ـ تونس ـ من سناء محيمدي ـ كشفت رئيسة هيئة مكافحة الاتجار بالبشر، روضة العبيدي ان التقرير الذي سيعرض بالتزامن مع ذكرى الغاء العبودية والرق في تونس سيوضح ارتفاع حالات الإتجار بالأشخاص سيما الأطفال الاكثر عرضة لهذه الجرائم بنسبة 75 بالمئة، على حد قولها.
ولفتت العبيدي في حديثها الى أن استغلال الأجانب إقتصاديا في تونس يبلغ نسبة 100 بالمئة في حين أن التونسيين معرضون لكافة أشكال الاستغلال في الخارج منها الجنسي والاقتصادي بإستثناء الاتجار في الأعضاء البشرية، مؤكدة في ذات الوقت رصد تخاذل الدولة في إصدار قانون حماية المواطنين من عقود الشغل الوهمية للعمل في الخارج رغم دعوات الهيئة لاستعجال إصداره نظرا لتطور إحصائيات استغلال التونسيات في الخارج بشتى أنواع الإتجار بالأشخاص.
742 حالة اتجار بالبشر
وبحسب ارقام رسمية لهيئة مكافحة الاتجار بالبشر، حول الاتجار بالنساء والاطفال، اظهرت أن الأطفال يمثلون نسبة 70 بالمئة من عدد حالات الاتجار بالبشر التي تعهدت بها الهيئة في عام 2017، والتي قدرت بما يناهز 742 حالة، فيما بلغ عدد الأجانب مئة شخص.
واوضحت رئيسة الهيئة التونسية، روضة العبيدي أن الحالات المذكورة كانت ضحايا للاستغلال الاقتصادي والجنسي والعمل في المنازل، مشيرة الى ان الهيئة قد اتخذت العديد من التدابير لمكافحة الاتجار بالبشر، منها تعيين قضاة مختصين في 17 جهة، بمعدل قاضيين لكل جهة.
وتابعت بالقول ان الهيئة عمدت الى تركيز نقاط اتصال في مختلف الجهات، تضم ممثلين عن الأمن والقضاء والشؤون الاجتماعية والصحة والمجتمع المدني ومندوب حماية الطفولة، وذلك لضمان التكوين والتوعية بقضية الاتجار بالبشر في البلاد.
وتوفقت الهيئة في مساعدة 66 حالة من ضحايا الاتجار بالبشر الأجانب، على العودة إلى بلدانهم، ومرافقتهم لإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم، اضافة الى أن 31 امرأة تونسية من ضحايا الاتجار يتلقين حاليا دعما من الهيئة لمساعدتهن على بعث مشاريع خاصة بهن.
1087 طفل ضحايا الاستغلال الجنسي
في المقابل، كشف المندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي أن إجمالي عدد الأطفال ضحايا الاتجار بالبشر قد بلغ عام 2017 أكثر من 1480 طفلا، من بينهم 308 من ضحايا الاستغلال الاقتصادي، و1087 من ضحايا الاستغلال الجنسي، و86 من ضحايا الجريمة المنظمة.
وأكد حمادي أن عدد حالات الاتجار بالأطفال المسجل عام 2017 يعد الأعلى في تونس مقارنة بالسنوات الماضية، داعيا إلى وضع آليات لحماية الطفولة من هذه الظاهرة، وإدماج مفهوم ضحية الطفل” ضمن مجلة حقوق الطفل، وإنشاء خلايا إنصات بالجهات مع التأكيد على أهمية التخصص.
وكان تقرير صادر عن وزارة الخارجية كشف في وقت سابق ان ظاهرة الإتجار بالبشر قد تنامت في تونس، خاصة في الأوساط الريفية، بفضل ما اسمتهم بـ “السماسرة” الذين يلعبون دور الوسيط في تشغيل فتيات صغيرات في السن. وقد سجلت حالات عنف واستغلال جنسي لهن.
ويشير التقرير إلى أن “هذه الظاهرة تتركز بمعظم المحافظات التونسية خصوصا في مناطق الشمال الغربي باعتبارها المناطق المصدّرة للنساء العاملات في المنازل وفي القطاع الزراعي”.
ويبين أيضا تورط عدد كبير من التونسيات في شبكات الدعارة الدولية وخاصة الحاصلات منهن على “فيزا” فنية ويعملن في ملاه ليلية بدول الخليج ولبنان حيث يتم إجبارهن على ممارسة الجنس مع الزبائن.
وبحسب مسؤولين في “منظمة الهجرة الدولية” فان “الأطفال والنساء هم الأكثر تضررا من هذه الظاهرة الخطيرة باعتبارهم ينتمون إلى الفئات المستضعفة التي تضم الفقراء والمشردين والعاملات بالمنازل”، مشيرا إلى أن “عملية الإتجار تمر بالعديد من المراحل أوّلها خطف الضحايا من بلدانهم وتهجيرهم نحو مناطق متعددة للمتاجرة بهم. وتسهم جماعات عدّة من بلدان مختلفة في تنامي الظاهرة في دول العالم العربي وأفريقيا.
وتشمل جرائم الاتجار بالبشر، بحسب الاتفاقيات الدولية والدستور التونسي، تجنيد أشخاص أو نقلهم أو ترحيلهم أو استقبالهم أو إيوائهم باستعمال أيّ شكل من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو نفوذ بهدف استغلالهم لأي أسباب كانت.
واصدرت تونس قانونا خاصا لمكافحة الاتجار بالبشر، وأفرد القانون عدة فصول لردع مرتكبي مختلف أشكال الاتجار بالأشخاص، تصل عقوبتها لـ15 سنة، وعقوبات أكثر شدة على ممارسة هذه الجرائم في شكل مجموعات. كما يزجر القانون حتى الشخص الذي بلغ إلى علمه معلومات حول وجود ارتكاب الجرائم، وامتنع عن إعلام السلطات المختصة، وتشمل العقوبة بما في ذلك الخاضع للسر المهني.
ويلزم القانون بطرد الأجنبي مرتكب أي جريمة للاتجار بالأشخاص في تونس، وذلك بعد قضائه لعقوبته. ونظرا لخطورة مثل هذا النوع من الجرائم، أباح القانون اختراق عنصر امن أو مخبر، للمجموعة المشتبه في ممارستها عمليات متاجرة بالأشخاص، بالإضافة للمراقبة البصرية والسمعية السرية، واعتراض الاتصالات، ولكن تحت رقابة القضاء، ولمدة زمنية محددة.