ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ يبدو أن الفرصة الذهبية لمصر في تبديد مخاوف سد النهضة الإثيوبي، الذي يعتبر بمثابة تهديد للأمن المائي المصري، ويشغل القيادة السياسية والشعب المصري منذ أكثر من 5 سنوات، قد حانت بالفعل، وذلك بحسب خبراء سياسيين ومتخصصين في الشأن الإفريقي، وذلك بعد إعلان “أديس أبابا” توقف بناء السد لمدة 4 سنوات مقبلة.
واقترح خبراء مصريون في الشأن الأفريقي وملف المياة، بضرورة دخول مصر بجزء من التمويل ، والدفع بخبراتها في مجال السدود عبر الفنيين والمتخصصين المصريين، لتمويل سد النهضة الذي يواجه أزمات تمويلية ومشاكل فنية ، أدت إلى ايقاف العمل فيه ، مقابل الاتفاق مع الطرف الإثيوبي على معايير جديدة تتعلق بمدة ملئ خزانات السد وطريقة العمل ، حتى لا تتأثر الحصة المائية لمصر ، وتكون صاحبة نصيب في إدارة السد.
وقد أعلن مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، كفلى هورو، عن تأجيل بناء السد 4 سنوات، بسبب مشاكل فنية هندسية، موضحاً أنه لن يتم إنجاز مشروع سد النهضة البالغ تكلفته 4 مليارات دولار، قبل عام 2022، متأخراً بذلك عن الموعد المحدد لإنجازه، وذلك بسبب عيوب محتملة في تجهيزات السد، مضيفاً وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية، أن تأخر البناء يأتي بسبب التغيير في التصميم، ما أدى إلى زيادة سعة توليده وتأخير تنفيذ الأعمال الكهروميكانيكية.
وقال خبير الشؤون الإفريقية، بالهيئة العامة للاستعلامات في مصر، د. رمضان قرني، إنه مع هذا الأمر، تسنح لمصر فرصة ذهبية، بالعرض على أديس أبابا، المشاركة في بناء السد بتكلفة أقل وبمواصفات فنية لا تضر بحصص مصر المائية، لاسيما أن مصر كانت تتحدث مع الطرف الإثيوبي على تقليل حصص ملء السد، بمد فترات الملء من 5 إلى 7 سنوات، حتى يكون لمصر مشاركة إدارية في السد، لافتاً إلى أن الوقت الآن للحديث عن الحلول الفنية بمواصفات تناسب الوضع الإثيوبي المالي، والدليل أن مصر ساعدت تنزانيا بالمشاركة في بناء سد “ستيجلر جورج” منذ أيام.
وأوضح “قرني”، في تصريحات خاصة لـ””، أنه إذا تم تعديل مواصفات السد، يعتبر فرصة مهمة من خلال الخبراء الفنيين، لنكون مقبلين على سد مختلف بالمواصفات عن السد الحالي المتوقف طبقاً للمعطيات الحالية، مشيراً إلى أن التوقف عن بناء السد الإثيوبي، لأسباب فنية ومالية وليست سياسية، وهو مشروع قومي إثيوبي يقدم شكل التنمية القادمة، فضلاً عن أسباب مالية بالأساس، لسد يتجاوز بناءه 4.7 مليار دولار، لاسيما أن الشركة الإيطالية لها ديون كبيرة لدى أديس أبابا، وإثيوبيا ميزانيتها منخفضة، وكانت تعتمد على بيع الصكوك والأذونات.
ولفت “قرني” إلى أن الأزمة الفنية بدأت عند تركيب التوربينات، من خلال إحدى شركات القوات المسلحة الإثيوبية، التي قامت بأخطاء فنية، مما أفشل الأمر، وأصبح التأجيل لا رجعة فيه، ولكنه سيستمر مشروعاً قومياً، وفي ظل تعثر المفاوضات بين الدول الثلاث، “مصر، إثيوبيا، السودان”، فأمامنا متسع من الوقت، بمعنى أن خبراء المياه والسدود بالدول الثلاث، أمام فرصة ذهبية لبناء السد، وهنا تتواجد مصر بمواصفات جديدة للمشاركة بالبناء والخبرات الفنية، التي تشتهر بها في بناء السدود لاسيما مع النجاح في الدخول بتجربة السد التنزاني.
فيما دعت أستاذ العلوم السياسية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بالقاهرة، د. هبة البشبيشي، مصر بأن تدخل كبديل للكيانات المشاركة في بناء السد عبر قيادات عسكرية بإثيوبيا، وهم القيادات الذين أفشلوا هذا المشروع، ليكون التدخل المصري بخبراء وفنيين وجزء من التمويل، والتنفيذ من خلال الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية، لاسيما أنها تستطيع إدارة وإنجاز المشروع دون أي فساد، ولتشارك مصر بالإدارة، وينتهي الضرر المهدد به مصر.
وتابعت: “ما أثير عن وقف العمل بالسد، يدور في إطار المواجهة بين “آبي أحمد” وجبهة قيادات الجيش، الذين يعملون على إفشال تجربته، والادعاء بأنه رجل فساد، وأن السد لا يصلح، فمن شهرين كانت هذه الجبهة ستستولى على الحكم بانقلاب عسكري، وقام “آبي أحمد” باحتواء الموقف، وبعدها بفترة قبض على قيادات ومنعهم من السفر.