تحقيقات
خلافات خلف وحدة صف الديموقراطيين بوجه تغريدات ترامب العنصرية
ـ واشنطن ـ أظهر الديموقراطيون هذا الأسبوع وحدة صف في وجه هجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أربع نائبات تقدّميات، غير أن هذا التضامن الظاهري يخفي شقاقات عميقة في حزب يبحث عن مرشحه لانتخابات 2020.
حشد الديموقراطيون كل قواهم لمجابهة دونالد ترامب بعد تغريداته التي استهدفت أربع نائبات يتحدّرن من أقليات، ودعاهن فيها إلى “العودة” من حيث أتين إن كنّ يكرهن الولايات المتحدة.
وأيدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الثلاثاء تبني مذكرة “تدين بشدة التعليقات العنصرية الصادرة عن الرئيس دونالد ترامب والتي تشرّع وتزيد الخوف والكراهية تجاه الامريكيين الجدد والأشخاص الملونين”.
لكن الحزب يشهد خلافات داخلية على عدة جبهات أخرى، وخصوصا بشأن نظام الرعاية الصحية وخطة “الاتفاق الأخضر الجديد” لمكافحة التغيّر المناخي والهجرة.
وتتمتع النائبات الأربع الكسندريا اوكازيو كورتيز (نيويورك) وإلهان عمر (مينيسوتا) وأيانا بريسلي (ماساشوستس) ورشيدة طليب (ميشيغان) بنفوذ متزايد داخل حزبهنّ الذي يسعين لدفعه نحو اليسار.
احتكاكات
شهد السجال الناجم عن تغريدات الرئيس المزيد من التصعيد بعد تجمع انتخابي عقده ترامب الأربعاء في كارولاينا الشمالية.
وهتف أنصار ترامب خلال التجمع “أعيدوها إلى بلادها” عند ذكر إلهان عمر، أحدى أول نائبتين مسلمتين في الكونغرس، وقد قدمت إلى الولايات المتحدة لاجئة من الصومال وهي فتاة قبل أن يتم تجنيسها.
ويشدد الديموقراطيون على ضرورة هزم ترامب المرشح لولاية ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، غير أن الاحتكاكات تتزايد بين مرشحيهم العديدين فيما يسعى كل منهم للتميز عن سواه يهدف زيادة حظوظه في تمثيل حزبه في السباق إلى البيت الأبيض.
ويدافع العديد من المرشحين مثل إليزابيث وارن وبيرني ساندرز عن سياسات أقرب إلى الاشتراكية، مثل إقرار نظام ضمان صحي شامل يعرف بـ”ميديكار للجميع”.
لكن المرشحين الوسطيين يخشون أن تؤدي انعطافة الحزب إلى اليسار إلى إبعاد الناخبين المعتدلين، ما سيجعل من الصعب هزم ترامب.
وعلق المرشح المعتدل والنائب السابق جون ديلاني متحدثا لشبكة “سي إن إن” الجمعة بالقول “إنهم يطلقون حرب طبقات، فيعدون بالمجانية لكل شيء، ويروجون لميديكير للجميع الذي لا يشكل سياسة جيدة”. وأضاف “إن قمنا بذلك، فسنضع ترامب على مسار مضمون للفوز بولاية ثانية”.
وتخدم هذه الخلافات الجمهوريين الذين ينتقدون سياسة النائبات الأربع اللواتي أطلقت عليهنّ تسمية “الفرقة” فيستهدفون حزم مواقفهنّ كما يأخذون على الحزب الديموقراطي انعطافته اليسارية في برنامجه.
وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثي هذا الأسبوع في تصريحات صحافية “إنها الاشتراكيّة ضد الحرية”.
وفيما يستغل ترامب هذه الانقسامات محفزا قاعدته من الناخبين المحافظين والبيض بغالبيتهم، يبقى الانتماء الإثني موضوعا خلافيا بالنسبة للجمهوريين.
مواضيع حساسة
سددت النائبة السوداء كامالا هاريس ضربة شديدة إلى خصمها في السباق لنيل ترشيح الحزب نائب الرئيس السابق جو بايدن خلال أول مناظرة تلفزيونية بين المرشحين الديموقراطيين في حزيران/يونيو، منتقدة تصريحات أبدى فيها استعداده للتعاون مع أعضاء في مجلس الشيوخ كانوا من أنصار الفصل العنصري في السبعينات.
ويسعى قادة الحزب للتخفيف من تبعات هذه المواجهات الكلامية حتى لا تضر بباقي العملية الانتخابية، غير أن مواضيع حساسة طرحت، مهددة ببلبلة الناخبين المستقلين أو إثارة عداء مؤيدي ترامب.
ومن المواضيع التي لم تحسم بعد مسألة عزل ترامب.
وطرحت على مجلس النواب الأربعاء مذكرة تدعو إلى الشروع في آلية لعزل الرئيس بعد هجماته على النائبات الأربع، غير أنه تم رفضها بغالبية 332 صوتا مقابل 95 صوتا ديموقراطيا مؤيدا.
وأعربت نانسي بيلوسي مرارا عن معارضتها لآلية عزل في الوقت الحاضر، مفضلة أن يواصل المجلس تحقيقاته حول الرئيس وإدارته.
وهذا الموقف يجعل بيلوسي والنائبات الأربع التقدميات، على طرفي نقيض. وقد ظهر التوتر إلى العلن مؤخرا.
وكتب سيكات سكرابارتي رئيس مكتب ألكسندريا أوكازيو كورتيز في تغريدة “تعتقد بيلوسي أنه ليس بإمكاننا التركيز على العزل لأنه يحول اهتمامنا عن المشكلات اليومية”.
وتابع “لكنني أتحداكم أن تجدوا ناخبين يمكنهم ذكر أمر واحد قام به الديموقراطيون في مجلس النواب من أجل حياتهم اليومية هذه السنة”.
وأثار هذا العرض العلني للخلافات الداخلية استياء بعض الديموقراطيين، غير أن البعض الآخر اعتبر أن ذلك يندرج في سياق نقاش سليم حول مستقبل الولايات المتحدة. (أ ف ب)