السلايدر الرئيسيتحقيقات

محاولات الانتحار في غزة هل أصبحت ظاهرة أم حادثة عابرة؟

محمد عبد الرحمن

  • ازدياد ملحوظ في أعداد المنتحرين

ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ ما أن تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو تتابع النشرات الإخبارية، إلا وتفاجئ بخبر، إلقاء شاب نفسه عن علو، أو قيام أخر بحرق نفسه، فهل بات انتحار الشبان في القطاع هروبا من واقع أليم، وغياب الأمل نحو مستقبل آمن؟ خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الناتج عن حصار مشدد تفرضه إسرائيل منذ سنوات، وويلات ثلاث حروب قاسية شنتها في أقل من خمس سنوات، بالتزامن مع التضييق الداخلي في القطاع.

محاولات الانتحار في غزة لم تعد هذه الأيام تتم على أرضية الحمام، بل في شوارع القطاع. ما يجعل الارتفاع المضطرد فيها أقرب إلى احتجاج عنيف على الواقع الاقتصادي والسياسي، وكأن محاولي الانتحار يسعون، لإشراك المجتمع في المسؤولية عن حياتهم الشخصية وهدر طاقاتهم.

الاكتئاب العقلي

ويعلق أخصائي علم النفس الدكتور خالد دحلان بقوله” هناك أربعة أسباب نفسية تدفع الأشخاص للانتحار، أبرزها الاكتئاب العقلي، وهو ذلك المرض النفسي الذى يشعر بمقتضاه المريض أنه السبب في كل المآسي التي يعانيها مما يجعله يعتقد بأن وضع حد لحياته سيضع حدًا أيضا لتلك المآسي أيضا

ويضيف” السبب الثاني للانتحار، يعرف بـ “الاضطرابات الشخصية”، الذي يصيب شخصيات تعاني من الهشاشة النفسية عقب تعرضها لأزمة تعجز عن إيجاد حل لها، وهنا يفكر المنتحر في طريقة استعراضية ينهي بها حياته كي يلفت أنظار المجتمع إليه لأنه يحمل هذا المجتمع مسئولية ما آلت إليه أموره“.

التجربة العاطفية

أما السبب الثالث، يعرفه دحلان بـ “فقدان العقل” الذي يدفع المنتحر لإنهاء حياته كي يلفت نظر الناس لقضية يتبناها، ويريد أن ينتصر لها لدرجة تفقده عقله وتجعله يقرر إنهاء حياته، وأخيرا يأتي “الانتحار العاطفي” الذي يقدم عليه أشخاص مروا بتجربة عاطفية مؤلمة وتكونت لديهم قناعة نفسية بأن حياتهم انتهت مع انتهاء التجربة العاطفية.

عمليات الانتحار

ويضيف: حالات الانتحار تنقسم إلي نوعين، تتمثل في محاولات جدية للانتحار وهي التي تنجح خلالها عمليات الانتحار وتؤدي إلي قتل النفس وتكون نتيجة وصول الفرد إلي حالة من الاكتئاب النفسي الشديد والشعور، بالإحباط والوحدة وعدم الإحساس بالأمان الأسري والمجتمعي، لتبدأ في اتخاذ قرار الانتحار عن طريق التخطيط الجيد للعملية , ولتنتهي بعدم وجود أشخاص آخرين من اجل إنقاذهم .

ويشير الأخصائي” إلى أنه لا يمكن الحديث عن مستقبل واضح لظاهرة الانتحار في غزة في ظل غياب التسجيل الرسمي الجاد لها؛ وإنما بالإشارة إلى تقرير الأمم المتحدة الذي نُشر مؤخرًا الذي يفيد أن “غزة غير ملائمة للعيش” مطلع العقد القادم، قد لا يكون هناك الكثير من أسباب التفاؤل بالتحسن المنشود في مناحي الحياة في القطاع.

الدعوة الجزائية

في حين يؤكد الحقوقي محمد العشي أن إيقاف الدعوة الجزائية على محاول الانتحار في قطاع غزة يأتي تأكيدًا على أن هذه المحاولات مرتبطة بالواقع الاقتصادي والاجتماعي، وأن الإحصائيات المعبرة عن واقع حالات الانتحار موجودة لدى الشرطة، مصرحاً بأن الأعداد الحقيقية أكبر مما يُعلن عنه، رغم أن ما يعلن عنه يقارب محاولة انتحار يوميًا. فعام 2017 شهد قرابة 350 محاولة انتحار، بحسب مصادر في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات غزة.

وعزا العشي الانتحار في قطاع غزة إلى عدة أسباب، منها: البطالة المتفشية كانتشار النار بالهشيم، والفقر المدقع؛ وغياب العدل، والظلم المنتشر في كل مكان، موضحا أن المنتحرين غالبيتهم من الشباب؛ لأن هذه المرحلة العمرية بالذات مرتبطة بتحقيق إنجازات، وأمل، وتفاؤل لتحقيق الذات، فإذا ما عجز الشاب عن تحقيق كل ذلك، أصبح عمره دافعا مثاليا للانتحار.

البطالة

فيما يعلق الخبير الاقتصادي ماهر الطباع الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة أثر بشكل وبآخر على المواطنين. بالإضافة إلى البطالة في صفوف المرأة وفي صفوف الشباب وانعكست الأوضاع على صفوف الأسر وعلى صفوف الخرّيجين”، فالانعكاسات الاجتماعية التي تنتج عن سوء الأوضاع الاقتصادية شكّلت حالة “طبيعية” بالتفكير جديًا في الانتحار، لافتًا إلى أنّ جزء كبير من الشعب يعتمد على المشاريع الإغاثية التي لا تحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعيّة مع إغفال المشاريع التنموية التي من شأنها أن تخفّف عنهم.”

تشغيل الشباب

ويرى أن الدور الأكبر في درء حالات الانتحار يقع على عاتق مؤسّسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والقطاع الحكومي، وعلى كل من يستطيع أن يقدم فرص عمل وتوفير مشاريع لتشغيل الشباب وحمايتهم من الاتجاه إلى أكثر “الحلول” خطورة على الفرد وعلى المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق