أوروبا

 لحظة صدق لبابا الفاتيكان مع استضافة قمة لمكافحة التحرش بالأطفال غدا

ـ مدينة الفاتيكان ـ إنها الفضيحة التي لن تترك الكنيسة الكاثوليكية وشأنها. لقد طفت على السطح اتهامات التحرش الجنسي بالأطفال من جانب القساوسة الكاثوليك في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة ، فضلا عن التستر والإنكار التام الذي تسبب في عرقلة تحقيق العدالة.

ولكن في الفترة من 21 إلى 24 شباط/فبراير الجاري ، سوف تجمع قمة أزمة في الفاتيكان حول التحرش بالأطفال أخيرا كبار الأساقفة لمواجهة هذه القضية.

واستدعى بابا الفاتيكان فرنسيس الأول أكثر من 100 أسقف من رؤساء الكيانات الكاثوليكية الوطنية، وعشرات من كبار مسؤولي الكنيسة الآخرين، للمشاركة في الاجتماع ، والذي يمكن أن يكون أصعب اختبار لبابويته. وسوف يصلي المشاركون في القمة، ويتناقشون ويستمعون إلى شهادات من ضحايا سابقين لجرائم التحرش.

ومع ذلك، هناك شكوك حول ما يمكن أن يحققه الاجتماع .

ويقول إياكوبو سكاراموتزي ،وهو صحفي وكاتب إيطالي متخصص في شؤون الفاتيكان :”لا يمكنكم أن تفعلوا في غضون ثلاثة أيام ونصف اليوم ما لم يتم فعله في 40 عاما” ، مشيرا إلى أن البابا يدرك تماما هذا التحدي.

وقال البابا فرنسيس في مؤتمر صحفي عقد في أواخر كانون ثان/يناير الماضي خلال عودته من زيارة لبنما :”التوقعات بحاجة إلى إفراغها من الفقاعات … لأن مشاكل التحرش سوف تستمر . إنها مشكلة إنسانية ، في كل مكان”.

ووفقا لهانز زولنر ،وهو قس ألماني وخبير في حماية الأطفال وعضو في اللجنة المنظمة للقمة، فإن الاجتماع سوف يكون “خطوة على الطريق الطويل الذي بدأته الكنيسة بالفعل لمحاربة التحرش بالأطفال”.

وأثار فشل الفاتيكان في معاقبة القساوسة المتحرشين بالأطفال الذي طال مداه حالة من المراقبة الشعبية الشديدة ،على الأقل منذ فضيحة التستر على جرائم التحرش بالأطفال في بوسطن عام 2002 ، والتي أعيد إحياء ذكراها بفيلم “سبوت لايت” الحائز على جائزة الأوسكار عام 2015.

وفي العام الماضي ، ساءت الأمور بشكل ملحوظ ، حيث تعرضت مصداقية تعهد البابا فرنسيس “بعدم التسامح” بشأن التحرش الجنسي لاختبار جاد من خلال سلسلة جديدة من الفضائح في تشيلي والولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا وغيرها.

وأعلن الفاتيكان يوم السبت الماضي فقط أن الكاردينال الأمريكي السابق المتهم بسوء السلوك الجنسي مع خُدَّام مذبح وطلبة لاهوتيين ،تيودور ماكاريك، قد فصل من منصبه الكهنوتي ، وهو أكبر عقاب حتى الآن يتم توقيعه على شخصية كنسية من هذا العيار .

وقال البابا في آب/ أغسطس الماضي :”دعونا نطلب الغفران لخطايانا وخطايا الآخرين” ، معترفا في خطاب مفتوح موجه إلى 3ر1 مليار كاثوليكي حول العالم بأن كنيسته “طالما تجاهلت أو أخمدت أو أسكتت صوت” ضحايا التحرش.

وقال البابا فرنسيس الشهر الماضي إن القمة ضرورية لأن “بعض الأساقفة لم يفهموا جيدا ، أو لم يعرفوا ماذا يفعلون” إزاء التحرش بالأطفال. سوف يكون للاجتماع هدفان :”التوعية” بالمشكلة ، واعتماد مبادئ توجيهية مشتركة للتعامل معها.

اختلفت مواقف الدول تجاه التحرش في الكنيسة بشكل واسع النطاق على مر السنين. ففي الولايات المتحدة وألمانيا ، كانت مكافحة التحرش بالأطفال تمثل أولوية إلى حد كبير للغاية ؛ أما في بلدان مثل إيطاليا وبولندا ، انتبهت التسلسلات الهرمية للكنائس مؤخرا فقط لهذه القضية ؛ وفي معظم آسيا وأفريقيا ، نادرا ما يتم تسجيل مثل هذه الجرائم.

ويقاوم بعض الأساقفة اتخاذ إجراء لأنهم “غير مدركين لحجم المشكلة” ،حسبما يقول سكاراموتزي ، واصفا الكنيسة الكاثوليكية بأنها منقسمة بين “هؤلاء الذين تعلموا الدرس وأولئك الذين ما زالوا في حالة إنكار”.

وقال الأب فيدريكو لومباردي ،المتحدث البابوي سابقا والذي سيدير مناقشات القمة المغلقة، إن تبني الشفافية أمر صعب بالنسبة لمؤسسة اعتادت على ثقافة السرية.

ويوضح أن الانفتاح بشأن “مواقف بغيضة” تتعلق بقساوسة زملاء “ليس بالأمر الذي يسهل القيام به” ، لكن الكنيسة “تدفع ثمنا باهظا جدا للغاية للتستر في الماضي ، وإذا لم نكن أغبياء فإن هذا يجب أن يشجعنا على الاستمرار” في إجراءات التطهير.

وفي حديث للصحفيين يوم 12 شباط/فبراير ، قال لومباردي إن النتيجة المحتملة للقمة يمكن أن تكون تكوين فرق عمل لإرسالها إلى الدول التي تتخلف كنائسها الكاثوليكية المحلية كثيرا في اتخاذ تدابير مكافحة التحرش.

ولكن ضحايا التحرش -والذين سوف ينظمون احتجاجات بالتوازي مع القمة- يطالبون منذ فترة طويلة بإجراء المزيد من الإصلاحات الجذرية ، مثل فرض إلزام رسمي على الأساقفة بإبلاغ الشرطة عن أي قساوسة مشتبه بهم يرصدونهم. والآن ، يتم تشجيعهم فقط للقيام بذلك.

ويقول ماركو بوليتي ،وهو صحفي ومؤلف إيطالي آخر يتابع شؤون الفاتيكان :”يريد البابا والفريق المنظم للقمة وضع قواعد واضحة وملزمة للأساقفة”. وأضاف أن السؤال هو ما إذا كان سيتم تنفيذها أم لا.

ويواجه البابا فرنسيس مقاومة واسعة للتغيير داخل الكنيسة ، بما في ذلك مقاومة من جانب المعارضين المحافظين بشدة الذين قد يقفزون على أي فشل ملحوظ في جهوده المناهضة للتحرش لتجديد هجومهم على بابويته الليبرالية نسبيا.

ويقول بوليتي :”إذا تأخرت العملية (الإصلاح) أو إذا ازدادت الفضائح ، فإن البابا يواجه خطر فقدان مصداقيته”. وحذر قائلا إنه في غياب إجراءات متابعة ذات مصداقية ، “يحتمل أن يكون للقمة تأثير عكسي بالنسبة للبابا”. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق