السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
تونس: وسط معارضة الرأي العام.. الحكومة تمهد لاستغلال الغاز الصخري
– تونس – أعطت الحكومة التونسية الضوء الأخضر لوزارة البيئة لإعداد دراسة تحدد حجم المحروقات غير التقليدية في تونس، الغاز الصخري والبترول الصخري، وتكشف الآثار المحتملة لعمليات استخراجه على البيئة والمحيط. وهي خطوة تعد جريئة من جانب الحكومة الحالية حيث لم تتجرأ على الإقدام عليها الحكومات السابقة والمتعاقبة بعد الثورة التونسية بالرغم من حاجتها لتنويع مصادر الطاقة والموارد الاقتصادية للبلاد وذلك لإدراكها لحساسية هذا الملف بسبب معارضة منظمات المجتمع المدني والجمعيات البيئية وكذلك الرأي العام باعتبار هذا النشاط محذورا في العديد من الدول بسبب خطورته على البيئة والإنسان.
وكشفت الحكومة نيتها خوض تجربة استغلال المحروقات غير التقليدية وأهمها الغاز الصخري وهو مشروع بمثابة السلاح ذو حدين فإن تم قد يُحسب إما من أبرز إنجازاتها؛ إذا توفرت فيه ضمانات وشروط سلامة استخراج هذه المحروقات من دون مخاطر بيئية وطبيعية قد تمس سلامة حياة التونسيين، وقد يحسب من جهة أخرى من أكثر الخطوات خطورة على استمرارية الحكومة الحالية حيث قد يؤخذ على أنه خطأ فادح في تسيير شؤون الدولة واستغلال ثرواتها ومواردها الطاقية دون مراعاة سلامة المواطنين.
ويعارض طيف واسع من ممثلي المجتمع المدني والرأي العام التونسي هذا النشاط في تونس، وهو ما حتم على الحكومة التوجه نحو القيام بدراسة شاملة لعلها تقدم نتائج تكون مقنعة للمعارضين لاستخراج الغاز الصخري والبترول الصخري في تونس. وترى وزارة البيئة أن الدراسة، التي تصل كلفتها إلى 2 مليار و75 ألف دينار تونسي، ويعكف على إعدادها، حاليا، مكتب الدراسات التونسي “سات تونس” والكندي “وي اس بي”، “ستساعد على اتخاذ القرار” وربما إقناع الرّأي العام الرّافض للمسألة برمتها.
واستنادا إلى عدة دراسات، فقد رخصت الدولة التونسية لبعض المؤسسات الأجنبية القيام بعمليات التكسير الهيدرولكي لاستخراج المحروقات التقليدية وغير التقليدية في تونس. في المقابل قامت منظمات من المجتمع المدني ونشطاء بيئيون، خلال فترة ما بعد الثورة بتحركات احتجاجية ضد استغلال الغاز الصخري قصد تبليغ نواب البرلمان بخطورة هذا النشاط، والتعبير عن معارضتهم لكل مشروع في هذا المجال، آملين في تغيير يفرضه الدستور الجديد الذّي نص، فيما بعد، صراحة على حقوق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية وفي بيئة سليمة في فصليه 13 و129.
وتعوّل وزارة البيئة على الدراسة المذكورة، للتوعية من جهة والحسم في قرار الاستثمار في الغاز الصخري من جهة ثانية، وهي تعتمد على مكتبي الدراسات للتواصل مع الرأي العام في الجهات المعنية بهذا النشاط.
وأوضح مدير البيئة الصناعية بوزارة البيئة والشؤون المحلية، يوسف الزيدي، أنّه سيتم القيام باستشارات مع المواطنين، بعد الانتهاء من الدراسة، كما ستقع دعوة الجمعيات والسلطات المحلية والخبراء بالجهات المعنية، لتقديم النتائج وللحديث عن المخاطر البيئية والصحية المحتملة ومن ثمة الخروج بتوصيات تساعد الحكومة على اتخاذ القرار”. بالرغم من أن عمليات التكسير الهيدروليكي للتنقيب عن المحروقات غير التقليدية قد تمت بالفعل في تونس بحسب مؤسسات أجنبية.
وأضاف الزيدي “لا يمكن للحكومة أن تكتفي بدراسة الوكالة الأميركية المنجزة في العام 2013 أو دراسات أجنبية أخرى حول إمكانات الغاز الصخري في تونس، وقد ارتأت أن تتحرّى بواسطة خبراء تونسيين من صحة المعطيات وعن طريق بحوث ميدانية وطنية لتتولى بعدها تأكيد المعلومات التي سبق ونشرت أو تفندها”.
وتعد هذه الخطوة مخاطرة من جانب الحكومة التونسية لعدة أسباب من بينها موقف معارضيها وجانب هام من الفاعلين السياسيين في تونس الذين يرون أن أدائها السياسي ضعيف وأن إدارتها للمرحلة السياسية الراهنة فاشلة وأن حصيلة المؤاخذات عليها تفوق بكثير حصيلة انجازاتها. وأن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن المتسم بالاضطراب والاحتقان إلى درجة مطالبة كثيرين بتغيير الحكومة، بجانب معارضة الرأي العام والمجتمع المدني لأنشطة مثل استغلال المحروقات غير التقليدية وبالأخص الغاز الصخري في تونس بالإضافة إلى غياب القوانين التي تشرع هذا الاستغلال، وهي جميعها عناصر تؤكد حساسية هذا المشروع وتثبت أن الحكومة الحالية ربما أدخلت نفسها في مغامرة غير محسوبة العواقب كونها تجعلها في مواجهة مع الجميع.