تحقيقات

جيل تجار المخدرات الجديد في كولومبيا يخلع ثوب بابلو اسكوبار

ـ بوجوتا ـ كان بابلو اسكوبار يمثل رمزا للصورة النمطية التي تُميِز مهربي المخدرات الكولومبيين، حيث كان “قطب الكوكايين” يمتلك قصورا فخمة، وحديقة حيوانات تضم أنواعا غريبة، وطائرة خاصة.

ويشار إلى أن اسكوبار- الذي اشتهر بترؤسه لمنظمة “كارتل ميديلين”، قام ببناء سجن لنفسه، يضم صالة ديسكو وملعب كرة قدم، كما قام بتنفيذ تفجيرات واسعة من أجل تخويف الحكومة.

ورغم مرور خمسة وعشرين عاما على مقتل اسكوبار على أيدي قوات الأمن، في الثاني من كانون أول/ديسمبر من عام 1993، مازال البعض يبدي إعجابه بما كان يتمتع به تاجر المخدرات الشهيرمن نفوذ وثروة، بالاضافة إلى إعجابهم بما كان يمنحه اسكوبار من منازل للفقراء. ووصل الأمر إلى وجود متحف مخصص له في أحد منازله السابقة، وذلك على الرغم من محاولة السلطات في ميديلين أن تنأى بنفسها عن زعيم العصابة المسؤول عن 6000 جريمة قتل.

من ناحية أخرى، هناك جيل أصغر سنا من الشباب من تجار المخدرات الكولومبيين، الذين يبذلون قصارى جهدهم حاليا حتى لا يكونوا مثله.

وقد تعلم تجار المخدرات الشباب في كولومبيا حاليا درسا من خلال المطاردة الكبرى لاسكوبار، ثم قتله على سطح أحد المباني في ميديلين: وهو أن الإسراف الواضح، والقيام بسلوك من أجل لفت الانتباه، يضعان المجرمين في دائرة الضوء، ويثير قلق الشرطة.

وتقول مصادر في إدارة مكافحة المخدرات التابعة للشرطة: “لقد تعلموا مما حدث مع عصابات المخدرات في ثمانينات القرن الماضي، حيث لاحظوا أن حالة التباهي التي كان يتسم بها هؤلاء المجرمون، صارت نقطة ضعف أدت إلى إلقاء القبض عليهم أو القضاء عليهم”.

ومن بين أشهر تجار المخدرات في كولومبيا في يومنا هذا، أسماء مثل داريو أنطونيو يوسوجا، المعروف باسم “أوتونيل”، وهو زعيم عصابة “جولف كلان” التي تتمع بنفوذ كبير، و عصابة “فالتر باتريسيو أريزالا”، المعروفة باسم “جواتشو”، وهي عصابة يسارية سابقة تعمل بالقرب من الحدود مع الإكوادور.

ويشار إلى أن العصابتين لا تتمتعان بنفس قدر الشهرة التي كان يتمتع بها اسكوبار، كما أن الأفراد المنتمين لكليهما لا يرغبان في ذلك.

وتقول مصادر في الشرطة إن تجار المخدرات الجدد لا يرغبون في أن يلاحظهم أحد، وقد يستخدمون استراتيجيات مثل العيش بشكل متواضع والاستعانة بمصادر خارجية في أعمالهم.

وقد يعيش الـ “تراكيتيوس” – كما يطلق عليهم اليوم – في مناطق ذات دخل منخفض، أو يتظاهرون بأنهم رجال أعمال أثرياء، في محاولات منهم لتضليل الشرطة.

كما أنهم يكشفون عن جزء من أعمالهم لأشخاص، ليس لهم اتصال مباشر بالمخدرات أو بتجار المخدرات، بحسب ما تقوله مصادر في الشرطة.

ويقوم “منسق مكلف بإدارة الأنشطة الإجرامية”، بالاشراف على هؤلاء الغرباء عن هذا النشاط.

ويحظى تجار المخدرات الجدد بمستويات أعلى من التعليم، عما كان يحصل عليه سلفهم، الذين كان بعضهم أميون عمليا.

ويعتبر تشكيل التحالفات جزءا مهما من استراتيجية تجار المخدرات الحاليين، حيث تشمل تلك الاستراتيجية التعاون مع العصابات المسلحة والقوات شبه العسكرية.

ويقوم تجار المخدرات المكسيكيون بدور متنام.

ويتفاوض بعضهم على مواعيد نقل المخدرات والطرق المؤدية إلى أمريكا الوسطى، بينما يحدد آخرون الأسعار أو يتصرفون كمشترين.

ويحاول المكسيكيون حتى الآن “السيطرة على عمليات الإنتاج والتصنيع” الخاصة بالكوكايين في كولومبيا ، بحسب ما يقوله هيرناندو زوليتا – وهو خبير في الدراسات الخاصة بالمخدرات بجامعة لوس أنديز – لصحيفة “إسبكتادور” اليومية.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها كل من كولومبيا والولايات المتحدة منذ عقود لوقف تجارة المخدرات، إلا أن الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية مازالت أكبر منتج للكوكايين في العالم، في حين أن الولايات المتحدة هي المستهلك الأكبر له.

وكانت المساحة المزروعة بنبات الكوكا – الذي يستخدم في صناعة الكوكايين- في كولومبيا- وصلت في العام الماضي إلى 171 ألف هكتار في العام الماضي، وفقا لتقديرات لأمم المتحدة، بزيادة نسبتها 17 بالمئة عن عام 2016، وهو ما يكفي لإنتاج 1400 طن من الكوكايين.

وتقدر هذه الكمية بقيمة حوالي 3 مليارات دولار في السوق المحلية – وهي قيمة تبدو مضمونة للحفاظ على استمرار تجارة المخدرات لسنوات مقبلة. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق