طارق الشناوي
نعيش زمن «السوشيال ميديا»، حيث إننا قليلاً ما نجدها ساحة لتبادل الأفكار، وغالباً ما يحتل مقدمة «الكادر» تبادل اللكمات الافتراضية التي لها مذاق اللعنات. نعرف أنه كلما احتدمت المعركة، زاد عدد المتابعين. الكل يريد ألا يفوته شيء من تلك الخناقات الإلكترونية الحامية الوطيس.
بمجرد أن تطفأ نيران معركة، سرعان ما تشتعل أخرى، والفريق الذي خرج مثخنا بالجراح قبل ثوانٍ، لا تستبعد أبدا أن يسارع بالثأر لنفسه، على مرأى ومسمع من ملايين المتابعين.
إنها مثل أي وسيط جديد في الحياة، يحمل دائماً الوجهين، ودائماً ما تتسم البدايات بالعشوائية. تذكروا أنه في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، عندما عرفت مصر الإذاعات الأهلية، كثيرا ما كان يتلقى المطربون أمثال أم كلثوم وعبد الوهاب وصالح عبد الحي، الكثير من الشتائم عبر أثير الإذاعات المنافسة، التي تعمل لحساب مطربين آخرين. ولم يتوقف هذا العبث، إلا بعد أن توقف البث العشوائي، وأنشأت مصر الإذاعة الرسمية عام 1934.
«السوشيال ميديا» بالمقارنة تعد عصية أكثر على الضبط والربط. محاولات التقنين والتهذيب والمتابعة تبوء في معظمها بالفشل الذريع. القوانين لا تزال عاجزة، كما أن ملاحقة الخارجين بحاجة إلى فريق من المتخصصين لفك العديد من المعضلات التقنية.
الوسائط الاجتماعية، سواء رأيتها خيرا أم شرا، فهي تُشكل في هذا الزمن قاعدة أساسية للتعامل مع الحياة. هناك من لا يزال يقف بعيدا عن شاطئ «النت» إلا أنني لا أتصورهم سوى أنهم يمثلون الندرة، وفي الوقت نفسه يتابعون تلك الوسائط بطريقة غير مباشرة، عن طريق آخرين يمدونهم بتفاصيل ما تم تناقله على الصفحات الإلكترونية.
التخبط في الاستخدام وارد، مثلما يختلف الناس سياسيا وفكريا وكرويا… مثلا هذا ناصري وذاك ساداتي، أفهم أيضا أن مشجعا أهلاويا يسخر من مشجع زملكاوي والعكس. حتى لو رصدنا قدرا من التجاوز، فهو من الممكن التجاوز عنه، ولكن ما لا يمكن أن أجد له أي عذر أو أي هامش من التسامح، هو السخرية من الموت أو الشماتة في المرض، مثلما حدث بعد قتل ملكة جمال العراق السابقة، والتهديد بقتل فتاة أخرى، وكأنه عقاب مستحق. هكذا جاءت التعليقات التي تنهش في الأعراض، لماذا كل هذه الجرعات المكثفة من القسوة التي أصبح البعض يمارسها مثل «قزقزة اللب»؟.
هل القتل والموت والمرض صار فرصة لكي تخرج كل هذه الأحقاد؟ من الذي يملك شيئا لدفع المرض؟ عندما أعلنت المطربة إليسا إصابتها بسرطان الثدي وواجهته ببسالة، حرصت على أن تمنح «أكسير» الشجاعة لكل امرأة، تتعرض لشيء مشابه بألا تفقد الأمل في الانتصار.
وعندما فعلها مؤخرا فاروق الفيشاوي أثناء تكريمه بمهرجان الإسكندرية. الرجل مؤكد وكما أعرفه قبل 30 عاما، لا يمكن أن يقصد أبدا استعطاف الجمهور، ولكنه أراد مصارحة عائلته الكبيرة، وأخبرهم بحقيقة مرضه، واصفا إياه بالصداع الذي سينتصر عليه، ولن يسمح له بأن يصبح هو صاحب اليد الطولي في توجيه مصيره.
فاروق الفيشاوي يقدم رسالة للناس، وهي في الحقيقة رسالته الثانية، الأولى كانت قبل 25 عاماً عندما وقع تحت سطوة الإدمان، فطلب العلاج علناً، وبالفعل استطاع أن يقفز بعيدا عن تلك الدائرة، وأصبح قدوة لمن يطلب العلاج، وهو أيضا ما أنتظره منه مجددا عندما يقهر «الصداع»!!
