*سري القدوة
لا يمكن لأي فلسطيني ان يتصور الموقف او يحاول فهم مجريات تلك الاشياء المعقدة التي تحدث في قطاع غزة، فالأفضل ان لا تحاول ان تفهم او تفسر ما يجري، كونك تعيش في غزة او من غزة وتعرف حقيقة الاوضاع هناك وما يجري بين المتناقضات المختلفة والشخوص الغريبة العجيبة.
اصبحنا نعيش في مرحلة الوهم المتبدد، عندما تدافع حركة حماس عن التهدئة بينها وبين (اسرائيل)، وعندما تعتذر (اسرائيل) عن قتل احد افراد الضبط الميداني علي حدود قطاع غزة وتقول انه تم ذلك في الخطأ، وان التمسك من قبل حماس بالتهدئة الهشة يدل انها باتت لا تمتلك اي رؤية للمستقبل ولا يوجد لديها اي خيارات اخري سوى التمسك بالتهدئة، ونعتقد جازمين هنا انها لا يمكن ان تدوم طويلا ، لأنها بالأساس ولدت ميته، وبات واضحا أن الهدف الحقيقي للاحتلال الاسرائيلي، هو تكريس الانقسام وفصل قطاع غزة عن باقي أراضي الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وضرب وحدانية التمثيل الفلسطيني، بما ينسجم مع أهدافها بعدم قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس .
ان الكل الوطني والإجماع الشعبي والرأي العام الفلسطيني، يتابعون وينظرون لما يجري بخطورة بالغة وتخوف من مستقبل مجهول بات يعصف في القضية والوطن، وهنا لا بد من التدخل الفوري والعاجل لوضع حد وحسم الامر لصالح الشعب الفلسطيني والوحدة الوطنية، وأن حماس بشكل او بأخر غير مخولة ولا تمتلك الحق بالتحدث او التفاوض باسم الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن نتائج مفاوضاتها مع دولة الاحتلال لن تلزم أحدا، خصوصا أنها تضرب بعرض الحائط بالثوابت الوطنية والحقوق الفلسطينية المعترف بها دوليا غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .
ان (الهدنة الحمساوية) مع الاحتلال بهذه الطريقة تعني شيء واحد وهو الخروج عن الاجماع الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، وان حماس باتت تطرح نفسها بديلا عن المنظمة التي هي بالأساس مسؤولة عن المفاوضات مع الاحتلال، وتمثل الشعب الفلسطيني، وانه من الواضح بان اختيار التوقيت من قبل قادة حماس وإصرارهم علي الاعلان عن تهدئة مع حكومة الاحتلال الاسرائيلي، بعيدة وبمعزل عن المصالحة الفلسطينية بات بحد ذاته يتجاوز القضايا الانسانية، وخاصة دون التوصل الي الوحدة الوطنية الفلسطينية، ويأتي في ظل (هروب نتنياهو الى الامام) وإعلانه استمرار فرض الحصار المالي ومصادرة عائدات الضرائب ووقف قنوات التفاوض مع السلطة الفلسطينية، وهنا يكون البديل جاهز علي حسب ما يبدو وهو (حركة حماس وهدنتها ) التي تأتي علي حساب برامج منظمة التحرير الفلسطينية والتوافق الوطني الفلسطيني ومشروع اقامة الدولة الفلسطينية.
ان هدنة حماس في ظل هذا (التقاطع السياسي) تعني شق الموقف الفلسطيني، والخروج عن الاجماع الوطني وتقديم هدنة مجانية للاحتلال على حساب مواقف منظمة التحرير الفلسطينية، والتي هي (الدولة) وليست حزبا في الدولة، وبذلك يكون المستقبل الوطني للشعب الفلسطيني معرض للخطر في ظل دعوات قيادات من حماس للهدنة المجانية والخاصة بهم مع حكومة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية والقدس.
ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي باتت تعمل وبوضوح علي اضعاف السلطة الوطنية وخاصة بعد فشل نتنياهو بتشكيل الحكومة الاسرائيلية والذهاب الي انتخابات جديدة، حيث يعمل نتنياهو وفريقه علي سحب البساط السياسي من تحت اقدام القيادة الفلسطينية ودعم الانقسام الفلسطيني، وتعزيز سيطرة حماس علي قطاع غزة، وما مسلسل الفشل السياسي ورفض اسرائيل تطبيق التفاهمات السياسية وعدم نجاح عملية السلام واستمرار عمليات القتل والاعتقالات والحصار على المحافظات الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، الا دليلا واضحا علي ان حكومة الاحتلال تسعى إلى تحقيق أهدافها العدوانية وتحاول بث الفتنة وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية تزامنا مع ما حققه النظام السياسي الفلسطيني من نجاحات دولية وفي مقدمتها الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية والالتحاق بكافة المؤسسات الدولية والسعي الي محاكمة اسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية .
وما من شك ان الجهود التي تقوم بها جمهورية مصر العربية وتبذلها هي في محل تقدير الشعب الفلسطيني من اجل ترتيب الأوضاع والتعامل مع التطورات في الساحة العربية والفلسطينية بشكل خاص في ضوء التحديات والمخاطر التي تواجه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة نتيجة استمرار سياسة التوسع الاستيطاني واستمرار الحفريات في القدس المحتلة، وهدم ومصادرة منازل المواطنين، واستمرار المجابهات مع مسيرات العودة السلمية والجهود التي تقوم بها مصر الشقيقة من أجل تثبيت تفاهمات التهدئة، وان هذه التحركات والجهود التي تقوم بها مصر الشقيقة من أجل المحافظة على استقرار الأوضاع في المنطقة العربية عموماً وتجنيب العديد من الأقطار العربية أي توتر ينعكس سلباً على أمنها الوطني والقومي، وأننا نؤكد علي اهمية وضرورة استمرار جهود مصر على كافة الاصعدة الإقليمية والدولية من أجل استئناف جهود عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية وفق حل الدولتين والقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.
ان الجهود المصرية الكبيرة هي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الشعب الفلسطيني، وأننا نعرب عن تقديرنا الكبير لدور الرئيس عبد الفتاح السيسي وللقيادة المصرية والشعب المصري الشقيق، على الدعم المتواصل الذي تقدمه مصر للشعب الفلسطيني من أجل تحقيق أهدافه في الحرية وإنهاء الاحتلال وتجسيد الاستقلال الوطني الفلسطيني، واستمرار الجهود المصرية ايضا من اجل إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيث لا معني لجهود التهدئة في ظل استمرار العدوان علي الاراضي الفلسطينية واستمرار الانقسام الفلسطيني والسيطرة من قبل حركة حماس علي قطاع غزة .
اننا نؤكد على اهمية وضرورة استمرار الجهود المصرية من أجل إنهاء الانقسام والتحرك المصري على كافة الصعد من أجل التمسك بحل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية والعمل على التنسيق العربي المشترك من أجل حماية الموقف العربي الموحد والذي عبرت عنه قرارات القمم العربية المتتابعة بالتمسك بمبادرة السلام العربية وحماية القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها.
*رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية وسفير النوايا الحسنة في فلسطين