السلايدر الرئيسيحقوق إنسان
بعد 72 ساعة على نفي ما ورد في تقرير حقوقي: الاردن يعترف بالتعذيب في السجون ويتحدث عن وفيات
رداد القلاب
ـ عمان ـ من رداد القلاب ـ إعترفت الحكومة الأردنية بالتعذيب داخل “سجونها” ومعتقلاتها ومراكز التوقيف، وفي اقل من 72 ساعة، على نفي الامن العام الاردني، ما كشفه تقرير حقوقي أردني؛ متضمن تسجيل “ظاهرة” ممارسة التعذيب في مراكز التوقيف و”السجون ”، والاعتقال بصورة منتظمة وممنهجة، وتزايد حالات التعذيب المفضي إلى الموت على وجه الخصوص، والإفلات من العقوبة وبشكل متكرر، في ظل إبطال النيابة العامة الاردنية لإفادات سحبت تحت التعذيب.
وجاء اعتراف الحكومة على لسان المنسق العام الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة عن 5 قضايا تعذيب منظورة أمام محكمة الشرطة وفقا لنص المادة (208) من قانون العقوبات كان منها قضية واحدة عام 2018.
وقال خلال مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، إن مدير الأمن العام الأردني، أمر باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المشتكى عليهم ومحاسبتهم بشدة حال ثبوت الجرم بحقهم، مؤكدأ أن محكمة الشرطة أصدرت أحكاما في بعض القضايا وكان حكمها شديداً وذلك بالحكم على المتهمين بالأشغال الشاقة المؤقتة.
وأكد الطراونة حرص الدولة الأردنية على مكافحة ومحاربة كل أشكال التعذيب وعدم الإفلات من العقاب والحرص على إعلام الرأي العام بكافة التفاصيل والإجراءات المتخذة حيال ذلك، مشيراً إلى أن هناك بعض التصرفات الفردية التي لا ترتقي للمنهجية على الإطلاق.
ووفقا لإحصائية أردنية رسمية ، فقد بلغت عدد القضايا 262 قضية منها 46 مدان و114 غير مدان و 87 قضية ما زالت منظورة و15 إحليت إلى محكمة الشرطة
يشار ان رئيس مركز “عدالة” لحقوق الانسان الأردني، المحامي عاصم الربابعة، كشف عن تسجيل “ظاهرة” ممارسة التعذيب في مراكز التوقيف و”السجون” ومراكز الاعتقال بصورة منتظمة وممنهجة، مؤكداً تزايد حالات التعذيب المفضي إلى الموت على وجه الخصوص، والإفلات من العقوبة وبشكل متكرر.
وتحدث المحامي الربابعة لـ”” في وقت سابق، ان الحكومة ترد على التقرير الحكومية بردود مكررة ، دون اتخاذ اجراءات حقيقة واجراء مراجعات واهمال تلك التقارير الحقوقية والاكتفاء بالنفي ثم التحدث عن محاكماة على نطاق ضيق .
وسلم رئيس مركز عدالة لحقوق الانسان الاردني، بشكل رسمي التقرير للحكومة ومجلس النواب والاعيان وممثل حقوق الانسان لدى الحكومة وكافة الاجهزة الرسمية المختصة.
اكد تقرير مركز عدالة لحقوق الانسان ، إنتشار التعذيب المنهجي كنمط ثابت ومتكرر كوسيلة للتحقيق، بالتزامن إخفاقات الحكومة الأردنية في منع جرائم التعذيب ومحاسبة الجناة، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية للوقف الفوري لممارسة التعذيب وبوجود تشريعات وطنية تتضمن أحكاما تساعد على وقوع التعذيب مثل قانون الجرائم.
وذكر التقرير الجرائم المرتكبة داخل “السجون ” ومراكز الاعتقال والتوقيف، منها انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب وغياب الاستقلال والحياد في التحقيق في مزاعم وإدعاءات التعذيب حتى مع توفر ألادلة ورفض الضحايا تقديم شكاوى بحق الجناة خوفا من الانتقام، إضافة الى ارتفاع أعداد القضايا المسجلة في سجل النيابة العامة لقضايا التعذيب.
من جانبه نفى الأمن العام الأردني، الذي يتولى الإشراف على السجون، بالتزامن مع إصدار التقرير وجود أي نوع من التعذيب الممنهج في سجونه، او مراكز الاعتقال ، وقال المسؤول الأمني “:”وجود حالات فردية تخضع للتحقيق والمساءلة ولا تعد ممنهجة وبرعاية رسمية كذلك لم يفلت من العقاب كل من يثبت تورطة بقضية تعذيب”.
وأكد رئيس مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان المحامي عاصم الربابعة أن التعذيب يُمَارس في الأردن بشكل منهجي – من خلال سياق ثابت ومتكرر- إذ يتم اللجوء إلى استخدام التعذيب الجسدي والنفسي كوسيلة من وسائل التحقيق لدى الدوائر الأمنية كإدارة البحث الجنائي وإدارة مكافحة المخدرات لانتزاع المعلومات والاعترافات
وأضاف المحامي ربابعة ، خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد الاحد الماضي ، لإطلاق تقرير التعذيب السنوي الثاني تحت عنوان:”التعذيب من الإنكار إلى الوقاية: كيف نبدأ؟ “، أن الحكومة الأردنية أخفقت وبشكل كبير في الالتزام بواجبها الخاص بمنع التعذيب والتحقيق والملاحقة القضائية لمرتبكي هذه الجرائم رغم مرور ما يزيد عن ربع قرن منذ انضمام الأردن إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة، وقد تخلل المؤتمر شهادات لعائلات ضحايا ماتوا تحت التعذيب.
وأشار رئيس مركز عدالة لحقوق الانسان الاردني، إلى أن غياب الإرادة السياسية للوقف الفوري لممارسة التعذيب، وانتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، وضعف ضمانات المحاكمة العادلة، وعدم كفاية الاطار القانوني لمعاقبة مرتكبي جريمة التعذيب، تعد من أبرز أسباب انتشار التعذيب، إضافة إلى تضارب المصالح الناجم عن كون من يرتكب التعذيب ومن يحقق ويحاكم في الجريمة يتبعون لنفس الجهة وهي مديرية الأمن العام.
وأضاف المحامي الربابعة ، أن حالات التعذيب التي تعامل معها التقرير أظهرت وجود استخدام مفرط وغير مبرر للقوة الأمنية عند إلقاء القبض على الأشخاص وخلال المداهمات الامنية دون مراعاة للمبادىء المنظمة لاستخدام القوة من قبل موظفي إنفاذ القانون،وهو مخالفة جوهرية لأحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية.
وزاد : أن عددا من التشريعات الوطنية تتضمن أحكاما تساعد على وقوع التعذيب وسوء المعاملة كقانون منع الجرائم الذي يتيح للسلطة الإدارية اعتقال الأشخاص بمعزل عن الرقابة القضائية، وكذلك قبول الإفادة التي يدلي بها المتهم بغير حضور المدعي العام كدليل للإدانة إذا قدمت النيابة العامة بينة على الظروف التي أدليت بها
كما أكد على وجود قصور تشريعي في عدة جوانب أهمها :قصور تعريف التعذيب الوارد في قانون العقوبات الأردني، عدم وجود نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية يتيح للموقوفين لدى الدوائر الأمنية فرصة الإستعانة بمحامي في مرحلة التحقيق الإستدلالي ،أو حتى الإتصال بذويهم وهو ما يزيد من فرصة وقوع التعذيب ، إضافة لغياب نص قانوني يتيح تعويض ضحايا التعذيب على أساس المسؤولية المرفقية.
وأضاف أن هناك قصور واضح في التدريب و التأهيل للموظفين المكلفين بإنفاذ كما أن التشريعات الخاصة التي تحكم عملهم (قوانين الأمن العام والمخابرات العامة) لا تتضمن أي نص يجرم التعذيب أوعقوبات رادعة على ممارسته .
