أوروبا
اليمين المتطرف الأوروبي يبدأ حملته الانتخابية وسط شعبية متزايدة إنما منقسما
ـ برلين ـ تبدأ الحركات اليمينية المتطرفة والشعبوية الأوروبية حملتها الانتخابية مدعومة بشعبية قوية واستطلاعات للرأي مؤاتية، لكنها تجد صعوبة في تخطي انقساماتها وتبعات مأزق بريكست.
وتفتتح الحملة السبت بتجمع تنظمه حزب “البديل لألمانيا” من اقصى اليمين في أوفنبورغ بولاية بادن فورتمبرغ (جنوب) لإطلاق حملتها للانتخابات الأوروبية، بعد دخولها المدوي إلى الساحة السياسية الألمانية عام 2015.
ويأمل حزب “البديل لالمانيا” تثبيت هذا الاختراق في ظل استطلاعات للرأي تمنحه 10% من نوايا التصويت، ولو أن هذه النسبة في تراجع منذ بضعة أشهر. ويأمل في الحصول على ربع أصوات الناخبين في مقاطعات ألمانيا الشرقية سابقا.
ورغم الفضائح المالية التي تطاولها، لا يزال الحزب يحظى بشعبية، مستغلا المخاوف الناجمة عن قرار المستشارة أنغيلا ميركل فتح الحدود في العام 2015 أمام أكثر من مليون طالب لجوء.
“خطوة أولى”
وبعد يومين في ميلانو، يجمع وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني زعيم حزب “الرابطة” الذي تتوقع استطلاعات الرأي نيله أكثر من 30% من الأصوات، حلفاء أوروبيين، سعيا لوضع أسس كتلة كبرى في البرلمان الأوروبي المقبل يمكنها التأثير على قرارات المفوضية الأوروبية.
ففي البرلمان المنتهية ولايته، ينقسم التيار السيادي إلى ثلاث كتل.
وتعتزم الرابطة العضو في كتلة “أوروبا الأمم والحريات”، مد اليد خصوصا لحزب “الفنلنديين الحقيقيين” و”الحزب الشعبوي” الدنماركي، وهما حاليا في كتلة “المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين”.
وسيشارك يورغ مويتن الذي يتصدر لائحة “البديل لألمانيا” في تجمع ميلانو فيما تغيب عنه رئيسة “التجمع الوطني الفرنسي” مارين لوبن التي تأمل في الحلول في طليعة النتائج الانتخابية في فرنسا في 26 أيار/مايو.
غير أن “لقاء وديا” الجمعة بين لوبن وسالفيني اللذين يتنافسان على زعامة اليمين المتطرف الأوروبي، ومن المتوقع أن يشاركا في “تظاهرة مشتركة” في أيار/مايو، بحسب ما أفاد حزب “الرابطة”.
ورغم أوجه الشبه الواضحة، مثل التشكيك في جدوى أوروبا ومعاداة الإسلام، فإن وحدة الصف ليست بالأمر اليسير بين هذه الحركات.
ولفت مويتن إلى أن هذه الأحزاب الموزعة بين الدول الأوروبية “لديها مواقف متماثلة أو متشابهة في سياسة الهجرة، إنما مختلفة جدا في المجالات الأخرى”.
فالفارق شاسع مثلا بين “البديل لألمانيا” المؤيد لاقتصاد السوق، و”التجمع الوطني” الداعي للحمائية، و”الرابطة” و”فيديس” المجري الأكثر ليبرالية بكثير.
كما أن “الرابطة” و”حزب العدالة والقانون” البولندي يتمسكان بجذور أوروبا المسيحية، في حين أن “التجمع الوطني” لا يجعل منها أولوية مناديا بالعلمانية.
وحتى في سياسة الهجرة، ثمة انقسامات عميقة بين “الرابطة” المؤيد لتوزيع طالبي اللجوء على دول أوروبا، و”التجمع الوطني” و”البديل لألمانيا” المعارضين لذلك.
وهذا ما يدفع كلا من هذه الأحزاب والتيارات إلى السعي لكسب حلفاء جدد لتعزيز كتلته الخاصة.
وأدرك المحافظون في “الحزب الشعبي الأوروبي” هذا الأمر، وهذا ما جعلهم يعلقون عضوية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بدون الوصول إلى حد استبعاده رغم استفزازاته المتكررة، حتى لا ينتقل ليعزز صفوف احدى كتل التيار السيادي.
مأزق بريكست
وإن كانت أحجام الكتل قد تتبدل قليلا في البرلمان الأوروبي، فمن المستبعد حصول تسونامي حذر منه العديد من المراقبين لفترة طويلة.
وتشير توقعات عرضها البرلمان الأوروبي في شباط/فبراير بناء على استطلاعات للرأي وطنية، إلى أن نتائج التيار السيادي الإجمالية ستمثل خمس البرلمان، أي ما يقارب نسبتهم الحالية.
كما أن مأزق بريكست وما يرافقه من فوضى وغموض، له مفعول رادع لأي دعوات للخروج من الاتحاد الأوروبي، وبات العديد من السياديين يمتنعون عن المطالبة بالانفصال، وأبرزهم مارين لوبن التي تخلت عن الحديث عن “فريكسيت”.
لكن سفين هاتن الخبير السياسي في جامعة برلين الحرة حذر من استخلاص العبر بشكل متسرع، معتبرا أن الدعوات للخروج من أوروبا قد تطرح مجددا في المستقبل.
ولفت إلى أن صعوبات بريكست قد تستخدم “لتعزيز الشعور بأن الاتحاد الأوروبي لا يحترم إرادة الدول ولا الناخبين”. (أ ف ب)