بعد يوم فض اعتصام القيادة العامة المشؤوم بالخرطوم، واندفاع صاحب الطموح السياسي (حميدتي) الذى كلف الجيش والسودان نفسه الكثير ومازال للاسف، بادرت اطراف منافسة للحضور للمشهد السوداني، فذهب الاثيوبي ابي احمد للخرطوم للتوسط بين الطرفين (الجيش والمعارضة)، وبنفس الساعة وفى زيارة غير معد لها مسبقا، حضر للقاهرة خصم اثيوبيا الاول (رئيس اريتريا) فى زيارة لم تفصح أى وسيلة اعلامية عن تفاصيلها.
وبمؤتمر المتحدث بأسم المجلس العسكري السوداني قال الفريق أول شمس الدين الكباشي بصريح العبارة لا نريد وساطة بيننا وبين قوى الحرية والتغيير أو غيرها (بعد أعلانه بالموافقة على مقترحات ووساطة ابي احمد الاسبوع الماضي).
وبتلك الايام التى شهدت منافسة سياسية شرسة بين الاطراف الحاضرة بالملف السوداني، كان الجيش بالداخل يواجه تحدي غاية الخطورة عبر محاولتي أنقلاب على يد الاسلاميين اتباع البشير بالجيش (كما صرح المجلس العسكري السوداني).
وتوجه الرجل الاول والاعقل فى السودان الفريق عبد الفتاح برهان للعاصمة الاريتية اسمرا، والتقى بالرئيس الاريتري اسياسي افورقي، والذى كان ابرز تصريحاته على الاطلاق “نرفض التدخل الاجنبي في شؤون السودان، فالشعب السوداني وحده هو الذي يقرر مصيره بنفسه”.
وتم الاتفاق بين البرهان وافورقي على فتح الحدود بين البلدين، وتسهيل الحركة الطبيعية عبر الحدود للمواطنين، على أن تقوم السلطات المختصة في البلدين باتخاذ التدابير اللازمة لفتح الحدود بصورة رسمية وفوراُ، كذلك تم الاتفاق على تفعيل التعاون، والتنسيق بين البلدين فى جميع المجالات.
والى هنا انتهى الكلام الرسمي والمعلن بين الطرفين، لكن بتأكيد هناك ما هو أبعد من ذلك جاء بالكواليس.
نعم المشهد فى الخليج خطف كل العدسات بعد أن جاء على عكس كل توقعات السياسيين او العسكريين، بعد ان خرجت الطلقة الاولى (تخريب اربع سفن بمياة الامارات الاقليمية 12مايو)، والثانية (حادث الفجيرة)، والثالثة (مطار أبها)، والرابعة (ناقلتي نفط بحر عمان) من طهران وليس من الولايات المتحدة، ولكن لم تخطف مياة الخليج كل عيون الاستراتيجي المصري.
فلا مجال امام مصر للخطأ فى دائرة أمنها القومي المباشر (ليبيا، السودان، غزة، شرق المتوسط) شرق المتوسط الذى يجب أن يحسم أمره تماما قبل 2023م، أي بعد مرور مئة عام على معاهدة لوزان 1923م والانتهاء منها.
باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا
[email protected]