ـ بون ـ من محمد جاسم ـ شهد مؤشر الإرهاب لعام 2018 انخفاضًا واضحًا في العمليات الإرهابية التي شهدها العالم، في أعقاب خسارة “داعش” لمعاقله في سوريا والعراق، لكنه وحسب المراقبين المعنيين في الجماعات المتطرفة ومكافحة الإرهاب، فإن المساحة التي تنتشر عليها الجماعات المتطرفة أصبحت أوسع، لتمتد إلى جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وغرب أفريقيا.
تمحورت العمليات الإرهابية في أوروبا خلال عام 2018، بالطعن والدهس أحيانًا، وربما يعود ذلك إلى الجهود التي بذلتها دول أوروبا باتخاذ خطط وسياسات في مكافحة الإرهاب أكثر حزمًا من السابق، مكنتها من انتزاع عنصر المبادرة من الجماعات المتطرفة. لكن رغم ذلك ما زالت الانتقادات توجه إلى أوروبا، بعدم اعتمادها سياسات وبرامج تطبيقية واضحة النتائج في محاربة التطرف من الداخل أمام تنامي أيدلوجيات التطرف.
سوريا والعراق
أما المشهد في سوريا والعراق، فمازال تنظيم داعش ينحصر في أماكن محدودة جدًا، تتركز في جيب شرق الفرات، ومدينة القائم الحدودية، ووفقا إلى تقارير أجهزة الاستخبارات العراقية، فإن عديد مقاتلين تنظيم داعش لا يتجاوز أكثر من خمسة الآلاف عنصر في العراق وسوريا.
إدلب
تبقى إدلب تمثل الملاذ الأخير للجماعات المتطرفة الأخرى من غير تنظيم داعش، على رأسها “هيئة تحرير الشام” جبهة النضرة سابق.ويكمن التحدي في إدلب، بسبب تقاطع مصالح الأطراف السياسية الإقليمية والدولية هناك، أبرزها تركيا وروسيا والولايات المتحدة إلى جانب إيران. ويمثل المقاتلون الأجانب في إدلب هاجسًا لدول أوروبا، لذا كان التوجه الأوروبي هو إيجاد مخرج سياسي في إدلب دون شن عمليات عسكرية، ليجنب دول أوروبا تدفق جديد لموجة لاجئين جدد وربما عودة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم.
أفغانستان
تبقى أفغانستان هي الساحة الأكثر دموية في مؤشر الإرهاب لعام 2018، فهناك سباق ما بين تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وطالبان لتنفيذ عمليات إرهابية من أجل فرض وجودها على المسرح”الجهادي”.
ليبيا
المشهد ربما يختلف نسبيا في ليبيا في أعقاب طرد تنظيم داعش من معاقله في سرت خلال عام 2018، لكن الفوضى السياسية، جعلت مشهد الإرهاب لهذا العام غير مستقر، رغم ما قامت به جماعة حفتر من جهود في تطهير بعض المدن الليبية من الميليشيات والجماعات المتطرفة. الجماعات المتطرفة خاصة الجماعات القاعدية في أفريقيا، سوف تبقى فاعلة، وتتخذ من الصحراء والجبال والمناطق الحدودية مراكز لانطلاق عملياتها.
مصر
بذلت مصر خلال عام 2018، جهود واضحة في محاربة الجماعات المتطرفة في سيناء، وأنتزعت المبادرة من تلك الجماعات، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية بالقضاء على أعشاش وبؤر الجماعات المتطرفة، واعتماد استراتيجية جديدة بتطبيق حلول جذرية لمعالجة الإرهاب وكبح التطرف، بحزمة التنمية المستدامة في مدن سيناء وبقية مدن مصر.
غرب أفريقيا
تشكل منطقة غرب أفريقيا أرضًا خصبة للجماعات المتطرفة، والتي يمكن وصفها بأنها تحولت إلى ملاذ آمن لعناصر تنظيم داعش ربما على مستوى القيادات، إلى جانب أنها حاضنة تنظيم “بوكو حرام” الموالي إلى تنظيم داعش، بعد خسارة التنظيم معاقله في سوريا والعراق وأجزاء من ليبيا.
الصومال
لم تكن الصومال بعيدة عن مسرح الجماعات المتطرفة والمشهد”الجهادي” بتنفيذ “حركة الشباب” الموالية لتنظيم داعش عمليات إرهابية، شرق أفريقيا، في ذات الوقت، تعتبر الصومال الملاذ الآمن أيضا لتنظيم القاعدة في اليمن، وخزان بشري لقياداته، تهدد القرن الأفريقي وطرق الملاحة البحرية، رغم الجهود المبذولة من التخالف العربي، لمحاربة ميليشيات الحوثية والتمرد في اليمن.
شرق وجنوب شرق أسيا: انتشار التنظيم على شكل بقع “سوداء” في الفلبين وأندونيسيا.
من المتوقع أن يتنامى تنظيم داعش في العراق، خاصة في المنطقة الغربية وحوض حمرين ومنطقة بيجي وكذلك مدينة الموصل، الأسباب الداعمة لعودة نشاط تنظيم داعش هي: الفوضى السياسية في العراق والتدخل الإيراني والأمريكي في العراق، وعدم طرح الحكومة العراقية أي استراتجية أو خطط لإعادة المهجرين والنازحين قسريًا من مناطقهم، وغياب تنفيذ خطط كبح الإرهاب والتطرف أبرزها إعادة البنى التحتيىة للمدن التي تعرضت للإرهاب واعتماد التنمية المستدامة والقضاء على البطالة.
أما في سوريا، يبدو المشهد سيكون ترك تنظيم داعش على شكل جيوب في سوريا، بدعم تركيا والولايات المتحدة وتوافق روسي أيضا، ليكون ورقة ضغط على نظام بشار الأسد، وربما يكون بديلا إلى جماعة الحماية الكردية شمال سوريا، وبدعم تركي.
تبقى أوروبا نصب أعين تنظيم داعش والجماعات المتطرفة لعام 2019، ومن المتوقع أن تتمحور عمليات التنظيم على ذات نمط عام : الطعن بالسكاكين والدهس بالعجلات 2018، مع تراجع كبير إلى دعاية تنظيم داعش على الإنترنيت وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن المتوقع، أن تكون أفغانستان على صفيح ساخن خلال عام 2019، مع تصاعد عمليات تنظيم داعش أكثر من تنظيم القاعدة وطالبان ضد أهداف مدنية رخوة، وربما انتقال بعض قيادات داعش والقاعدة من العراق وسوريا وليبيا وسيناء إلى أفغانستان، يدعم هذه الفكرة. تواجد القوات الأمربكية هناك وقوات أممية، وتقاطع ساسات أطراف دولية أيضا أبرزها روسيا وتركيا، تجعل إيجاد حل سياسي في أفغانستان معقدا خلال عام 2019 . اما في شرق وجنوب شرق أسيا ممكن ان يشهد ظهور للتنظيم على شكل “مجموعات” ضعيفة.
التنظيم من المتوقع ان يشهد تراجعا في في سيناء وليبيا مع تنامي التنظيم أكثر غرب أفريقيا وشرقها، في الصومال.
تبقى هي الأكثر تعرضًا إلى العمليات الإرهابية خلال عام 2019، مع عمليات محدود غير نوعية، على غرار الكر والفر في العراق، وعمليات، هجمات دفاعية وجيوب في سوريا، وذئاب منفردة تنفذ عمليات محدودة جدا غير نوعية في أوروبا.
*رئيس المركز الاوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات