د. عادل عبد الناصر حسين
في هذه المقالة اكتب موضحا عدة أمور؛ فاليوم توجد حرية في كتابة التاريخ في مصر لم تكن موجودة من قبل، ما عدا الدخول في حقول المعارك بين الاخوان المسلمين والحكومة.
الرئيس السيسي مواطن مصري من أبناء الطبقة الوسطي، ويهمه كأي مصري أن يرى بلده كما اليابان والصين، وقد ورث بلا شك تركة ثقيلة تنوء بها الأكتاف، ومن هنا لابد أن يعرف الشعب المصري ان الخروج من عنق الزجاجة يستلزم الصبر وتحمل الاثقال، واما الاخوان فهمهم الحكم والتمتع بمظاهر وأبهة السلطة؛ فمنذ سنة 1928 وهم يضعون انفسهم في خدمة أي قوي يهمها السيطرة والتحكم في مصر بموقعها الجغرافي الفريد، ووصل بهم انعدام الوطنية إلى مهاجمة مصر الوطن عبر أربع قنوات فضائية، وأهمها قناة الشرق، ومن الغريب أن هذه القنوات لا هم لها إلا نشرات اخبارية تناقش حتى الأحداث الأقل أهمية، وحتى لو وقع اصطدام بين سيارتين في الطريق العام!
أما قصة حكم العسكر فهي هزلية لأن من المعروف ان اي شاب مصري لابد أن يدفع ضريبة التجنيد من أجل الوطن لثلاث سنوات، وان الضباط ايضا هم اولاد الفلاح والعامل، ولا توجد في مصر طبقة مترفعة من العسكر منعزلة عن الشعب، بل الشعب هو العسكر والعسكر هم الشعب، وقد شهدنا الالتحام بين الشعب والجيش ما بين 1967 وعام 1973، ثم امامنا الامثلة فقد كان الدكتاتور التونسي بورقيبة محاميا درس القانون وليس من العسكر، لكنه كان يحكم تونس بيد من حديد، وفي سوريا نرى بشار الاسد طبيبا لكنه اضطر إلى لبس ثياب الجندية يوما من الايام في ظل حرب أهلية تعصف بسوريا، ولو انتقلنا إلى الزمن الماضي نرى ان عبد الناصر كان سياسيا من نعومة أظافره، وكان هدفه خروج الانجليز من مصر، وان تصبح بلاده حرة، وأن تحقق التصنيع واقتحام الصحراء والتعليم والعلاج المجاني لخدمة الطبقتين الوسطى والدنيا، اي ان عبد الناصر كان واضحا في خطه السياسي.
كان التحول الكبير لجمال عبد الناصر في حرب فلسطين حيث تولدت لديه قناعة بأن وحدة العرب هي الطريق الوحيد للاستقلال وتحرير فلسطين، وقد طرق عبد الناصر ابواب كل الاحزاب بحثا عن طريق لطرد المستعمر وعن طريق للنهوض بمصر، لكنه لم يجد لديهم إلا المكائد والتنازع على السلطة، ونلحظ اهتمامه بالشأن المصري في رسالته إلى صديق عمره، المهندس حسن النشار حيث كتب له رسالة غاضبة عندما كان يعمل ضمن الحامية المصرية في السودان، وحينها كانت القوات البريطنية قد حاصرت القصر الملكي في عابدين، وقرر السفير البريطاني ارغام الملك علي تشكيل وزارة بمواصفات معينة والا الطرد! وخضع فاروق ملك مصر ورمزها لمطالب الانجليز، وهو ما أثار غضب الشعب المصري في حادثة عُرفت لاحقا بأحداث 4 فبراير 1942.
أما السادات فقد مارس الارهاب بقتل امين عثمان خدمة للسراي، حيث كان يتلقي الاوامر من الملك شخصيا عبر الوسيط دكتور رشاد طبيب الملك الخاص، كما أنه عمل في خدمة المخابرات الالمانية في مقابل مادي او من اجل اهداف نبيلة للانتقام من المستعمر البريطاني، لكنه في النهاية ظل هاربا من الاعتقال والسجن فلم تتح له فرصة للثقافة كما كان جمال عبد الناصر، والذي يعرف الجميع أنه كان رئيس اتحاد طلاب المدارس الثانوية، كما كان من المترددين علي مكتبة الكلية الحربية، كما ان جمال عبد الناصر كان منذ صغره ذا هيبة وشخصية قوية، وهو الذي أضفى الهيبة علي كرسي الرئاسة، بعكس السادات والذي وصفه الأستاذ هيكل بالرئيس الممثل او الممثل الرئيس!
منع السادات كتابة التاريخ على حقيقته، وكتب تاريخا مفصلا على هواه، ادعى فيه أنه الوحيد الذي تمرس في العمل السياسي، وتناسى الذكر بأنه عاد إلى الجيش قبل الثورة بأربع اعوام فقط بعد ان دعمه الضباط الاحرار في النجاح في امتحان الترقي، وليلة الثورة أدى مسرحية الذهاب إلى السينما المعروفة خوفا على نفسه، وكان وجوده في مجلس قيادة الثورة لضبط التوازن بين جماعة الضباط الاحرار لكن الاعلام والخيال اشتط لنراه يُصور السادات صانعا للثورة التي سعي من أجلها عبد الناصر من أجل رفعة مصر والأمة العربية.