السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
خطاب الرئيس الجزائري: الحرب بين الدوائر المتناحرة في هرم السلطة تشتد
نهال دويب
ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ لا تزال الرسالة المنقولة عن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, والتي ألقيت الأربعاء الماضي في لقاء الولاة (المحافظين), تصنع جدلا سياسيا حادا في البلاد, خصوصا بالنظر إلى توقيتها الذي جاء قبل أربعة اشهر عن رئاسيات 2019.
وأجمع مراقبون ومتتبعون للمشهد السياسي في البلاد, على أن رسالة الرئيس بوتفليقة موجهة بشكل مباشر لأطراف نافذة في السلطة وبأقل حدة للمعارضة السياسية في البلد, بالنظر إلى المؤشرات التي تضمنتها أبرزها تحذيره من حدوث انقلاب أو ” المساس باستقرار مؤسسات الدولة والمساس بالدستور الجزائري وبركن من أركان هذا البيت الحصين الذي يجمع الجزائريين ويؤمنهم من كيد الكائدين “.
وبحسب قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم, رفض الكشف عن هويته, فإن ” رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, تحذر من تلاعبات أطراف نافذة في السلطة والسكوت المبطن بمعنى إما أنتم مع القاضي الأول للبلاد أو مع ما يقرره وإلا انتهاج لغة الاستمرارية والتي تعني استمراره في الحكم أو دعم برنامجه بشخص يكون أقرب له “.
واستدل المتحدث بما قاله الرئيس الجزائري في رسالته التي قرأها نيابة عنه الأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي, ” من واجب الجميع الالتفاف حول مؤسسات الجمهورية, ومواجهة كل محاولة لاستغلالها من أجل قضاء مآرب أثمة والمناورات الدينية والدسائس التي يتخذ منها البعض موقف المتفرج المترصد أو المتواطئ, لأن مثل هذا السلوك غير مقبول يجب تحمل المسؤولية والانخراط كليا ضمن الخيارات السياسية والاقتصادية الوطنية أو الخروج منها كليا, فعهد إمساك العصا من الوسط قد ولى “, وتابع بوتفليقة قائلا “رفعت الأقلام وجفت الصحف”.
ويعتقد القيادي في حركة مجتمع السلم الجزائرية, (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد), ناصر حمدادوش, إن رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة موجهة بأكثر “ليس فقط لأطراف نافذة في السلطة تعارض الولاية الرئاسية الخامسة, بل هي موجهة لمعارضي مشروعه ورؤيته للمرحلة القادم”.
ويستدل المتحدث في هذا السياق بـ”الصراعات القائمة بين الدوائر المتناحرة في هرم السلطة على الولاية الخامسة, بدليل سحب الحديث عن ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة من مفردات الخطاب السياسي الذي يتبناه معسكر الموالاة في البلاد, وتم استبداله بالاستمرارية, وبالتالي فهم الآن يواجهون خصوم التمديد, بعد تعذر الوصول إلى مرشح توافقي من داخل النظام, فالكل يرى شخص الرئيس أو نفسه والكل متوجس من الكل “.
وساعات قليلة بعد الرسالة التي أطلقها, الأربعاء, بوتفليقة بمناسبة انعقاد لقاء الحكومة والولاة, والتي اتهم فيها معارضيه وخصومه بـ”الكيد والجحود والقفز نحو المجهول”, طالب زعيم إخوان الجزائر, عبد الرزاق مقري, بتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة عمليا في أبريل / نيسان 2019 إلى موعد لاحق, بهدف الوصول إلى مرشح توافقي, يجنب البلاد تداعيات غلق اللعبة مبكرا, إذا ترشح إليها بوتفليقة مجددا.
وتنبأ مقري بـ ” حدوث مكروه للبلاد, إذا تم غلق اللعبة الانتخابية بهذا الشكل, وتقرر تقديم عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة “, واعتبر المسعى الذي يتوق إليه معسكر السلطة ” مغامرة تعدد استقرار وأمن الجزائر “.
وقال من جهته وزير الاتصال الجزائري السابق, عبد العزيز رحابي, إن خطاب الرئيس بوتفليقة يحمل ” طابعا حربيا “.
وقال المتحدث, في تعليق له, إن ” الرئيس الجزائري بوتفليقة، الذي قدم جردة مطولة لعيوب السياسة التي قادها دون رقابة شعبية أو قضائية، يُشرح اليوم الوضع دون الاعتراف بمسؤوليته في الانسداد الحالي. حتى اللهجة المستعملة لا ترقى إلى مقامه، ولا تصب في اطمئنان الشعب ولا تعطي أي إشارة واضحة حتى للموالاة أنفسهم”.
وتابع قائلا إن ” المعارضات، بكل أشكالها، لا تتحمل كل المسؤولية في أزمتنا بل المسؤولية الحقيقية للأزمة يتحملها بوتفليقة، وذلك من حيث أنه لم ينظم خلافته والتداول في إطار استمرارية النظام كما فعل من سبقوه، أو وضع شروط منافسة سياسية مفتوحة وشفافة وذات مصداقية “.
وأضاف أن ” رئيس الدولة يستحضر مجددا هاجس الخوف, ويلجأ إلى الابتزاز الأمني لتبرير الوضع الراهن ورفض أي بديل آخر خارج الرئاسة مدى الحياة التي جعلت الجزائر تسير ضد تيار تاريخ الدول المتقدمة. وكعادته ومن خلال وضع نفسه في قلب كل شيء، تهجم على من يراهنون على تغيير المسؤولين والشخصيات، لكنه نسي أنه اختزل كل الجزائر في شخصه”.