السلايدر الرئيسيشرق أوسط

حماس وتجربة الدمج بين المقاومة والحكم… بين النجاح والفشل

محمد عبد الرحمن

ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ قبل تاريخ 25 يناير عام 2006 كانت حماس حركة مقاومة لإسرائيل، وحزب معارض للسلطة الفلسطينية، إلى أن دخلت العراك الانتخابي السياسي وحصدت نسبة الحسم في مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني بنسبة 76 مقعدا من أصل 132 مقعد مجموع مقاعد المجلس، فدخلت قبة البرلمان، وترأست الحكومة الفلسطينية وبقيت منذ هذا التاريخ، حتى اليوم.

محطات كثيرة ومثيرة في العراك السياسي مرت فيها حماس، أولها حالة الانقسام الداخلي مع حركة فتح والموجهات المسلحة بين عناصر الطرفين، والتي انتهت بسيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزة بقوة السلاح.

لم تنتهي مغامرات حماس عند هذا الحد، فبعد سيطرتها على غزة دخلت في حالة فراغ سياسي ولم يبقى سواها في البرلمان بعد انسحاب ومقاطعة نواب حركة فتح التي حصدت 40% من مقاعد المجلس التشريعي، فبقيت وحدها في إدارة الحكومة التي بقيت منفصلة عن الحكومة والسلطة في الضفة الغربية.

استمرت حماس في حكم غزة وأدارت الوزارات بمفردها، واجهت قطيعة سياسية من السلطة وحصار إسرائيلي مشدد، وواجهت حروب شرسة من إسرائيل تمكنت من التصدي لها بواسطة جناحها العسكري كتائب القسام.

ولكن أمام ذلك هناك تساؤلات كثيرة يدور فلكها حول هل ما فعلته حماس من السيطرة على القطاع وإدارة حكمه منفردة هل هو في المسار الصحيح، وهل نجحت في المزاوجة بين المقاومة والسياسة، وإذا ما فعلته حماس يندرج تحت مسمى الإسلام السياسي بناءً على ما فرضته من قوانين جديدة على أهالي غزة؟..

تحقيق الأمن وغياب الخطط التنموية

الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية في المركز العربي للدراسات الاستراتيجية جلال سلمي، يجري مقارنة بين نجاح وفشل حماس خلال حكمها لغزة خلال اثنى عشر عاماً، إذ يرى أنها نجحت في جوانب، وأخفقت في أخرى، ولكنه يؤكد في الوقت ذاته أن نجاحها اقتصر على جوانب معينة نتائجها حصدته الحركة وعناصرها قبل عامة الشعب، أما الإخفاق فاكتوى بناره المحاصرين دون أن يتأثر سبب الحصار وهو حكم حماس لغزة كثيراً بما أفرزه إطباق المعابر وتضييق الحدود.

ويقول سلمي لـ””: ” النجاح الذي حققته حماس هو إنهاء “عربدة” بعض العائلات في قطاع غزة، إذ نجحت في إنهاء حالة الفلتان الأمني والصراعات الداخلية العشائرية، إضافة إلى حماية المقاومة ومساندتها، حيث نجحت في تشكيل حاضنة اجتماعية قوية تحتضن المقاومة”.

وعلى الجانب الآخر، يرى الباحث سلمي أن حماس أخفقت في إيجاد خطة تنموية شاملة لإنهاء معاناة القطاع، وتوفير مشاريع اجتماعية واقتصادية لإنعاش كافة الجوانب الحياتية المهمة، لافتا إلى أنها خصصت الوظائف الهامة لعناصرها والمؤيدين لها، دون مراعاة فرص العمل لآلاف الخريجين وأصحاب الكفاءات، والعامل الذين فقدوا مصدر رزقهم بفعل الحروب المتتالية، والحصار وإغلاق المعابر.

وتسبب غياب هذه الخطة، إسدال الستار على طموح الخريجين، وحرمان آلاف العمال من فرص العمل التي كانت متوفرة لهم قبل إغلاق المعابر وفرض الحصار، إذ تحولوا إلى عاطلين عن العمل في انتظار معونة تصلهم كل عدة أشهر، ولا تحتوي إلا على مساعدات غذائية بالكاد تسد رمق أطفالهم، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي بلغت مستويات مخيفة تجاوزت الـ 55 %، وذلك بحسب سلمي.

