السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
المغرب: حقوقيون يجددون دعوتهم إلى بذل المزيد من الجهد من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في الإرث
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ بعدما صادق مجلس الوزراء فى تونس على مسودة قانون الأحوال الشخصية الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، عادت قضية المساواة بين الجنسين إلى واجهة الأحداث في المغرب.
و لتكون فرصة لحقوقيون مغاربة ليجددوا دعوتهم للحكومة والبرلمان إلى الاقتداء بالخطوة التونسية في مجال إقرار المساواة في الإرث، ولبذل المزيد من الجهد من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، في عدد من المجالات بما فيها الإرث. مطالبين المؤسسات الدينية و قوى الإسلام السياسي بتقديم دعمها الأدبي لهذه الخطوة التاريخية.
هذا ووقعت 28 منظمة حقوقية عربية، ضمنها 15 منظمة مغاربية من تونس والمغرب والجزائر، بيانا مشتركا يحثون فيه الحكومات والبرلمانات العربية على نبذ ما اعتبروها “التفسيرات الضيقة للنصوص الدينية فيما يتعلق بالإرث”.
ويرى البيان، أن المؤسسات والقوى التي تضفي قداسة على هذه التفسيرات الضيقة، لا تدافع عن هذه القداسة في مواجهة حرمان المرأة حتى من نصف ميراث الرجل، مقابل الهيمنة الذكورية الكاسحة في بعض المجتمعات التقليدية في العالم العربي.
ويشار إلى أن المغرب يعرف جدلا كبيرا حول “التعصيب” النظام الذي يقوم على ما “إذا مات شخص وترك بنات فقط، فمن حق أخيه أو ابن أخيه أو عمه أو حتى ابن عمه أن يتقاسم الإرث معهن”. ويعرف ا”التعصيب” بكونه مقدار الإرث الذي يأخذه “العاصب” بعد استيفاء أصحاب “الفروض” حقوقهم. ومثاله أنه إذا توفي شخص وترك زوجة وابنا، فللزوجة وفق تقسيم الشريعة الإسلامية الثمن (يسمى فرضا) ويأخذ الابن باقي الإرث تعصيبا.
وهو النظام الذي يرى فيه الكثير “ظلما بينا للمرأة”. ويفتح نقاشا بين مؤيد لإلغاءه الذي يرى أنه لا يعقل أن ترث ابنة الشخص المتوفى جزءا فقط من ثروة أبيها، بينما يحصل أشخاص آخرون على الباقي. و معارض لإلغاءه الذي يرى فيه تمردا على الشريعة. و أن “التعصيب” جزء من نظام المواريث، وهو من الأمور القطعية التي حددتها الشريعة. لا يجوز النقاش فيها أو المطالبة بتعديلها أو رفض بعضها.
ليوقع أزيد من 1600 شخص، بينهم أكثر من 100 باحث ومثقف تدعو إلى إلغاء “التعصيب” في الإرث. وقال الموقعون: إن “التعصيب فُرض في سياق تاريخي انتهت صلاحيته، أما اليوم فتحول إلى ظلم كبير لا يتماشى مع مقاصد الإسلام، إذ لم يعد الأعمام، أو أبناء العمومة، أو الأقارب الذكور يتحملون نفقات بنات إخوتهم أو قريباتهم حتى إن كن يعانين الحاجة والعوز”.
في سياق الجدل الحاصل، أوضح محمد عبد الوهاب رفيقي، وهو أحد الموقعين على العريضة، أن المطالب بإلغاء التعصيب لا تشمل أنواعه كلها في الحقيقة، وإنما تلك التي يقع فيها ظلم بين لا يمكن الاستمرار في قبوله أو التبرير له باجتهادات قديمة تغيرت سياقاتها. مضيفا أن البنت اليوم أولى من العم، والخال وابن الأخت أولى من ابن العم، فلم حرموا هؤلاء جميعا مع أنهم اليوم أولى من أولئك المورثين.
بالمقابل يقول رئيس المجلس العلمي المحلي بالصخيرات تمارة، لحسن السكنفل، ردا على نداء تلك المنظمات، أن النصوص الدينية قطعية الثبوت والدلالة، إذ يبين أن الإنسان حينما يموت، يتكفل الله بتوزيع ماله على الورثة، و أن ما أوصى به الله في هذا الجانب يعد عادل، وأي إخلال بذلك سيكون عبثا ولعبا بالنصوص الدينية، و تسييسا للدين.