شرق أوسط

معارك الحديدة ترفع نسبة القلق على المدنيين في غرب اليمن

– تكثفت تحذيرات الامم المتحدة ومنظمات دولية عدة من المخاطر التي تحدق بالمدنيين في اليمن، مع دخول المواجهات بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين الثلاثاء يومها السادس في الحديدة في غرب البلاد.

وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن هذه المعارك تهدّد خصوصا حياة 59 طفلا يمنيا يتلقّون العلاج في أحد مستشفيات الحديدة المطلة على البحر الاحمر.

وقالت المنظمة في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه إن “المواجهات الكثيفة في مدينة الحديدة (…) أصبحت قريبة بشكل خطير من مستشفى الثورة، ما يعرضّ حياة 59 طفلا، بينهم 25 في العناية الفائقة، لخطر الموت”.

وأضافت “أكّد أعضاء الجهاز الطبي والمرضى في المستشفى انهم يسمعون أصوات انفجارات عنيفة واطلاق نار. كما ان حركة الدخول والخروج من المستشفى، الوحيد الذي لا يزال يعمل في المنطقة، أصبحت عرضة للخطر”.

ويعاني بعض الأطفال الذين يتلقّون العلاج في الستشفى، من سوء التغذية، وفقا للمنظمة.

ويقع المستشفى في جنوب المدينة بالقرب من مينائها الاستراتيجي الذي تمر عبره غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية ويعتبر شريان حياة لملايين السكان.

ويشهد محيط مدينة الحديدة منذ الخميس معارك عنيفة بين القوات الموالية للحكومة والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم العسكري من ايران.

وتسبّبت المعارك منذ بدايتها بمقتل أكثر من 150 مقاتلا من الطرفين، بحسب مصادر طبية وعسكرية في محافظة الحديدة. ومن بين هؤلاء 49 مقاتلا في صفوف المتمردين وصلت جثثهم الى مستشفيين في الحديدة صباح الثلاثاء، حسب ما أفاد أطباء لوكالة فرانس برس.

وقال مسؤولون عسكريون في القوات الموالية للحكومة لوكالة فرانس برس ان المعارك تواصلت لليوم السادس على التوالي في عدة جهات، بينما أكد المتمردون الحوثيون الموالون لايران عبر قناة “المسيرة” الناطقة باسمهم ان الاشتباكات عنيفة جدا، لكنهم استطاعوا “افشال كل محاولات (…) الغزاة والمرتزقة (…) للتسلل”.

ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء ومدينة الحديدة.

– أعداد “كارثية” من الوفيات –

وكانت القوات الحكومية أطلقت في حزيران/يونيو الماضي بدعم من التحالف حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الاحمر بهدف السيطرة على الميناء، قبل أن تعلّق العملية إفساحا في المجال أمام المحادثات، ثم تعلن في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية.

ورغم حدة المعارك الدائرة حاليا، قال مصدر في التحالف اشترط عدم الكشف عن اسمه في تصريح لوكالة فرانس برس الاثنين إن الاشتباكات المستجدّة ليست “عمليات هجومية” لدخول المدينة والسيطرة على مينائها.

ويؤكّد مسؤولون في القوات الموالية للحكومة أن هذه القوات تحاول قطع طريق إمداد رئيسي للمتمردين شمال الحديدة بعدما تمكّنت من قطع طريق الامداد الرئيسي الآخر شرق الحديدة قبل أسابيع.

وتثير المعارك في الحديدة مخاوف منظمات انسانية وطبية على مصير المدنيين، ومن آثارها على المناطق الاخرى في حال توقف نقل المواد الغذائية والمساعدات من المدينة الى تلك المناطق.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” في تغريدات على موقعها على تويتر الثلاثاء إن “حدة العنف والمعارك الأرضية والقصف الجوي والبحري” اشتدت منذ الخميس الماضي، وان “خطوط الجبهات” تقترب “من المناطق المدنية والمرافق الصحية”.

وتحدّثت المنظمة عن حركة نزوح لمدنيين يغادرون الحديدة نهاية الاسبوع “بينما تفيد تقارير بأن هنالك آخرين عالقين داخل المدينة بسبب المعارك اليومية التي تزداد بسببها مخاوف وقوع المدينة تحت الحصار”.

من جهتها، قالت فور إن المعارك بدأت تقترب من الميناء، محذّرة من أن تدمير الميناء أو إغلاقه أو إلحاق أي أضرار به يمكن أن يؤدي الى أعداد “كارثية” من الوفيات.

وكانت منظمة “سيف ذي تشيلدرن” أعربت الاثنين عن “قلقها الشديد” من القتال في الحديدة، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وقال مدير اليمن في المنظمة تامر كيرولوس في بيان إن “هذا التصعيد الخطير على أهم مدينة وميناء في اليمن قد يضع عشرات آلاف الأطفال في خط النار ويزيد من تضييق الخناق على إيصال الغذاء والدواء إلى بلد نقدر أن الجوع الشديد والمرض فيه يقتلان ما معدله 100 طفل يوميا”.

– محادثات وموازنة –

ومنذ بدء علميات التحالف في 2015، خلّف نزاع اليمن أكثر من عشرة آلاف قتيل و”أسوأ أزمة إنسانية” بحسب الامم المتحدة.

وكانت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) حذّرت الاحد من أن “اليمن اليوم جحيم حي” مطالبة أطراف النزاع بوقف الحرب في هذا البلد. كما حذّرت الأمم المتحدة من أن 14 مليون شخص قد يصبحون “على شفا المجاعة” خلال الأشهر المقبلة في حال استمرت الأوضاع على حالها في هذا البلد.

وتزامن اندلاع المعارك الجديدة مع إعلان الحكومة اليمنية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام مع المتمردين الحوثيين، وذلك غداة إعلان مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات في غضون شهر، بعيد مطالبة واشنطن بوقف لاطلاق النار وإعادة اطلاق المسار السياسي.

وباءت آخر محاولة قام بها غريفيث لتنظيم محادثات سلام في أيلول/سبتمبر الماضي في جنيف، بالفشل بسبب غياب الحوثيين.

وتأتي الدعوات لعقد محادثات سلام في وقت تتعرض السعودية لضغوط دولية على خلفية قضية مقتل الصحافي خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

وتتّهم منظمات حقوقية السعودية بالتسبّب بمقتل مئات المدنيين، علما ان الحرب ادت أيضا الى مقتل عشرات الجنود السعوديين. ومساء الاثنين أفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية أنّ ولي العهد محمد بن سلمان زار جنودا جرحى يتلقون العلاج في مستشفى عسكري بالرياض ونشرت صورا له.

ودفع النزاع الاقتصاد اليمني الى حافة الهاوية، وأدى الى انهيار العملة.

والثلاثاء أوردت وكالة “سبأ” الرسمية للأنباء أن الحكومة اليمنية أقرّت “تشكيل اللجنة العليا للموازنة العامة للدولة”، مشيرة أن هذه اللجنة ستقوم بإعداد إطار الموازنة لعام 2019. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق