مال و أعمال
“مهد الكاكاو” في كوبا تستعد لزيادة الإنتاج على الرغم من الأعاصير والمعدات المتهالكة
– في مدينة باراكوا الكائنة في المنطقة الشرقية من كوبا، عانى العاملون بصناعة الكاكاو المحلية من مصاعب متعددة، اعتبارا من تدمير أشجار الكاكاو من جراء الأعاصير إلى المشكلات الناجمة عن معدات الإنتاج التي عفا عليها الزمن.
وتقول أورنيلا روميرو (43 عاما/ التي أمضت قرابة نصف عمرها في صناعة ألواح الشكولاتة وغيرها من أنواع الحلوى في مصنع الكاكاو بالمدينة “إننا مررنا بأوقات طيبة وأخرى سيئة، بعضها حلو والآخر مر مثلما هو الحال مع مذاق أنواع الشكولاتة المختلفة، وأنا عشت في هذا المصنع كل هذه الأوقات، وأستطيع القول إن الكاكاو هو حياتي”.
وتعد مدينة باراكوا – التي يقطنها نحو 82 ألف نسمة وتقع على مسافة 990 كيلومترا إلى الشرق من العاصمة الكوبية هافانا بمقاطعة جوانتانامو – أقدم مستوطنة إسبانية على جزيرة كوبا حيث تأسست عام 1511، وأصبحت تشتهر بأنها مهد الكاكاو الكوبي في عهد الاستعمار.
وافتتح أيقونة الثورة إرنستو “تشي” جيفارا المصنع عام 1963، وذلك بعد مرور أربعة أعوام على الثورة اليسارية في البلاد.
وتنتج مدينة باراكوا حاليا ما نسبته 75% من محصول الكاكاو في كوبا، ووهو نتاج عمل 1800 من المزارعين الذين تم تجميعهم في حوالي 50 جمعية تعاونية صغيرة أو متوسطة الحجم، والتي صارت من المساهمين المهمين في الاقتصاد الوطني.
ويقول مدير المصنع هوبر أريستا هيدالجو “إننا المصنع الوحيد في البلاد الذي يمد بقية المصانع لصغيرة التي تنتج الشكولاتة بمادة الكاكاو الخام، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نتمتع بوضع استراتيجي”.
وأطلق على المصنع اسم روبن ديفيد سواريز أبيللا وهو رجل ميليشيا ثوري توفى عام 1958 وهو يقاتل ضد النظام الديكتاتوري للرئيس الكوبي فولجنسيو باتيستا، وينتج المصنع قرابة ألف طن من مسحوق الكاكاو والحلوى في كل عام من الأعوام الطبيعية ، وذلك وفقا للأرقام التي ذكرها هيدالجو.
ويتم تصدير حوالي 40% من الإنتاج، معظمها إلى أوروبا على شكل حلوى، ويتم استهلاك الكمية الباقية محليا في كوبا، حيث تستهلك على شكل حلوى أو مشروبات الكاكاو للأطفال.
ويعمل المصنع حتى الآن بنفس المعدات القديمة التي جاءت من ألمانيا الشرقية، وهذا التقادم في المعدات وسوء صيانتها جعل الإنتاج يواصل معدلاته المنخفضة نسبيا، ومع ذلك يوشك المصنع على إحلال وتجديد المعدات المتقادمة باستيراد معدات مصنوعة في إيطاليا وسويسرا باستثمارات تبلغ 5ر8 مليون دولار، وهذا التطور من شأنه أن يسمح للمصنع بأن ينتج ثمانية أطنان من الكاكاو خلال ثمان ساعات بزيادة ثلاثة أطنان عن معدلات الإنتاج الحالية.
غير أن المشكلات الأخرى التي تعترض طريق المصنع هي خارج قدرة البشر على حلها.
فمدينة باراكوا تطل على ساحل معرض لهبوب الأعاصير، حيث تقع في منطقة تعمل فيها الجبال على تخفيف سرعة العواصف الخطيرة مما يجعلها تسبب مزيدا من الدمار، ففي عام 2016 دمر الإعصار ماثيو 24104 منازل من أصل 27 ألف منزل بالمدينة، كما اجتاح المساحات المزروعة بأشجار الكاكاو ودمرها عن بكرة أبيها.
وكان الهدف في ذلك العام الذي ضرب فيه الإعصار مدينة باراكوا تصدير 400 طن من الكاكاو، ولكن المدينة تمكنت من تصدير 250 طنا فقط.
ولم يكد قطاع الكاكاو يتعافى من هذه المحنة، حتى ضرب إعصار آخر هو إيرما المدينة عام 2017 ودمر مزيدا من أشجار الكاكاو.
وإذا أخرجنا الأعاصير من المعادلة نجد أن المنطقة مثالية لزراعة الكاكاو، حيث تتراوح درجة الحرارة فيها ما بين 24 إلى 28 درجة مئوية، بينما يبلغ معدل تساقط المطر ما بين 1500 إلى 2500 ملليمتر سنويا.
ويوضح خوسيه ألكسندر إيجوليس الذي يعمل في المصنع منذ 28 عاما قائلا “إننا نعيش هنا في باراكوا على الزراعة، وليس أمامنا موارد أخرى كثيرة لكسب الرزق بدلا منها”.
وفي عملية تهدف إلى الحفاظ على المذاق الأصلي للكاكاو، يتم تحميص حبوب الكاكاو في درجة حرارة تبلغ 150 درجة مئوية، ثم تقشر وتوضع داخل معصرة ضخمة تستخرج منها زبد الكاكاو لصناعة الحلوى وأيضا لإنتاج مسحوق الكاكاو.
كما أن تطوير صناعة الكاكاو لقي أيضا دعما خارجيا، فقد دعم الاتحاد الأوروبي وأيضا الوكالة الإسبانية للتنمية والتعاون الدولي الإنتاج المحلي للكاكاو في مشروع تم تنفيذه عام 2014، يركز على مساعدة النساء والمجموعات المهمشة في سوق العمل.
ويؤكد إيجوليس قائلا “إن إقامة مصانع مثل هذا المصنع يشجعنا على عدم النزوح إلى مناطق أخرى في كوبا، وعلى أن نبقى في المكان الذي ولدنا وترعرعنا فيه”. (د ب أ)