شرعنة المقاومة

ما ذهب إليه الباحث سلمي في رأيه دمج بين النجاح والإخفاق، وهو ما يتفق عليه الكاتب والباحث الفلسطيني المقرب من حماس حسام الدجني، ولكنه رأيه كان أكثر شمولية لكافة جوانب ومجالات الحياة في غزة، إذ يؤكد أن وجود حماس في الحكم كان له إيجابيات لا يمكن إنكارها، وسلبيات صعب إغفالها.

ويؤكد الدجني أن أهم إيجابية تحسب لحماس خلال وجودها في سدة الحكم، هو إضفاء الصفة الشرعية والقانونية للمقاومة، فهى دعمت المقاومة من خلال شرعنة وجودها بكافة أشكالها.

ويقول الباحث والكاتب الدجني:” إن السنوات الـ 12 التي تواجدت فيها حماس في حكم غزة، طورت من قوتها العسكرية وبناء الأنفاق الأرضية، فالتصنيع العسكري وبناء الأنفاق كان أحد أسباب بقاء حماس في الحكم “.

التفرد بالحكم

ولم ينكر الدجني في حديثه لـ”” إخفاق حماس في عدد المحطات خلال سيطرتها على غزة، مبرراً ذلك في قوله، معروف في كل النظم السياسية، من يحكم تتراجع شعبيته أمام الجماهير، بسبب الطموحات العالية وقلة الإمكانيات، إضافة إلى أن حماس لم تستطيع بسبب الحصار المفروض من إسرائيل، تلبية كافة متطلبات الشعب في غزة، مما أدى إلى تراجع شعبيتها.

ويشير إلى أن الحصار والتضييق الذي ما زالت تفرضه إسرائيل حتى اللحظة على قطاع غزة، يلقى بظلاله السلبية على إدارة حماس للحكم في غزة.

وعاد الدجني ليبرر فشل حماس في إدارة الحكم، قائلاً:” إن حماس تركت وحدها في الحكم، ولم تتفرد فيها من تلقاء نفسها، فالفصائل الفلسطينية رفضت المشاركة في الحكومة التي شكلتها حماس بعد الانتخابات التشريعية عام 2006، وهو ما دفعها للتفرد بالحكم، كما شاركت حماس في حكومة الوحدة الوطنية الحادية عشر، لكنه يعتقد أن الحركة بذلك دخلت لعبة ديمقراطية قبل أن تتبنى الثقافة الديمقراطية”.

المزاوجة

طالما أن حماس حركة مقاومة، فإنها عندما دخلت الحكم كان يجب عليها أن تنصف الجانبين مجتمعين، ولكن البعض يرى أنها لم تتمكن من ذلك.

المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم يرى أن أكبر فشل لحركة حماس خلال الأعوام الاثني عشر، تمثل في عدم نجاح فكرة المزاوجة بين أن تكون سلطة وحركة مقاومة وطنية، قائلاً،” عندما حاولت المزاوجة، ظهر الكثير من الأخطاء سواء على المستوى الداخلي في علاقتها بالجمهور الفلسطيني، حيث باتت جزءاً من السلطة، فمارست قمع الحريات العامة، وتفردت بحكم قطاع غزة، وأجهضت كافة اتفاقيات المصالحة، و ما زالت تتحكم بالقطاع وتدير شئونه لوحدها متجاهلة حكومة الوحدة الوطنية “.

وعلى صعيد آخر، يوضح المحلل السياسي إبراهيم أن حماس خلال تواجدها في الحكم، فشلت في أن تكون جزءًا من النظام السياسي الفلسطيني، مضيفاً:” حماس اعتبرت نفسها حركة إسلامية، هذا لا يعيبها لكنها لم تستطع توطين نفسها كحركة سياسية، وهذا حصل مؤخراً عندما أصدرت الوثيقة السياسية الجديدة، والتي جسدتها بأنها حركة إسلامية وطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق