– غزة – رغم ما يعانيه سكان قطاع غزة وسكانه من حياة صعبة في ظل الأزمات المستمرة منذ سنوات؛ إلا أن الابتسامة ما زال لها مكان في حياتهم الصعبة، اتجه عدد من الشباب في قطاع غزة إلى التعبير من واقعهم والتحديات التي يعيشونها على كافة المستويات بما يسمونه “الفن الساخر”، حيث وفرت التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة، لنشر هذه البرامج دون جهد مادي، وكذلك اتساع رقعة مشاهديها الذين تباينت آرائهم حولها.
وانتشرت الكوميديا الساخرة بأشكال مختلفة في الفترة الأخيرة من الكتابة للصورة والفيديو، إلى الرسومات الكاريكاتيرية حتى فن الجرافيتي والجداريات، وأتاحت التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة جداً للجميع بين النشر والتعليق بصورة ساخرة عن الأوضاع .
وهذا التنوع في البرامج يهدف إلى معالجة قضايا الهم الفلسطيني بصورة ساخرة تماماً كما يتعامل معها الفلسطينيون أنفسهم للتخفيف من وطأتها، فكان لها تأثيراً ايجابياً للحد من معاناة الغزيين ومعالجة قضاياهم بصورة مضحكة بعيداً عن الأيدلوجيات السياسية.
أسلوب فكاهى
وفي هذا السياق يقول : مخرج برنامج “بس يا زلمة” الكوميدي ثائر منير لـ””: “الفكرة بدأت بعد تخرجنا من الجامعة مباشرة، حين وجدنا واقع قطاع غزة مليئاً بالأزمات، فأردنا التعبير عنها بأسلوب فكاهي، بخاصةً مع انتشار الكوميديا في الوطن العربي”.
يضيف” تعبر هذه البرامج عن أفكار الجماهير، وهي محرض داخلي، وفشِّة غل، ولها مستقبلاً قوياً على كافة المستويات والقطاعات، إن تم الاهتمام بها” لافتاً إلى أن الحرية في تناول هذه المواضع مطلوبة، للتعبير عن أرائهم وتناول كافة الموضوعات بشكل ساخر.
تأقلم الجمهور
ويوضح منير، أنه في البداية كانت ردة فعل الجمهور سلبية، لأن برامج الكوميديا جديدة على المجتمع الفلسطيني في غزة؛ لكن سرعان ما تأقلم الجمهور مع أفكار هذه البرنامج، حين وجد أنها تمس حياته وتعبر عن همومه بطرق لم يعهدها.
ويشير إلى أن إجمالي مشاهدات حلقات “بس يا زلمة” على قناة البرنامج على موقع “يوتيوب تجاوزت” (10 ملايين مشاهدة )، من داخل غزة وخارجها، مع آلاف التعليقات المعبرة عن رضى المتابعين وسعادتهم لأداء الفريق رغم إمكانياتها البسيطة.
إمكانيات بسيطة
في حين يقول الفنان الساخر محمود شراب الذي يقدم حلقات كوميدية عبر صحفته الشخصية على” فيس بوك “: “رغم الإمكانيات البسيطة، إلا أننا نجحنا في إخراج الناس من حالة الكبت التي يعيشونها بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يمر بها قطاع غزة”.
يضيف”لطالما أيقنا أن اللهجة الفلسطينية بثقلها وبمفرداتها الغليظة، ستشكل عقبة أمام قبول أي عمل فني فلسطيني؛ إلا أننا فوجئنا بتوظيفها السليم، والمنطقي في سياق الحوار الذي تنوعت لكنته تبعاً للاختلاف الجغرافي، وهذا ما لم نلحظه في الأعمال الدرامية المحلية الأخرى.
أزمات متتالية
ويتابع” سكان قطاع غزة بحاجة إلى الترفيه للخروج من الأجواء السلبية التي تسببت بها الأزمات المتتالية التي تلحق به من كل جانب، كما ويعد العمل الكوميدي حقل خصب للعمل في ظل هذه الأجواء التي يعيشها المواطن الغزي، فهى تساعده على الهروب من الواقع السيئ والترفيه عن النفس، فهذه البرامج لاقت رواجاً هائلًا وتتم مشاركتها عبر صفحات “فيسبوك”.
الطريقة الأمثل
ويؤكد شراب أن الواقع الفلسطيني بتركيبته الغريبة، وطبيعته التي تفرضها ظروف الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام الفلسطيني، تزخر بالعديد من المواضيع التي تشكل مادة دسمة للمعالجة وحتى للسخرية ، لغرابتها وتفرد الفلسطينيين وحدهم بها، وكانت تلك الطريقة الساخرة والناقدة التي تقدمها تلك البرامج الساخرة، فهي الطريقة الأمثل لإيصال المضمون والفكرة بأبسط شكل وصورة، إلى أكثر عدد من المشاهدين في فلسطين والعالم، بمختلف شرائحهم الثقافية.
ويصف المواطن أبو أحمد مدوخ أن البرامج الكوميدية متنفس المواطن لاسيما في ظلّ الوضع الراهن فيقول” أتابع كل ما هو جديد في العمل الفني الساخر, ولا أفضل كوميدي على آخر، الجميع يطرحون القضايا التي تمسّنا بشكلٍ مباشر, والجميل فيها أنها رفعت القدسية عن الكثير من الشخصيات والأحزاب”.
فشة غل
وأوضح مدوخ أن البرامج الكوميدية في قطاع غزة، تُعبر عن حال كل مواطن في غزة, ومن ينتقد هذه البرامج هو لا ينتقدها إلا لأجل الانتقاد فقط على حد تعبيره.