بمجرد أن تطفأ نيران معركة، سرعان ما تشتعل أخرى، والفريق الذي خرج مثخنا بالجراح قبل ثوانٍ، لا تستبعد أبدا أن يسارع بالثأر لنفسه، على مرأى ومسمع من ملايين المتابعين.
إنها مثل أي وسيط جديد في الحياة، يحمل دائماً الوجهين، ودائماً ما تتسم البدايات بالعشوائية. تذكروا أنه في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، عندما عرفت مصر الإذاعات الأهلية، كثيرا ما كان يتلقى المطربون أمثال أم كلثوم وعبد الوهاب وصالح عبد الحي، الكثير من الشتائم عبر أثير الإذاعات المنافسة، التي تعمل لحساب مطربين آخرين. ولم يتوقف هذا العبث، إلا بعد أن توقف البث العشوائي، وأنشأت مصر الإذاعة الرسمية عام 1934.
«السوشيال ميديا» بالمقارنة تعد عصية أكثر على الضبط والربط. محاولات التقنين والتهذيب والمتابعة تبوء في معظمها بالفشل الذريع. القوانين لا تزال عاجزة، كما أن ملاحقة الخارجين بحاجة إلى فريق من المتخصصين لفك العديد من المعضلات التقنية.
الوسائط الاجتماعية، سواء رأيتها خيرا أم شرا، فهي تُشكل في هذا الزمن قاعدة أساسية للتعامل مع الحياة. هناك من لا يزال يقف بعيدا عن شاطئ «النت» إلا أنني لا أتصورهم سوى أنهم يمثلون الندرة، وفي الوقت نفسه يتابعون تلك الوسائط بطريقة غير مباشرة، عن طريق آخرين يمدونهم بتفاصيل ما تم تناقله على الصفحات الإلكترونية.
التخبط في الاستخدام وارد، مثلما يختلف الناس سياسيا وفكريا وكرويا… مثلا هذا ناصري وذاك ساداتي، أفهم أيضا أن مشجعا أهلاويا يسخر من مشجع زملكاوي والعكس. حتى لو رصدنا قدرا من التجاوز، فهو من الممكن التجاوز عنه، ولكن ما لا يمكن أن أجد له أي عذر أو أي هامش من التسامح، هو السخرية من الموت أو الشماتة في المرض، مثلما حدث بعد قتل ملكة جمال العراق السابقة، والتهديد بقتل فتاة أخرى، وكأنه عقاب مستحق. هكذا جاءت التعليقات التي تنهش في الأعراض، لماذا كل هذه الجرعات المكثفة من القسوة التي أصبح البعض يمارسها مثل «قزقزة اللب»؟.
هل القتل والموت والمرض صار فرصة لكي تخرج كل هذه الأحقاد؟ من الذي يملك شيئا لدفع المرض؟ عندما أعلنت المطربة إليسا إصابتها بسرطان الثدي وواجهته ببسالة، حرصت على أن تمنح «أكسير» الشجاعة لكل امرأة، تتعرض لشيء مشابه بألا تفقد الأمل في الانتصار.
وعندما فعلها مؤخرا فاروق الفيشاوي أثناء تكريمه بمهرجان الإسكندرية. الرجل مؤكد وكما أعرفه قبل 30 عاما، لا يمكن أن يقصد أبدا استعطاف الجمهور، ولكنه أراد مصارحة عائلته الكبيرة، وأخبرهم بحقيقة مرضه، واصفا إياه بالصداع الذي سينتصر عليه، ولن يسمح له بأن يصبح هو صاحب اليد الطولي في توجيه مصيره.
فاروق الفيشاوي يقدم رسالة للناس، وهي في الحقيقة رسالته الثانية، الأولى كانت قبل 25 عاماً عندما وقع تحت سطوة الإدمان، فطلب العلاج علناً، وبالفعل استطاع أن يقفز بعيدا عن تلك الدائرة، وأصبح قدوة لمن يطلب العلاج، وهو أيضا ما أنتظره منه مجددا عندما يقهر «الصداع»!!
الشرق الأوسط