أقلام مختارة

أي ضغوط أميركية على السعودية ومن هدفها؟

جويس كرم

جويس كرم

يمكن القول إن زيارة مديرة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.أي.إيه) جينا هاسبل إلى تركيا هي المنعطف في تحرك واشنطن للرد على مقتل الصحافي والكاتب جمال خاشقجي، وقيام الحكومة الأميركية، حتى قبل أن تعود طائرة هاسبل، بإدارة هذا الملف بدل تركه عرضة لبازار سياسي بين القيادتين في أنقرة والرياض.

عدل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نبرته بعد ساعات من لقاءات هاسبل للاستخبارات التركية معلنا أن الاجراءات المقبلة سيقررها الكونغرس، فيما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو سحب تأشيرات لسعوديين متورطين في الجريمة والاستعداد مع وزارة الخزانة لتطبيق قانون “ماغنيتسكي” الذي يلاحق أفرادا بعقوبات أقسى من سحب التأشيرات لتورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان. هذه اللائحة سيتم الإعلان عنها خلال أيام، وقد تشمل أسماء قيد الاعتقال في الرياض أو آخرين مثل المستشار السابق سعود القحطاني والجنرال أحمد العسيري الذين زاروا أميركا من قبل، وجرى إعفاؤهم من مناصبهم الجمعة الفائت.

في الحديث عن أي تحرك أميركي في هذه القضية يجب إبقاء درجة من الواقعية تأخذ بعين الاعتبار مصالح وأولويات وأوراق واشنطن في المنطقة ودور السعودية فيها، ونظرة الكونغرس.

فالإدارة الأميركية اليوم ليست بصدد المطالبة بتغيير في القيادة السعودية وتحديدا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو أمر يعود للملك وهيئة البيعة. إنما واشنطن، على عكس تركيا، لا تمارس في هذا الوقت ضغوطا في هذا الاتجاه وتحاول عوض عن ذلك أن تطال الحلقة الضيقة المحيطة بولي العهد، مثل القحطاني وغيره ممن تراهم شخصيات متهورة وتمادت في تسلطها واستخدامها أدوات مثل التجسس الإلكتروني وتأجيج أزمات وملاحقة ناشطين ومعارضين.

وعدا عن ملاحقة هؤلاء الأفراد، ينظر الكونغرس في ثلاثة خيارات للتعاطي مع هذا الملف وهي:

1 ـ قانون ماغنيتسكي، وملاحقة الأسماء والجهات المتورطة: هذا الأمر ينتظر عودة هاسبل وإيجازها لمجلس الشيوخ حول المعلومات الاستخباراتية التي استقتها من تركيا. وطبقا لمدى مصداقية هذه المعلومات ومقارنتها مع ما جمعه الأميركيون حول مقتل خاشقجي، سيتقرر على أساسها الأسماء والجهات التي ستلاحقها الولايات المتحدة.

هناك تلاق بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، حول تطبيق قانون ماغنيتسكي والدليل هو تصويت 22 من أصل 23 سناتورا في لجنة العلاقات الخارجية على هذا الأمر في 10 تشرين الأول/أكتوبر وإتاحة 120 يوما للرئيس دونالد ترامب للرد، أي قبل 7 شباط/فبراير بفرض الإجراءات.

2 ـ مبيعات الأسلحة: وهي شق ثان قد يتحرك فيه الكونغرس علما أن حجم المبيعات وضخامته (110 مليار دولار بحسب ترامب) قد يجعل أي عقوبات تطال هذه الصفقات خطا أحمر أمام الشركات الدفاعية الأميركية. في نفس الوقت وفي حال اختارت الرياض التوجه شرقا وشراء منظومة أس 400 الدفاعية من روسيا بدل الـ “ثاد” الأميركي، فهذا سيعني تحركا أسرع في الكونغرس لضبط هكذا صفقة كما يجري الآن مع تركيا، كونها تهدد الشراكة العسكرية مع الأميركيين.

3 ـ مشاريع قوانين حول حرب اليمن: الملف الساخن في الكونغرس هو حرب اليمن، حيث المعارضة من الحزبين تتزايد حول دور واشنطن فيها. وفي ضوء زيارة المبعوث الدولي مارتن غريفيث هذا الأسبوع للعاصمة الأميركية، هناك تحرك جدي لإيجاد مخرج للحرب، وهناك مشاريع قرارات عدة قد يقوم وزير الخارجية مايك بومبيو بتحريكها بالتنسيق مع الكونغرس للضغط على الرياض. هذا الأمر قد يلاقي معارضة من وزارة الدفاع التي تحاول من خلال الدور الأميركي تقليص عدد الضحايا المدنيين، والحفاظ على نفوذ ودور في محاربة الإرهاب وتنظيم “القاعدة” كأولوية في اليمن.

ستسير إدارة ترامب في نهج متواز مع السعودية في المرحلة المقبلة. عموده الأول الحفاظ على الأولويات والمصالح المشتركة وهي احتواء نفوذ إيران، واتزان السوق النفطي، والتعاون الاستخباراتي والمساعدة في إعادة إعمار سورية. والعمود الثاني هو في الضغط في ملف خاشقجي لتعديل تصرف السعودية ومحاسبة من هو مسؤول واستخدام القضية للضغط في ملفات استراتيجية مثل حرب اليمن ودور مجلس التعاون الخليجي.

الحرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق