السلايدر الرئيسيشرق أوسط

صمت عربي حيال زيارة نتنياهو لمسقط ! ؟

أحمد كيلاني

– باريس – من أحمد كيلاني – يوماً بعد آخر ومع استمرار تردي الأوضاع والعلاقات العربية ـ العربية وتهالك الكثير منها وانفتاحها على المزيد من التدخلات الخارجية والتقيحات الداخلية يزداد الحضور الإسرائيلي العلني وغير العلني المتعدد التسميات: السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والعسكري والأمني وصولاً إلى الرياضي في العواصم العربية.
ويبدو أن هذه العواصم على وشك الكسر النهائي للقيود والموانع التي كانت تحرم وتحول دون التطبيع مع إسرائيل، وجعل التطبيع معها أمراً تفرضه وقائع الأحوال الجديدة الآخذة بالتشكل حتى ولو على حساب علاقات بعض العواصم العربية مع بعضها الآخر أحياناً.
منذ يومين، ثلاثة عواصم خليجية من أصل ست عواصم تشكل عواصم دول مجلس التعاون الخليجي استقبلت ثلاثة وفود إسرائيلية دفعة واحدة، اثنتان منهما “الدوحة وأبو ظبي” استقبلت فريقين رياضيين إسرائيليين بذريعة الطابع الدولي للمناسبة، والثالثة “مسقط” ذهبت إلى ما هو أبعد حين استقبلت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكان أبرز مرافق إسرائيلي له في هذه الزيارة رئيس الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” ذات الباع الطويل في التجسس وعمليات الإرهاب الإسرائيلية في العواصم العربية وذات التواصل الخدمي المتبادل مع عدد كبير من العواصم العربية سراً وعلانية.
واللافت جداً في هذه الأيام ان أخبار وصور هذه الزيارات يتم تداولها في وسائل الإعلام العربية بوصفها أخباراً عادية جداً لا تعني شيئاً أو أمراً جديداً والأهم أكثر أن أياً من العواصم العربية لم تستنكر أو تدين أو حتى تنتقد هكذا زيارات وخصوصاً زيارة نتنياهو للعاصمة العُمانية واستقباله من قبل السلطان العماني “الذي قلما استقبل زعيماً عربياً وقلما زار عاصمة عربية”. الأمر الذي يشير إلى مدى تقبل العواصم ووسائل الاعلام العربية لهذه الزيارات وما تحمله من دلالات راهنة ومستقبلية.
وكان لافتاً الغاية ان القيادة الفلسطينية ممثلة بجناحيها الرئيسيين “السلطة ومنظمة التحرير” وبقيادات الفصائل الفلسطينية الكبرى مثل “فتح” و”حماس” لم تصدر بياناً أو تصريحات تدين أو تنتقد زيارة نتنياهو. ربما بسبب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعاصمة العُمانية قبل يومين فقط من زيارة نتنياهو لها، الأمر الذي فسره البعض بان العاصمة العُمانية استقبلت كلاً من عباس ونتنياهو على انفراد سعياً إلى التوسط بينهما واستئناف التواصل والتفاوض “من غير المستبعد أن تكون مسقط قد استقبلت سراً مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين سابقاً أو ان تكون شخصية عمانية مرموقة قد قامت سابقاً بوساطات بين المسؤولين في رام الله وتل أبيب”.
يذكر على هذا الصعيد أن وكالة الأنباء العمانية ذكرت ان السلطان قابوس بحث مع نتنياهو السبل الكفيلة بدفع عملية السلام في الشرق الأوسط وبعض القضايا التي تحظى بالاهتمام المشترك وبما يخدم الأمن والاستقرار في المنقطة. الأمر الذي يعني حسب هذا البيان ان محادثات نتنياهو في مسقط تركزت على الاهتمامات المشتركة دون الاستفاضة بذكرها ومنذ متى أصبحت مشتركة.
ويعود تاريخ العلاقات بين السلطنة وإسرائيل إلى عام 1994، عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين سلطنة عُمان، وفي عام 1996 وقع الجانبان اتفاقية لفتح مكاتب تمثيلية تجارية. وفي كانون الأول/أكتوبر 2000، بعد أسابيع من اندلاع الانتفاضة الثانية، أغلقت عُمان هذه المكاتب.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، تكثفت الجهود الأمريكية الإسرائيلية بهدف إقامة علاقات عربية – إسرائيلية، إذ حاولت إسرائيل استغلال الخطر الإيراني الذي تتخوف منه الدول الخليجية بهدف إقامة تلك العلاقات.
وانطلاقاً من خطر التغول الإيراني في العالم العربي، يسعى نتنياهو جاهداً لتكريس سياساته بشأن الانفتاح على الدول العربية الراغبة أصلاً بإقامة تلك العلاقات، حيث قال نتنياهو يوم الخميس الماضي خلال حفل تدشين مركز “بيرس” للابداع “أعتقدنا دائما أنه لو وجدنا حلاً لمشكلة الفلسطينيين سيفتح هذا الأبواب أمام تحقيق السلام مع العالم العربي، هذا صحيح لو كان بالإمكان القيام بذلك، لكن ربما من الصحيح أيضاً، أننا لو انفتحنا على العالم العربي وطبعنا العلاقات معه، فهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى إمكانية المصالحة والسلام مع الفلسطينيين”.
ومن هنا يريد نتنياهو قلب المعادلة التي طرحتها مبادرة السلام العربية والتي نصت على أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين سيفتح الطريق أمام إقامة اتفاقيات سلام عربية – إسرائيلية، وجعل نتنياهو التطبيع واقامة علاقات عربية – إسرائيلية تسبق حل الدولتين وتسبق حتى قبول الإسرائيليين بوقف عمليات الاستيطان والدخول في مفاوضات سلام مع الفلسطينيين.
ومع استمرار تدهور الأحوال العربية فان الزيارات والاتفاقات المتبادلة بين تل أبيب والعواصم العربية مرشحة للمزيد من التواصل وصولاً إلى المزيد من التطبيع وربما لما هو أكبر من التطبيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق