أوروبا
أم ارهابي فرنسي فجر نفسه في سوريا تنذر نفسها لمحاربة الفكر المتطرف في فرنسا
ـ تولوز (فرنسا) ـ فجر إبنها نيكولا نفسه في سوريا مستهدفا قرية شيعية بعد أن اعتنق الفكر الجهادي، ومنذ تلك الفترة تنشط دومينيك بونس لمحاربة انتشار هذا الفكر بين الشبان الفرنسيين، ولمنع تكرار مأساة ابنها.
وبعد ثلاثة اسابيع على تلقيها رسالة قصيرة على هاتفها المحمول جاء فيها أن ابنها “استشهد”، أنشأت دومينيك بونس جمعية أطلقت عليها اسم “فلنتحرك”.
وجاء مقتل نيكولا (30 عاما) بعد أشهر قليلة من مقتل أخيه غير الشقيق جان دانيال ايضا في سوريا بينما كان يقاتل في صفوف الجهاديين.
وقالت من منزلها في تولوز (جنوب غرب) “ما كان بإمكاني الجلوس مكتوفة اليدين، كنت حزينة جدا على ابني فبدأت العمل لمنع تكرار المأساة نفسها مع آخرين”.
كانت في الستين من العمر عندما قتل ابنها، ولم تكن تعرف شيئا عن العمل الاجتماعي وخصوصا أنها عسكرية متقاعدة. تروي دومينيك “كنت وحيدة بالفعل لولا دعم واحد” جاءها من مراسل صحيفة ليبيراسيون اليسارية في تولوز، الذي ما لبث ان توفي.
ولما باشرت نشاطها سرعان ما تلقت عشرات الاتصالات من عائلات تخشى على ابنائها أو سبق أن انضم ابناؤها الى النشاط الجهادي. وتركزت مهمتها بشكل خاص على تقديم المعلومات المفيدة والدعم اليها.
وتتهم دومينيك السلطات الرسمية بالتخلي عنهم. تقول “إنهم يرفضون حتى تقديم شهادة وفاة بحجة أن بعض الجهاديين يعلنون وفاتهم لتسهيل تحركهم لاحقا”.
الابن الضال
ومساهمة منها في تقاسم تجربتها مع آخرين تروي دومينيك مسيرة عائلتها وابنها قبل تحوله الى العمل الجهادي. فقد عاش نيكولا بعيدا من والده الذي تطلقت منه دومينيك باكرا، فسقط في المخدرات وصدرت بحقه احكام قضائية ولم تكن له مسيرة مهنية محددة.
تقول اويسا كيس الخبيرة الاجتماعية والمتخصصة بشؤون التطرف والتي تساهم في عمل الجمعية، ان لدى دومينيك “خطابا لافتا لا يسقط في الكراهية بل يتسم بالهدوء ويشيع الاطمئنان”.
إلا أن عمل دومينيك بونس تعقد كثيرا بعد الاعتداءات التي استهدفت باريس عام 2015 إذ تبين أن المتورطين بهذه الاعتداءات لديهم خلفيات تختلف تماما عن خلفية ابنها الذي يوصف بأنه “الولد الجيد” الذي ضل الطريق وتم استغلاله.
تقول دومينيك بونس بهذا الصدد إن اقرباء الجهاديين تحولوا ايضا الى “أبناء ضالين”، وخصوصا اذا كانوا من المسلمين إذ باتت المؤسسات العاملة في هذا المجال تتجاهلهم.
إلا أن هذا الوضع المعقد لم يدفع دومينيك الى الاستسلام، بل بالعكس جعلها تضاعف نشاطها خصوصا مع هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا وكثرة الكلام عن الجهاديين الاسرى الذين ترفض حكومات بلدانهم استقبالهم.
“لا بد من إعادة الاطفال”
تقول دومينيك بتأثر شديد “إن الرأي العام يتعاطى بسلبية حتى مع فكرة إعادة أطفال الجهاديين، وهذا الامر جنوني مع ترداد كثيرين أنه من الافضل تركهم يهلكون هناك”، مع العلم ب”أن هناك جدودا وجدات مستعدون لاستقبالهم والاعتناء بهم”.
وتعتبر أن “الاولوية يجب ان تكون لاعادة الاطفال وبعدها ليقم القضاء بما يريد أن يقوم به”. الا انها تعترف مع ذلك ب”أن الوضع معقد جدا، لأن قسما كبيرا ممن توجهوا الى سوريا اعتنقوا الفكر الجهادي فعليا وحتى أمهات منهم”.
ودومينيك حاليا على اتصال بعائلة كوانتان لو بران الذي انضم الى تنظيم الدولة الاسلامية منذ العام 2014 مع زوجته. وقد سلم الزوجان نفسيهما مع اولادهما الاربعة بينهم ثلاثة ولدوا في سوريا، الى قوات سوريا الديموقراطية. ويأمل جدا وجدتا الاطفال في التمكن من تسلمهم للاعتناء بهم.
وتقول دومينيك إن “هزيمة داعش في سوريا لا تعني أن تجنيد المجاهدين سيتوقف”.
وكتبت مع الممثل فنسان دوفور قطعة مسرحية تحمل اسم “شهيد” تروي بشكل او بآخر رواية ابنها، وتأمل بان يتم تقديم هذه المسرحية في المدارس ومناقشة ما ورد فيها.
وتختم “لا أحد يملك الحل لكن الكلام عن الامر لا بد من أن يساعد”. (أ ف ب)