صحف

“هآرتس”: القوة لا يوقفها إلا القوة

ـ رام الله ـ يكتب زئيف شترنهال في “هآرتس”، أنه إذا كان هناك عبرة تستحق أن نتعلمها من القرن السابق فهي تتمثل في أن القوى التي تسعى إلى تفكيك النظام الديمقراطي – الليبرالي وتصفية المجتمع المفتوح لن يتم وقفها إلا عندما تقف أمامها قوة عنيدة لا تقل عنها تصميما. في النصف الأول من القرن العشرين أثبتت القومية المتطرفة والعنصرية أنها أقوى بكثير من السعي إلى المساواة والحرية. هذه التوجهات تطفو مرة أخرى على السطح في أوروبا. لأنها لم يتم اجتثاثها في أي يوم من ثقافة الغرب. جميع الاستطلاعات تتفق على أن القومية المتطرفة والعرقية أصبحت تسيطر على أوروبا الشرقية، وفي الغرب تراكم قوتها. وكل ما ينقص هو ازمه اقتصادية جديدة، القليل من التضخم والبطالة، واللاسامية – التي هي ليست سوى عنصر واحد من القومية المتطرفة والعنصرية – ستعود مرة أخرى كقوة مهيمنة.

​لكن ما هي الحال لدينا؟ من كان يصدق عندما أقيمت دولة اليهود على أنقاض يهود أوروبا، أنه بعد سبعين سنة سيتبنى المجتمع اليهودي الذي سيتطور هنا، نماذج تفكير وسلوك تشبه سلوكيات ونماذج تفكير القوميات المتطرفة واللاسامية في هنغاريا أو بولندا، وأن زعماءها سيتملقون أنصار موسوليني؟ تدل الاستطلاعات على أن الشباب لدينا أسوأ في عنصريتهم من الشيوخ: التعليم ليس هو مصدر الشر الوحيد. الاحتلال، الاستيطان الديني – العنصري والخدمة في جيش الاحتلال – هي الأساس. قانون القومية جاء من اجل تخليد الدونية العربية داخل حدود إسرائيل وتطبيعها، في حين أنه في المناطق يسيطر النظام الكولونيالي: هل من الغريب أنه بعد ثلاث سنوات من الخدمة في واقع كهذا، فإن العبرة التي تعلمها الإسرائيلي من ذلك، هي أن عدم المساواة هو امر طبيعي ويجب أن تشكل قاعدة لحياة مجتمعية مناسبة؟

إن محاربة هذه التوجهات تقتضي تجنيد كل الطاقة التي ما زالت موجودة لدى اليسار. هناك أوجه عديدة لمناهضة الليبرالية، ومحاربتها يجب أن تجري على جبهات مختلفة. إلى جانب جبهة تطبيق القانون هناك جبهة التعليم العالي. في جبهة المحكمة العليا حققت وزيرة القضاء اييلت شكيد نجاحا، والقاضي اليكس شتاين، رجلنا في بروكلين، بدأ بتزويد البضاعة عندما صادق على قرار محكمة الحاخامات الذي يحرم المرأة التي لم تثبت إخلاصها لزوجها من حقها في نصف الشقة المشتركة. هذا ما أرادوه في البيت اليهودي: تصفية المحكمة العليا على اعتبار أنها جسم يتبنى قيم ليبرالية، وبهذا يساهمون في تشكيل طابع المجتمع.

قضية مجلس التعليم العالي هي مثال آخر واضح. مجلس التعليم العالي ولجنة التخطيط والميزانيات تم إنشاءهما من اجل تشكيل حاجز بين الحكومة ومؤسسات التعليم العالي وضمان استقلالها. رئيس لجنة التخطيط والميزانيات الأول كان البروفيسور نتان روتنشترايخ، من كبار الفلاسفة في إسرائيل منذ إقامتها، وهو شخصية علمية وأخلاقية واضحة. روتنشترايخ كان يجب أن يمثل حتى اليوم نموذجا لكل وزير تعليم. لكن ما يحدث فعليا هو العكس تماما: نفتالي بينت شكل لنفسه مجلس تعليم عالي ولجنة تخطيط وميزانيات على شاكلته. وحول المؤسسة – بما في ذلك رئاسة لجنة التخطيط والتمويل، المنزوعة الصلاحيات والمكانة المستقلة – إلى أقل من خاتم مطاطي. ليس من الغريب أن نسمع تغريدة من مجلس التعليم العالي بأن بينت حاول أن يفرض نظام كم الأفواه في الجامعات، أو باسمه الرسمي “الرمز الأخلاقي”. فقط رؤساء الجامعات وقفوا ضد ذلك.

الآن جاءت المرحلة الجديدة للفصل بين الرجال والنساء في الحرم الجامعية. هذا العار الذي انزله على نفسه مجلس التعليم العالي لن يمحى حتى لو أن الجامعات والكليات رفضت تنفيذ القرار. أجل، علينا الأمل بأن تحدث انتفاضة في أوساط الأكاديميين والطلاب معا: هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف التنكيل بجوهر التعليم العالي وطبيعة المجتمع أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق