحاول أحد المرشحين الاثنين حشد قوات الأمن أو التأثير على لجنة الانتخابات أو القضاء حال خسارته.
وحذر “سيلفستر أوديون-أكايني”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية لاجوس، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية “د. ب. أ”، من أنه في حال افتقرت الانتخابات للنزاهة أو شهدت تلاعبا، ربما يسعى بوهاري وعتيق إلى السيطرة على المؤسسات الرئيسية في البلاد.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الجداول الانتخابية في نيجيريا حوالي 84 مليون ناخب، بإمكانهم الإدلاء بأصواتهم في 175 ألف مركز اقتراع، بين الساعة الثامنة صباحا (السابعة صباحا بتوقيت جرينتش) وحتى الثانية بعد الظهر (13:00 بتوقيت جرينتش)، بعد غد السبت.
وتراقب الانتخابات بعثات من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ومن المتوقع إعلان النتائج الأولية للانتخابات بعد يومين من الاقتراع.
ومن أجل تحقيق الفوز من الجولة الأولى، يتعين حصول المرشح على أكثر من 50 بالمئة من أصوات الناخبين، وأيضا 25 بالمئة من الأصوات في ثلثي الولايات النيجيرية، التي تصل إجمالا إلى 36 ولاية. (د ب أ)