السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

الملك محمد السادس والبابا فرانسيس يناديان بوجوب بقاء القدس مدينة للسلام

فاطمة الزهراء كريم الله 

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ احتضن القصر الملكي أمس السبت حدثا تاريخيا اذ به وقع العاهل المغربي الملك محمد السادس، والبابا الفاتيكان فرانسيس للمرة الاولى على وثيقة تهم القدس الشريف، حملت اسم ” نداء القدس” اقرارا منهم بوحدة مدينة السلام وحفاظا على مكانتها. نداء ملك المغرب وبابا الكاثوليك حول القدس، باعتبارها مدينة مقدسة وأرضا للقاء، جاء بمناسبة زيارة البابا فرنسيس تدوم يومين اثنين.

بوثيقة “نداء القدس” عرف إقرار الملك محمد السادس وبابا الفاتيكان بوحدة القدس الشريف وحرمتها، مع تشبثهما بالحفاظ على بعدها الروحي ومكانتها المتميزة كمدينة للسلام.

وشدد الطرفان على تأكيد أهمية المحافظة على مدينة القدس الشريف، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، وبوصفها، قبل كل شيء، أرضا للقاء ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل والحوار. كما طالب “نداء القدس” بوجوب صيانة وتعزيز الطابع الخاص للقدس الشريف كمدينة متعددة الأديان، إضافة إلى بعدها الروحي وهويتها الفريدة.

وتروم هذه الوثيقة، التي تم توقيعها بحضور ولي العهد الأمير  الحسن والأمير رشيد، بالإضافة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ومستشارو الملك؛ عمر عزيمان وفؤاد عالي الهمة وأندري أزولاي، ووزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأعضاء الوفد المرافق للبابا في زيارته إلى المملكة. إلى النهوض بالطابع الخاص للقدس كمدينة متعددة الأديان، والبعد الروحي والهوية الفريدة للمدينة المقدسة.

تعليقا على هذا الحدث التاريخي، قال المحل السياسي، الموساوي العجلاوي: “هذا النداء هو بمثابة تاكيد على ان القدس يجب أن تظل مكانا منفتحا على الديانات الثلاث، كما أن هذا النداء ه بمتابة إعادة وضع النقاط على الحروف فيما يخص وضعية القدس،  وأعتقد انه نداء سيبقى للتاريخ وأنه أيضا نداء موجه إلى جميع الديانات وفي مرتبة أخرى هو نداء لدعم النظال الشعب الفلسطيني الذي يحاول أن يحافظ على الهوية الاسلامية والمسيحية و أيضا اليهودية للمنطقة دون أن تخصص القدس لديانة دون أخرى”.

بأربع لغات العاهل المغربي : أنا أمير جميع المؤمنين باختلاف دياناتهم…

التوقيع على هذه الوثيقة التاريخية، سبقها خطاب العاهل المغربي الذي ألقاه بأربع لغات هي العربية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية، خلال الاستقبال الذي احتضنته باحة صومعة حسان في العاصمة الرباط، أمس، بمناسبة الزيارة التي يقوم بها البابا فرنسيس إلى المملكة.

وقال الملك محمد السادس: إن “زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب تندرج في إطار العلاقة العريقة بين المغرب والفاتيكان، وأنها زيارة تأتي في سياق “يواجه فيه المجتمع الدولي كما جميع المؤمنين تحديات كثيرة مردفا أنها “تحديات من نوع جديد تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر”.

و أكد الملك محمد السادس، في خطابه، على أنه بصفته ملكا للمغرب وأميرا للمؤمنين فإنه مؤتمن على “ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية”، مردفا “وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين على اختلاف دياناتهم. وأنه بهذه الصفة لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية، وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى الذين يعيشون في المغرب”.

وفي تحليله لمضامين الخطاب، قال الموساوي العجلاوي: إن ” الملك محمد  السادس في هذا الخطاب وضح بشكل مباشر التوظيف الديني من خلال كره الاخر ورفضه. و النقطة الثاني التي يمكن استخلاصها من هذا الخطاب، هي تجديد الحوار بين الاديان، واعادة التذكير بالنموذج المغربي بحيث ذكر الملك مؤسسة محمد السادس للعلماء المغاربة والافارقة ولما لها اهمية على مستوى القارة الافريقية وذكر أيضا معهد تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات ولما له من أهمية في نشر المبادئ السمحة للاسلام والتي تنص على قبول الاخر.
ثم اخيرا يضيف المحلل السياسي، ما يمكن استنتاجه  هو دعوة إلى تاسيس ثقافة جديدة مبنية على التربية المبنية أيضا القبول بالآخر .

دعوة مشتركة بين البابا والملك لنبذ التطرف والكراهية…

 

في السياق ذاته، دعا كل من البابا فرانسيس والعاهل المغربي محمد السادس، في خطابيهما إلى نبذ الكراهية وتبني قيم التسامح بين الأديان، ومجابهة التطرف والتعصب.
كما اعلنا اتفاقهما على عدد من النقاط المتعلقة بحماية حرية المعتقد، والدعوة للتسامح، وكذا الدعوة لمواجهة التحولات المناخية.

