*شافكي المنيري
فرنسا في المثلث… العنصرية، الاٍرهاب، السترات الصفراء قلمي هنا يرى فرنسا تعاني في الآونة الأخيرة من مثلث قد لا تتوازي كل الأضلاع فيه ولكنها تجتمع في مثلث واحد.
العنصرية… قبل الانتخابات الرئاسيه الاخيرة في فرنسا والتي كان يتنافس فيها ماكرون مع اكثر من مرشح الا ان المرشحة التي استمرت للجولة الاخيرة أمامه (ماريان لوبان) كانت الأكثر منافسه له وانتهت الانتخابات بفوز ماكرون بنسبه تجاوزت اكثر من 65%علي منافسته مرشحه اليمين المتطرف.
واذكر هنا حديث الانتخابات والمرشحة (لوبان) لانها كانت تميل في دعايتها الى التطرّف والعنصرية والكراهية ضد المهاجرين والمسلمين في فرنسا وكانت دائماً تثير الجدل في كل تصريحاتها وتحريضها على الكراهيه والعنصرية ولا انسى تشبيهها لصلاه العيد للمسلمين في فرنسا بالاحتلال النازي!!
وهذه المقدمة تأخذني الى اعاده النظر من جديد في المشهد الفرنسي من العنصرية الموجودة لدى مرشحين كانوا يتنافسون على المقعد الرئاسي وتدعمهم احزاب قوية تعتنق نفس العنصرية، هذا بخلاف من ورائهم من أعضاء لهذه الأحزاب او منتمين لنفس الأفكار او يشعرون بأنها هي المفر الأمن لفرنسا جديدة اخرى للفرنسيين الأصلين دون غيرهم.
قراءه المشهد الفرنسي بعمق… ونحن نتحدث عن ضلع المثلث الاول… وهو العنصرية.. تعود بِنَا لزمن الاستعمار الفرنسي الذي دمر كيانات عربية افريقية ومحى كل ما هو عربي الفكر والهوية وارسى وربى على الهوية الفرنسية لغة وتاريخ ومعتقدات وفرض تعليم اللغة الفرنسية والتضييق والمنع للغه العربية وهذا ما عانت منه دول المستعمر الفرنسي على كل ارض عاش بها، ولعب بهويتها وتاريخها والمغرب العربي اكبر مثال مما عانى من الاستعمار الفرنسي الذي هيمن اكثر من قرن في استعمار العقول!!!
الْيَوْمَ ونحن نعود ونشاهد عنصرية السياسيين كا المرشحة السابقة (ماريان لوبان) وحزبها الداعم لها واعتناقهم للعنصرية وكرههم للمهاجرين والأجيال التي هاجرت منذ زمن طويل للأراضي الفرنسية وعاشت وانصهرت داخل النسيج الفرنسي، الا ان المجتمع الفرنسي لم يقبل الجميع بمحبة او بمشاركه بل كثيرا من المهاجرين سكنوا مثلا أفقر المناطق في باريس وغيرها من المدن الفرنسية ولَم يحظوا الا باقل الاعمال والتعليم حتى الأحياء التي يقطنون بها باتت الأفقر والأقل إمكانات وينظر لها على انها مناطق عشوائية او من الدرجه الأقل، فقرا، تعليما ومكانة لدى المجتمع الفرنسي العام والراقي!!
ولهذا عاش الكثيرون من المهاجرين وحتى من شباب الجيل الثالث الذي تربي وسكن في فرنسا وهم أعدادا كبيره عاشوا يشعرون بالعنصرية والتعامل المتدني من المجتمع الراقي المسؤل الفرنسي.
ولَم تمتد لهم كثيرا الايادي الفرنسية الداعيه للحرية والحقوق الإنسانية، وبات من ينجح منهم او يتفوق، يتعب هو بنفسه ويحارب لكي يتعلم ويرتقي لكي يصل الى المكانة العلمية المرموقة والكيان الاجتماعي الأمثل وأصبح هذا مجهودا شخصيا تحارب من اجله كثيرا من العائلات والجاليات التي عاشت تحمل الهوية الفرنسية وتبذل مجهودا كبيرا من اجل اثباته على ارض الواقع.
وهنا لا يسعني ذكر الكثير من حالات العنصرية والكراهية التي ظهرت في السنوات الاخيرة والتضرر الواقع من المهاجرين وأجيالهم المختلفه ولا ن الكثيرون عاشوا يحملون في أعماقهم الهوية العربية والديانة الاسلامية فقد دفعوا من اجلها الكثير من الكراهية والعنصرية.
ولقد أظهرت إحصاءات رسمية نشرتها وزارة الداخلية الفرنسية أن البلاد شهدت في 2017 تراجعا في الاعمال العنصرية بصورة عامة لكن الهجمات ضد اليهود والمسلمين سجلت بالمقابل تزايدا.
ومن هنا نعود لفكره المثلث وضلع العنصرية الذي مازالت حالاته تسجل المزيد من الأرقام.. الاٍرهاب… وتخيلوا هنا ان الاٍرهاب هو الضلع الثاني الذي طال فرنسا وتحديدا مدينة باريس علي هجمات مختلفة والملفت ان هناك اتهامات كثيرة طالت جنسيات عربية او بالاصح من أصل عربي خاصه ما حدث في (شارلي ايبدو) وأصابع الاتهام التي طالت ارهابيين من أصل عربي ولكنهم فرنسين نشأوا وتربوا في المجتمع الفرنسي وتعلموا في المدارس الفرنسية!!؟؟
وقطعا الاٍرهاب ارهاب ولا ندافع عنه أبدا… ولكن السؤال هنا هل راع المجتمع الفرنسي المهاجرين علي ارضه هل قدم لهم نفس التعليم والاهتمام مثل ما يقدم للفرنسي الأصل أم هناك غياب وبعد واستبعاد وعدم اهتمام لحال من يعيشون علي الاراضي الفرنسية وجذورهم من بلاد اخرى!!؟؟.
هل يراقب المجتمع الفرنسي وأحزابه السياسية او برلمانه ما يدور علي ارض فرنسا؟ والمثال هنا حال المساجد مثلا الموجود منذ زمن في فرنسا هل من رقابة على من يقومون على المساجد وخطبهم وما يقدمونه للجاليات الاسلامية هل من متابعة للخطاب الديني هناك مثلا أم انهم يتركون أماكن العبادات والديانات الي شيوخها ورجال الدين بها.!؟
وطبعا لان فرنسا بلد تعتنق الحرية وتؤمن ايضا بالحريات خاصة الدينية ولان اللغة ألعربيه لغة اقلية في فرنسا فلا يوجد هناك متابعة او مناقشة او دمج او حوار مع رجال الدين الاسلامي هناك وربما هذا برر استغلال تنظيم “داعش” في تجنيد الكثير من الفرنسيين والأجانب من دول اوربية لضعف متابعة الوضع الديني وما يقدم من معلومات في المساجد في أوربا ومن يستغل كثيرا أماكن العباده في حشد الناس وفِي التجنيد وفِي شرح مغلوط كثيرا في أمور الدين.
وإذا كانت البلاد العربية تعاني من الاٍرهاب والتطرف الديني الا ان الدول العربية تحاول الان تجديد للخطاب الديني وفتح آفاق أوسع للحوار والمناقشات وشرح أصول الدين وتفسير صحيح اكثر للآيات القرانية في محاولة لمحاربة الاٍرهاب بالعلم وبالدين الصحيح.
وهذا ما تفتقده الدول الاوربية كثيرا الا بعض الدول التي بدأت تتعاون مع المؤتمرات الاسلامية وما توصي به.
وكما تخيلت انني ارى المشهد الفرنسي في مثلث… أضلاعه بحاجة الي اهتمام والعمل على ما ينقص بها… والضلع الثالث الذي يكمل المثلث هنا كما أراه هو خروج حركات اجتماعية جديده تستغل ضعف ما او أزمات معينه لتطفو على السطح باحتجاجات ومظاهرات كفلها لها الدستور والقانون.
الضلع الثالث..الذي أراه من خلال حركة السترات الصفراء… السترة الصفراء.. أصوات عالية… نعم انه زمن جديد بكل مقايس لم تعد تعرف من أين تبدا الاحتجاجات ومتى تهدآ او تسكت، باريس باتت تحارب الاٍرهاب تارة والاحتجاجات تارة اخرى.
ولنقترب اكثرمن تصور للضلع الثالث من هي حركه السترات الصفراء؟
وطبقا لما جاء في قناة (بي اف أم) انها تضم 8000 محتج في باريس و 23000 محتج في كامل فرنسا.
والسؤال هنا… كيف احتجت هذه الأصوات بالحجارة والعنف… هل هي تحتج من اجل ارتفاع أسعار البنزين ام هي تصرخ من حال المعيشة؟؟؟
الحركه حديثة وجاءت احتجاجاتها على ارتفاع الأسعار واكتسبت مناصرين لها من وسائل التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا” التي باتت سلاحا جديدا في عالم الاحتجاج ورفع الصوت او الحشد الشعبي الأكبر للأصوات ووسائل التواصل ليس لها قائد بل هي ملك للمدنونين الذين يتواصلون ويتزايدون بأسرع طريقة يفتقدها اَي اعلام رسمي او خاص.
وفرنسا تعاني من مشاكل حياتية كثيره، غلاء المعيشة واهتمام ماكرون بطبقة الأغنياء كما يرى الكثيرون على حساب الفقراء جعله يفتقد الكثير من الشعبية في الشارع الفرنسي.
وإذا كانت الحركة بدأت برفع الصوت على غلاء المعيشة الا ان العنف الذي ظهر منها في شارع الشانزليزيه الشهير بل الأشهر في فرنسا واوربا كلها وفِي توقيت استعداد هذا الشارع الي أعياد الميلاد واستقبال الملايين الذين ياتون خصيصا للاحتفال به في باريس وفِي شارع الشانزليزيه الذي يتزين خصيصا بميزانية ضخمة بطول الشارع على أشجاره العتيقة ليصبح لوحه فنيه جميله.
والسؤال الحركة اختارت المكان الأشهر والتوقيت نهاية العام للاحتجاج فهي لاهمية المكان وهو الرمز الباريسي الفرنسي كما شاهدنا كيف انتقلت الكاميرات والأخبار الى رصد هذه الاحتجاجات من امام قوس النصر وكيف ظهرت بلد الحرية والجمال والفن.
والتوقيت الذي يتجمع فيه الناس للاحتفالات اوالبيات الشتوي الذي يركز فيه الناس على اخبار الكون… ظهرت باريس بسترتها الصفراء يعاني مواطنيها من مشاكل المعيشة والغلاء وأصبحت لغه الحوار والنقاش غير موجودة وفكروا اصحاب الحركة فرض صوتهم بالعنف والاحتجاج وهم يعرفون انهم متخذين أشهر مكان في باريس منصة لهم ترفع صوتهم ربما تجبر الحكومة والبرلمان الفرنسي والرئيس على حل هذه المشاكل وسرعة التدبر بها؟
وكنت اتخيل ما وصلت له فرنسا من حريات في الفكر ان لا تأتي بها أصوات الاحتجاج بالصوت والحجارة، ولكنها للاسف حولت المشهد الفرنسي الي مشهد عبثي يعاني فيه مواطنون ويحاولون باصواتهم بالضغط علي الحكومة الفرنسية؟ او ربما ايضا لعدم رضاهم عن البرلمان؟ الذي لم ينتبه لهم كما يقولون؟ او حتى علي الرئيس الذي اثرت هذه الاحتجاجات بنِسَب كبيره على شعبيته كما يَرَوْن في الشارع الفرنسي.
الحركة ترفع الانذار باللون الأصفر؟ ما يحدث في العالم ليس بالشئ السهل هناك الحركات الاجتماعية التي تنقلب الى حركات سياسية بعد ذللك… او يكون هذا هو هدفها الأساسي..
فرنسا في قلب مثلث.. تراه في عنصرية… تزيد وتقل طبقا لحالات كثيرة وأرقام كبيرة او المصلحه لسياسيون متقلبون ومصالح قد تضر المجتمع الفرنسي كثيرا.
او في ارهاب … يتربي أمامك لاتراه او تهمله فايطوللك وانت في مكانك!!
او في حركة او حركات تتبني أزمات حقيقية وتخرج لتحقق من خلالها مطامع سياسة اخرى!!؟؟
هو مثلث قد يصيب او يخطأ… اتمناه مثلث سلمي بلا ضلوع تؤذي الشعوب او الإنسانية..
الأيام كفيلة ان تؤكد الكلام او ان تنفيه وتتحسن الأوضاع ليس في فرنسا وحدها بل في العنف والارهاب المتزايد في العالم.
ويبقي السلام الإنساني وحقوق المواطنة التي تحلم به شعوب العالم. وانا مواطنه مثلهم اجدد حلمي كل يوم.
*اعلامية مصرية