ونوه، أن عدم انضمام المملكة للبروتوكول الإضافي لاتفاقية مناهضة التعذيب يشكل عائقا أمام قدرة الهيئات الدولية على الإضطلاع بمهامها إذ لايسمح للهيئات الدولية بتفقد مراكز الإعتقال والإحتجازإلا في أضيق الحالات ووفق موافقات وترتيبات مسبقة غاية في التعقيد.
وأوضح الربابعة أن التقرير لا يمثل مسحاً واقعياً لجريمة التعذيب في الأردن إذ أنه لا يشمل جميع الحالات ولا يعبر عن حجم الظاهرة المنتشرة، فلم ينشر إلا الحالات التي لها قدركاف من التوثيق والإثبات القانوني في ظل عدم السماح لمؤسسات المجتمع المدني للقيام بزيارات ذات طبيعة رصدية ودون إذن مسبق لأماكن الاحتجاز.
وأضاف مدير مركز عدالة لحقوق الانسان الاردني ، أنه لم يجر حتى الآن أي مراجعة شاملة للتشريعات الوطنية للتحقق من مدى وفائها للمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان علما بأن مثل هذه المراجعة تعتبر واجبا أساسيا ضمن التزامات المملكة بموجب الاتفاقيات التي صادق عليها.
وبيّن المسؤول عن متابعة قضايا التعذيب في المركز المحامي سالم المفلح، أن جرائم التعذيب تقع في مناخ يسوده الصمت وداخل أماكن مغلقة بمعزل عن العالم الخارجي، مضيفا أن أبرز الصعوبات المتعلقة بقضايا التعذيب أثناء التحقيق والمحاكمة تتمثل في عدم السماح لمحامي الضحايا الاطلاع على التحقيقات الأولية والذي يخالف قانون أصول المحاكمات الجزائية.
كما أشار المحامي المفلح، إلى عدم السماح لعائلات الضحايا بالحصول على تقرير المختبر الجنائي الصادر عن الطب الشرعي علاوة على خوف الشهود من الإدلاء بشهاداتهم أمام جهات التحقيق تحسبا من عمليات الانتقام باعتبار أن التعذيب يقع في أماكن الاحتجاز وأن أغلب الشهود لديهم نزاع مع القانون.
وأضاف المسؤول القانوني عن متابعة قضايا التعذيب في المركز ، أن طول إجراءات امد التقاضي أمام محكمة الشرطة والتي تستغرق عدة سنوات طويلة يعد خرقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري.
من جانبه، قال المحامي حسين العمري أن استنتاجات التقرير تستدعي اتخاذ اجراءات فورية وفعالة للقضاء الكلي على التعذيب أبرزها منع الاحتجاز في أماكن غير مصرح بها ومنع الحجز الانفرادي، ضمان حق الاشخاص المحتجزين في إبلاغ طرف ثالث، تمكين المحتجزين من الحق في الاستعانة بمحامٍ وكفالة الحق في الوصول إلى طبيب، الحق في المثول أمام قاضٍ دون ابطاء، وضع مدونة سلوك لإجراء الاستجوابات، وتسجيل الاستجوابات صوتياً و/أو مرئياً.
وأكد المحامي العمري ، على ضرورة الإنضمام الفوري للبروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والذي يلزم بإنشاء آلية وقائية وطنية والسماح لمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية بإجراء زيارات مستقلة ذات طبيعة رصدية لأماكن التوقيف والاحتجاز المؤقت دون إذن مسبق.
كما شدد العمري على ضرورة تبني برامج تدريبية على مستوى عال من المهنية والإحتراف موجهة للأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون لضمان مراعاتهم لمقتضيات المعايير الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، إنشاء صندوق وطني خاص بتعويض ضحايا التعذيب وسوء المعاملة يتولى جبر الأضرار بما فيها تقديم التعويض المالي المناسب وإعادة تأهيل الضحايا.
وأوصى التقرير ، على صعيد التدابير التنفيذية والتشريعية والرعاية الصحية والطب الشرعي لضمان الكشف عن جرائم التعذيب، وملاحقة الجناة وفرض عقوبات رادعة، وتم الاستماع الى شهادات اهالي اشخاص ماتوا تحت التعذيب على حد تعبيرهم.