وفي هذا الصدد، قال البابا فرانسيس إنه “لا يجب استخدام الدين في تأجيج الكراهية، مشددا على أن الله خلق الكائنات البشرية متساوية في الحقوق والواجبات ودعاها إلى العيش كإخوة ونشر قيم الخير والمحبة والسلام”.

وأكد البابا، على أن “حرية الضمير والحرية الدينية لا تقتصر على حرية العبادة، ويجب أن يسمح لكل شخص في العيش بكل قناعاته الدينية لأنها مرتبطة بالكرامة البشرية، وأضاف نحن بحاجة ليس فقط للتسامح، وإنما احترام الآخرين وتقديرهم”.

وتابع خطابه قائلا:  “من الضروري أن نجابه التعصب والأصولية بتضامن جميع المؤمنين، جاعلين من قيمنا المشتركة مرجعا ثمينا لتصرفاتنا. مشددا في الوقت ذاته على أن الديانات الثلاث تدعو لنبذ التطرف والكراهية والأصولية”.

وقال العاهل المغربي “إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك”.

وأكد ملك المغرب، على “القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة فهي تحثنا على محبة الآخر ومد يد العون له”.

المغرب والفاتيكان علاقات تاريخية…

 

تدفعنا زيارة البابا الفاتيكان للمملكة المغربية، للبحث عن طبيعة العلاقة الديبلوماسية ين ملوك المغرب والكنيسة الكاثوليكية، والتي تعود إلى عهد المرابطين. ففي عام 1888، بعث السلطان مولاي الحسن الأول، السفير فوق العادة، الحاج محمد الطريس إلى البابا ليون الثالث عشر.

العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والكرسي الرسولي، شهدت عامَ 1976، افتتاح السفارة البابوية، التابعة للكرسي الرسولي، في الرباط في 1988، وعرفت في سنة 1997 افتتاح المغرب سفارته لدى هذا الكرسي. ثم بعد ثلاث سنوات، أي في مطلع الألفية الثالثة، زار الملك محمد السادس رسميا مقرّ الفاتيكان، والتقى البابا يوحنا بولس الثاني. كما عُيِّنت، في غشت من السنة الماضية 2018، الأكاديمية رجاء ناجي مكاوي سفيرة للمملكة بالڤاتيكان. وفي عام 1980، قام الملك الحسن الثاني بزيارة رسمية إلى الڤاتيكان، تعدّ أول زيارة إلى الحبر الأعظم بروما من قِبَل رئيس دولة مسلمة.

وبعد أربع سنوات من زيارة الملك الراحل دولةَ الفاتيكان صدر ظهير ملكي يؤكد “مركزيةَ الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب، وحقَّها في ممارسة مهامها بحُرّيّة خاصة في ما يتعلق بالعبادة، والتعليم الديني، وإنشاء إطار قانوني للتعايش السلمي بين المسلمين والكاثوليك”؛ وهو ما تلاه في سنة 1985، حسب المصدر نفسه، زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للمغرب.

وفي سنة 1976 تم التأسيس رسميا للعلاقات الديبلوماسية بين المغرب والكرسي الرسولي.

وتعتبر الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس، في عام 2000 إلى الفاتيكان ولقاءه بالبابا يوحنا بولس الثاني، محطة أخرى بارزة في تاريخ العلاقات بين المغرب والفاتيكان.

تاريخ المسيحية بالمغرب…

يعود وجود المسيحية في شمال إفريقيا عموما وفي المغرب خصوصا نهاية القرن الثاني، وظلت الطوائف المسيحية الصغرى حاضرة بعد وصول الإسلام إلى المغرب حتى القرن الثالث عشر في بعض الأماكن، على الرغم من الزوال التدريجي للتسلسل الهرمي في الكنيسة.

ففي عام 1219، في عهد القديس فرنسيس الأسيزي، دخل أول فرنسيسكان إلى المغرب بناء على طلب من سلطان مراكش لضمان حرية العبادة للأسرى، ثم عيَّن الكرسي الرسولي أسقفا من الدومينيكان في عام 1225 على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الموحدين، واستمر المرسلون الإسبان في ممارسة رسالتهم بين الأسرى المسيحيين من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر.

وفي عام 1923 أنشأ البابا بيوس الحادي عشر نيابَتَيْن رسوليّتَين: الأولى، مقرُّها الرباطُ موجّهة لمنطقةِ المحميات الفرنسية، والثانيةُ، في طنجة لمنطقة المحميات الإسبانية ومنطقة طنجة الدولية، مع حرص المقيم العام ليوطي على احترام الكنيسة نظام الحماية الخاص بالمغرب، بأن لا يكون الهدف منها جعل المسلمين مسيحيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق