شرق أوسط

معارك الحديدة اليمنية تتراجع وموافقة مبدئية على إجلاء جرحى من المتمردين

– أسهمت الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب في اليمن على ما يبدو في تراجع حدة المعارك في الحديدة (غرب) الثلاثاء، في وقت أعلنت لندن موافقة التحالف العسكري بقيادة السعودية على السماح للمتمردين بإجلاء جرحى قبل محادثات سلام محتملة قد تعقد في السويد هذا الشهر.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أن “قوات التحالف ستسمح الآن للامم المتحدة بالاشراف على إجلاء طبي لحوثيين، ما يصل الى خمسين مقاتلا مصابين، الى سلطنة عمان قبل سلسلة محادثات سلام جديدة في السويد ستعقد في وقت لاحق هذا الشهر”.

وجاء الاعلان غداة زيارة لوزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الى السعودية والامارات، الدولتان الشريكتان في قيادة التحالف العسكري الداعم للقوات الموالية للحكومة في مواجهة المتمردين.

وكانت قضية نقل جرحى الى الخارج أحد أسباب فشل عقد محادثات سلام في جنيف في أيلول/سبتمبر الماضي. وقالت وزارة الخارجية البريطانية ان الموافقة على نقل الجرحى تمت في ظل “شروط” يجري التوافق حولها.

وبعد أسبوعين من الاشتباكات العنيفة في شرق وجنوب مدينة الحديدة المطلّة على البحر الاحمر قتل فيها نحو 600 شخص غالبيتهم من المتمردين، بدت أحياء المدينة، في قسمها الجنوبي خصوصا، هادئة الثلاثاء، حسبما أفادت إحدى المقيمات في الحديدة.

وقالت السيدة المقيمة في جنوب المدينة في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس مفضّلة عدم استخدام اسمها “توقفت الاشتباكات العنيفة في بداية مساء أمس. وخلال الليل، سمعنا أصوات إطلاق نار محدودة، لكن الأوضاع تبدو مستقرّة اليوم”.

وتابعت “لا توجد أصوات انفجارات كما كنا نسمع يوميا منذ اسبوعين”.

وفي مؤشر إضافي على تراجع حدة المعارك بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، لم يعلن المتمردون الثلاثاء عن أية أعمال عسكرية في مدينة الحديدة عبر وسائل الاعلام المتحدثة باسمهم.

لكن متحدّثا باسم المتمردين قال في مؤتمر صحافي في صنعاء أنه إذا حاولت القوات الموالية للحكومة التقدم نحو وسط الحديدة “فنحن جاهزون وحاضرون ولدينا خطط معدّة”، مضيفا “نحن جاهزون لحرب مدن”.

 قصف مدخل الميناء 

والاثنين قصف مبنى صغير عند أحد مداخل الميناء في شمال المدينة، حسبما أفاد موظفون لفرانس برس، في هجوم قال المتمردون الحوثيون عبر قناة “المسيرة”المتحدّثة باسمهم أنّه ناجم عن غارتين للتحالف العسكري بقيادة السعودية.

وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي ردا على سؤال لفرانس برس إن التحالف سيدقّق في الحادثة.

وتمر عبر ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان في بلد يواجه نحو نصفه سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة، وفقا للامم المتحدة.

وأكّد نائب مدير الميناء يحيى شرف الدين في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن بوابة الميناء الرئيسية “تعرضّت لغارات جوية (…) لكن الامور تسير بشكل طبيعي في الميناء”.

وتحدّث شرف الدين عن إصابة ثلاثة من حراس الميناء الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين، في الهجوم.

لكن أربعة موظفين آخرين تحدّثت إليهم فرانس برس واشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم خوفا من الملاحقة، قالوا ان قياديا في صفوف المتمردين وثلاثة من حراسه قتلوا في القصف الذي أصاب المبنى المؤلف من غرفة واحدة.

كما ذكروا أن قياديا آخر في صفوف الحوثيين وثلاثة من حراسه أصيبوا أيضا في الهجوم.

وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة المتمرّدين منذ 2014، وتحاول القوات الحكومية بدعم من التحالف العسكري استعادتها منذ 13 حزيران/يونيو الماضي، قبل خمسة أشهر. واشتدّت المواجهات في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، وأصبحت إمدادات الغذاء مهدّدة.

والقصف الذي تعرّض له المبنى هو أول عمل عسكري يستهدف الميناء منذ اشتداد المعارك.

وكان الأمين العام للامم المتّحدة أنطونيو غوتيريش حّذر في مقابلة مع إذاعة “فرانس انتر” الاثنين من أنه “إذا حصل تدمير للميناء في الحديدة، فقد يؤدي ذلك إلى وضع كارثي بالتأكيد”.

وبدأت حرب اليمن في 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف.

 جهود دبلوماسية 

وعلى وقع اشتداد المعارك في الأيام الاخيرة، وتحوّلها إلى حرب شوارع في حي سكني في شرق المدينة، تكثفت الجهود الدبلوماسية الغربية في أبوظبي والرياض، وكذلك الدعوات لوقف إطلاق النار في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

والامارات شريكة في قيادة التحالف العسكري في اليمن، وتشرف قواتها بشكل مباشر على معارك الحديدة وتقوم بتدريب القوات الموالية للحكومة التي جمعتها في بداية العام لمهاجمة الحديدة.

وأجرى هانت محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض الاثنين، ثم اجتمع بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في العاصمة الاماراتية، قبل أن يعود إلى المملكة للقاء ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع.

والتقى هانت في الرياض أيضا نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح، حسبما ذكر المسؤول اليمني على حسابه على تويتر.

كما قام مستشار البيت الابيض للأمن القومي جون بولتون بزيارة الى أبوظبي التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد وبحثه معه ملفات المنطقة، بعد يوم من دعوة وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو إلى إعلان وقف لاطلاق النار في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي.

وتأتي الدعوات لوقف الحرب في وقت تتعرض السعودية لضغوط دولية على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها باسطنبول. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق